6/15/2008

برنامج حزب الجبهة الديمقراطية

برنامج حزب الجبهة الديمقراطية


الأمن القومى والسياسة الخارجية


لم تكن مصر فى يوم من الايام بلدا منعزلا عما يدور حوله بل كانت دائما جزءا من الحركة العالمية، وفى فترات كانت رائدة ومركزا لللتطورات العالمية. فمصر بتراثها التاريخى الطويل كأهم وأطول حضارة فى حوض البحر المتوسط وفى القلب من غرب آسيا وشمال افريقيا كانت دائما لاعبا رئيسيا فى تسيير الاحداث العالمية. وعلاقات مصر مع العالم الخارجى تنبع من جذور مختلفة ومتعددة ولاهداف متنوعة. فالى جانب التراث التاريخى، فان اعتبارات الأمن القومى والحاجة الى تطوير وتدعيم الاقتصاد المحلى والرغبة فى المساهمة فى احلال مبادئ الحرية والعدالة والسلام والتاخى، كل ذلك يفرض على مصر أن تتبع سياسات خارجية فعالة ومرنة ومتحركة .
كذلك فان التطورات المعاصرة وما نتج عن التقدم التكنولوجى فى الاتصالات والمواصلات والمعلومات، وما ترتب عليه من تقريب فى المسافات وانكماش فى الزمان والمكان، جعل العالم أقرب الى القرية الكونية. ولاتملك مصر أن تعزل نفسها عن هذه الحركة العالمية لتتفاعل معها، تتأثر بها وتؤثر فيها، وبما يتفق مع مبادئها ويحقق مصالحها. فالعلاقات الخارجية لمصر يحكمها ثنائى متكامل من المبادئ والمصالح.
والسياسة الخارجية لم تعد أمرا سياسيا مطلقا وانما أصبحت تتداخل مع الاعتبارات الاقتصادية والثقافية ايضا .
وبطبيعة الاحوال فان حرص مصر على اقامة علاقات خارجية متوازنه وفعاله فى عالم أكثر ترابطا يتطلب ادراك أهم ما يجرى على الساحة العالمية من تطورات فى مراكز القوى السياسية والاقتصادية والثقافية. كذلك فان وضع مصر الجغرافى وتراثها التاريخى والثقافى يفرض عليها تطوير علاقات خاصة بدول الجوار دون التخلى عن النظرة الكلية لأوضاع المجتمع الدولى المعاصر.
وقبل هذا كله، وبعده فان الحقيقة الاساسية هنا هى ان دور مصر، وقدرتها على ممارسة هذا الدور قوة وضعفا، ترتبط بمدى قوة وسلامة الجبهة الداخلية المصرية، وسلامة بنيانها السياسى والاقتصادى.
الأمن القومى المصرى ومحدداته :
- يستند الأمن القومى لأى دولة إلى صلابة جبهتها الداخلية، وتماسك مجتمعها، وسيادة علاقات صحية بين كافة فئاتها الإجتماعية والسياسية والدينية، والتى يجب أن تضمها جبهة وطنية عريضة تعزز من الإنتماء الوطنى وتقوم على مبادئ الحرية والعدالة والديموقراطية وسيادة القانون طبقا لمبادئ تتضمنها نصوص واضحة فى دستور عصرى تتفق عليه الارادة الشعبية .
- ويرتبط الأمن القومى المصرى بالأمن العربى بشكل وثيق، كما يتأثر سلبا وإيجابا بحالة الإستقرار الإقليمى فى الشرق الأوسط على إتساعه . والحديث عن الأمن القومى لا يقتصر على الجوانب العسكرية أو السياسية بل أن الاوضاع الاقتصادية والعمل على انشاء اقتصاد عربى قوى ومتكامل أمر لايقل أهمية عن الامن السياسى والعسكرى.
- ويأتى فى مقدمة قضايا الأمن القومى المصرى ما يتعلق منها بنهر النيل واستقرار الأوضاع فى السودان، وهو مايفرض على سياستنا الخارجية عبئا خاصا لضمان إستقرار اقليم نهر النيل، وسلامة الكيان السياسى السودانى، والوقوف فى وجه محاولات تقسيمه والتى من شأنها إضعاف جبهة أمننا القومى الجنوبية وتهديد إستقرار الأوضاع بحوض نهر النيل بأكمله.

يقع الوضع المأسوى بالأراضى الفلسطينية وتوقف عملية السلام بالمنطقة، وبالتالى إزدياد حدة الصراع العربى الإسرائيلى، فى مقدمة قضايا الأمن القومى المصرى أيضا، حيث يشكل التوسع الإسرائيلى ومحاولات إسرائيل فرض هيمنتها فى المنطقة خطرا جسيما لابد أن تقف مصر والدول العربية بحسم فى مواجهته لضمان حق الشعب الفلسطينى فى وطنه، ثم التوصل الى نظام إقليمى للتسلح يشمل التخلص من جميع أسلحة الدمار الشامل وأولها السلاح النووى الإسرائيلى ، وذلك بما يكفل الأمن لجميع الأطراف من خلال إنشاء منطقة خالية من هذه الأسلحة ونظم إطلاقها. فالمنطقة لن تشهد سلاما دائما يكون فيه الأمن لطرف واحد على حساب أمن الأطراف الأخرى أو مصالح المنطقة بأكملها .
- تمثل ليبيا بموقعها الجغرافى على طول الحدود الغربية لمصر عنصرا هاما من عناصر امننا القومى، مما يستتبع وجود سياسة مصرية ثابته ونشيطة من شأنها تأمين المصالح الأمنية المصرية عن طريق إنشاء علاقات ثنائية مفيدة للطرفين وتأكيد مصلحتهما المشتركة فى التعاون فى شتى المجالات ذات التأثير على العلاقات المباشرة بين الشعبين
دوائر الدور المصرى الخارجى :
1-- الدائرة العربية
حرصت مصر دوما منذ إستقلالها على إنتمائها العربى وعلى درء أخطار التهديدات الأجنبية على المنطقة العربية بكاملها ، باعتبارها ، مصر، القلب والمركز، والهدف الغالب لأى تدخل خارجى.
ولاشك أن العلاقة الطردية بين قوة مصر وسلامة بنيانها السياسى والاقتصادى، وبين قدرة الوطن العربى على صد أى عدوان ومواجهة الأطماع الخارجية والحفاظ على سلامة الأرض العربية ماتزال تمثل احدى مسلمات الوضع العربى.
ولعل تزامن الانتكاسة السياسة والاقتصادية والثقافية التى أصابت مصر فى العقود الأربع الماضية، مع تدهور الأمن العربى، وتعرض الأراضى العربية لتدخلات أجنبية مباشرة وغير مباشرة مثل ماحدث ويحدث فى العراق ولبنان والسودان وفلسطين والصومال، يثبت بوضوح العلاقة الطردية السابق الإشارة إليها بين قوة مصر السياسة والاقتصادية والعسكرية، وبين سلامة الأرض العربية على إتساعها.
ومن المقطوع به أن هناك محاولات خارجية وضغوطا تزاول من قوى عالمية واقليمية لإقصاء مصر عن دورها العربى القائد وإضعاف علاقاتها العربية لصالح هذه القوى واهدافها الاستراتيجية، فتراخى مصر عن مزاولة دورها العربى يفتح الباب أمام القوى الخارجية لملء الفراغ الذى يسببه هذا الغياب .
وإذا ما كانت مصر بحكم موقعها الفريد، مؤهلة للإضطلاع بأكثر من دور بتعدد انتماءاتها الإقليمية ، فإنه من الضرورى ألا تختلط الأولويات وتتعارض الأدورار ، ولايجب أن تكون أى هوية اقليمية أخرى متعارضة مع شخصية مصر العربية الأصيلة ودورها العربى القائد.
وينبغى أن يحظى موضوع الاقتصاد العربى بأكبر قدر من الاهمية، وبما يحقق حماية الثروات الاقتصادية العربية ويزيد من نمائها، مع العمل على تكوين اقتصاد عربى أكثر اندماجا وتكاملا.
لقد آن لمصر أن تسترجع دورها العربى المؤثر، وأن تدفع بالعمل العربى المشترك الى مرحلة جادة ومؤثرة سياسيا واقتصاديا، وذلك عن طريق تنفيذ مشروعات تطوير الجامعة العربية باعتبارها أداة ضرورية للعمل العربى المشترك، وتفعيل إتفاقيات وآليات التعاون العربى فى مختلف المجالات.
2-- الدائرة الأفريقية
:مصر دولة إفريقية ، لعبت دائما دورا مؤثرا فى شئون القارة، سواء إبان مرحلة تحرر دولها من الاستعمار، أو مرحلة إنشاء مؤسساتها القارية وتطورها، وساهمت فى التوصل الى سياسات إفريقية موحدة تجاه مشاكل القارة، مدفوعة فى ذلك بمصالحها الهامة والمباشرة، سواء منها المتعلقة بمياه النيل، أو بالمصالح الاقتصادية .
ولعل التغلغل الإسرائيلى الواضح فى دول حوض النيل الإفريقية بالذات يدق أجراس الخطر لدينا من أجل اتباع سياسة فعالة ومؤثرة فى هذه المنطقة من القارة.
ولاشك أن إفريقيا الآن تمر بأوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة من شأن تفاقمها التأثير على المصالح المصرية، مما يجعل من الضرورى توجيه السياسة المصرية فى إفريقيا الى محاولة إيجاد صيغ جماعية جديدة لزيادة معدلات النمو الاقتصادى، وتخفيف وطأة الديون الخارجية، وتحسين شروط التجارة، وجذب الاستثمارات ، وتعزيز المساعدات الإنمائية، وتشجيع التعاون على مستوى القارة، واحتواء النزاعات ، ومحاصرة الأمراض، والعمل على تناقض أعداد اللاجئين، مع التأكيد دائما على ضرورة تسوية النزاعات الإفريقية الثنائية بالطرق السلمية.
إن مصر لا يمكن إلا أن تولى إهتماما متزايدا بالقارة الإفريقية ككل وبمنطقة القرن الإفريقى بوجه خاص والتى تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمصالح المصرية المباشرة وخاصة المتعلق منها بمياه النيل. ولعل تفاقم الوضع فى ا لصومال والتدخل الاثيوبى العسكرى هناك، بالإضافة الى تدهور الاوضاع فى السودان والتدخلات الأجنبية المتعددة فى شئون الداخلية ، يشير بوضوح الى ما يكتنفه الوضع فى هذه المنطقة الحساسة بالنسبة لنا من أخطار لا نملك إلا أن نوليها قدرا كبيرا من الإهتمام.
3-- الدائرة المتوسطية
:ان مصر العربية الإفريقية ، هى أيضا بحكم بموقعها على البحر المتوسط، ذات بعد متوسطى أصيل إتضحت معالمه فى اوائل القرن العشرين بالعلاقات الثقافية والاقتصادية المتنامية بدول الحوض وخاصة شماله الأوروبى، والتى أثمرت فى العقد الأخير من القرن العديد من الخطوات الهامة حول التعاون بين دول الحوض الأوروبية والإفريقية والآسيوية توجت باعلان برشلونه عام 1995 .
وقد كان لمصر دور رئيسى ومؤثر فى السنوات الأولى من تسعينات القرن العشرين لدفع وتنسيق التعاون بين دول المتوسط كبديل عن مشاريع التعاون الإقليمى التى روجت لها الولايات المتحدة فى ذلك الحين بهدف إدماج إسرائيل فى تعاون إقليمى لا يأخذ فى الاعتبار حقوق الشعب الفلسطينى وإستمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.
ولاشك ان التعاون المتوسطى من شأنه ، لو أحسنت إ دارته ، أن يعود على مصر بمنافع اقتصادية وسياسة وثقافية ذات شأن، بل وأن يؤدى بشكل غير مباشر الى دعم التكامل العربى وانشاء منطقة للتجارة العربية الحرة كخطوة أولية لإقامة منطقة حرة متوسطية.
4-- الدائرة الإسلامية
:لقد كان الفتح الإسلامى إيذانا بهوية جديدة كان لها أثرها البالغ فى التطور التاريخى للمجتمع المصرى، كما كانت بداية لإنتشار الإسلام فى المنطقة بشكل متسارع وجذرى ساهم فى تشكيل العالم الإسلامى على ماهو عليه الآن.
وقد أضاف وجود الأزهر الشريف منذ أكثر من الف عام ثقلا خاصا لوزن مصر الإسلامى بالاضافة الى الاعتبارات الأخرى المتعلقة بالتاريخ والجغرافيا والوزن السكانى.
ومن المسلم به أن الامة الاسلامية - وفى القلب منها العالم العربى - فى حالة تشتت وتفكك بحيث أضحت مطمعا للطامعين فى ثرواتها وفى أسواقها، بالإضافة الى خطط اسرائيل للنفاذ والتأثير فى البلاد الاسلامية بتأييد من الولايات المتحدة، وهى خطط تلقى للأسف تأييدا فى الغرب الذى تتردد فيه المقولات المدسوسة عن "الخطر الأخضر" الجديد بعد "الخطر الأحمر" المنتهى.
ولاشك أن هذا الوضع الخطير والمهين الذى يجد العالم الاسلامى نفسه فيه يفرض على مصر بصفتها دولة مؤثرة فى محيطها العربى والاسلامى أن تتعامل مع هذا الوضع تعاملا فاعلا لكى تصد عن نفسها وعن غيرها من الدول العربية والاسلامية ما يحاك لها جميعا من محاولات ترسيخ الفرقة والتشرذم فيما بينها من ناحية، وكذلك ما تتعرض له كل دولة على حده من اذكاء الفتنة سواء أكانت دينية أو مذهبية أو طائفية أو عرقية.
ولقد قامت منظمة المؤتمر الاسلامى عام 1969 بعد حريق المسجد الأقصى لكى تقف فى وجه الحملة الموجهة ضد العالم الاسلامى والأخطار المحدقة بالهوية الفلسطينية، إلا أن المنظمة للأسف لم تحقق شيئا مما أقيمت من أجله حتى الآن، بالرغم من أنه من الممكن بعث الروح فى هذه المنظمة من خلال إعادة النظر فى قانونها الأساسى، وهو ما تستطيع مصر بالكفاءات القانونية والتنظيمية المتوفرة لديها القيام به حتى يمكن لهذا التجمع الضخم أن يواجه الخطر المحدق بدولة السبع والخمسين.
ان مصر أيضا باسلامها الصحيح المعتدل هى المؤهلة للوقوف أمام المؤامرات الخطيرة والمشبوهه لتفتيت العالم الاسلامى عن طريق الوقيعة بين السنة والشيعة حتى لا تنزلق الدول الاسلامية الى هوه خطيرة من الاقتتال والتشرزم.

مصر والقوى الدولية :
1- الولايات المتحدة الأمريكية
:أدى التطور التاريخى فى أوائل التسعينات بانهيار الاتحاد السوفتيى والمنظومة الاشتراكية الى بداية عصر القطب الأوحد ممثلا فى الولايات المتحدة الأمريكية، مما فرض على دول العالم وخاصة القيادات الإقليمية منها حتمية التوصل الى صياغة متوازنة لعلاقاتها مع الولايات المتحدة تأخذ فى اعتبارها مصالحها الوطنية، وفى نفس الوقت الاعتبارات الخاصة للتعامل مع هذا القطب الأوحد.
وقد زاد من تعقيد وصعوبة إدارة العلاقات المصرية الأمريكية بالنسبة لمصر العلاقة شديدة الخصوصية وغير المسبوقة بين الولايات المتحدة والعدو التاريخى لمصر والعالم العربى ممثلا فى اسرائيل التى تسعى للسيطرة على المنطقة بأكملها بدعم من الولايات المتحدة مما يضعنا فى مصر فى وضع تصادمى مع واشنطن طالما ظلت السياسة الأمريكية على ماهى عليه .
ان ادارة العلاقات المصرية الامريكية تتطلب التوصل الى وفاق وطنى عام حول السياسة الخارجية المصرية يعتمد المصالحج الاستراتيجية المصرية فى مجملها وليس وجها واحدا من أوجهها، وجملة هذه المصالح الاستراتيجية يجب أن تكون هى المحدد الأساسى للمسار العام للعلاقات المصرية الأمريكية. فالأمن القومى المصرى ، ودور مصر المحورى فى اقليمها ، له أولويته التى يجب أن تكون محل الاعتبار. ولاشك أن حرص مصر على مكانتها فى اقليمها العربى، وتمسكها بثوابت سياساتها الخارجية وسلامه امنها القومى من شأنه أن يجعل إدارة علاقاتها بالولايات المتحدة أكثر ايجابية.
وبعبارة أخرى ، فان التمسك بالمواقف المبدئية التى قد تتعارض مع سياسة امريكا فى المنطقة من شأنها زيادة ثقل الدور المصرى، ولا يجب أن تمثل إستعداء للولايات المتحدة، ومن شأنه أن يصب فى النهاية فى صالح وزن مصر الإقليمى والذى سيؤدى بدوره الى سهولة التعامل مع الولايات المتحدة.
2- أوروبا
:تشكل أوروبا بالنسبة لمصر مجالا جغرافيا رحبا للعلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية تدعمه علاقات جوار تاريخية، وهو مجال من شأنه إذا ما أحسنت إدارته أن يعود على مصر بالكثير من الايجابيات السياسية والاقتصادية. وترتبط مصر مع الاتحاد الأوروبي باتفاقية شاملة للمشاركة استنفذت جهدا دبلوماسيا كبيرا منذ أواخر التسعينات للتوصل اليها، ومن الضرورى متابعة تنفيذها والافادة منها فى جميع المجالات. كذلك لابد من متابعة السياسة الأوروبية الجديدة والتى أطلق الاتحاد الأوروبى عليها "سياسة الجوار"، ووضع سياسة تفصيلية تلتزم بها كافة أجهزة الدولة ذات العلاقة مع أوروبا لضمان الافادة منها بشكل كامل.
3- آسيا
:إن ارتباطنا بآسيا ليس مجرد ارتباط جغرافى، وإنما ارتباط حضارى وثقافى يدفع نحو ضرورة دعم الرصيد المشترك بيننا، فضلا عما تمثله القارة الآسيوية حاليا من قوة اقتصادية تسعى لحجز مكانها فى سلم القوى العالمية.
إن تقوية العلاقات مع آسيا لم يعد خيارا اردايا بقدر ما هو تحد يجب علينا التعامل معه بجدية واقتدار من أجل زيادة مساحة التفاهم والالتقاء وتدعيم الروابط الاقتصادية والاستراتيجية معها. فالعالم بأسره يتجه شرقا، ولا يسعنا سوى اللحاق بهذا التوجه العالمى باتجاه آسيا معتمدين فى ذلك على مالدينا من روابط حضارية واستراتيجية تمثل أساسا يمكن البناء عليه.
وهو ما يفترض وجود رؤية استراتيجية واضحة ومحددة تستهدف إعادة صياغة العلاقات مع القارة الآسيوية عبر شبكة من العلاقات المالية والاقتصادية التى تحقق مصالحنا وتدفعنا الى قلب التفاعلات الاقتصادية فى عالم اليوم .
غير ان الاهتمام بالقارة الأسيوية ، يفرض ايضا تركيزا خاصا على كل من الصين والهند.من الناحية الاولى، لا يعدو الحديث عن الصين كقوة عظمى تشق طريقها نحو العالمية ، سوى مجرد قشرة طفيفة مما هو موجود فعلا على أرض الواقع، فالصين تمتلك أعلى معدلات النمو الاقتصادى ، كما تمتلك ثانى أكبر احتياطى نقدى بالدولار الأمريكى.
إن التعامل مع كقوة مثل الصين يجب أن ينطلق من إدراك عميق لمدى حاجة الصين لدعم علاقاتها مع العالم العربى وخصوصا مصر، وإدراكنا ايضا لمدى الحاجة الملحة لتدعيم علاقاتنا معها. وفى هذا الإطار يمكن أن تصبح مصر هى حلقة الوصل الرئيسية بين الصين والمشرق العربى.
اننا فى حاجة ملحة الى صياغة رؤية واقعية ذات خطة محددة تستهدف رفع العلاقات مع الصين الى مستويات أكثر عمقا تعود بالفائدة والنفع على شعبنا المصرى وأمتنا العربية.
من الناحية الثانية، وعلى الرغم من التلازم التاريخى بين تجربتى التنمية فى الهند ومصر، إلا أن الهند تخطت منذ أمد حاجز التنمية فى اطاره التقليدى، وانطلقت كى تؤسس نفسها كقوة إقليمية استراتيجية لها وزنها فى معادلات التوازن والقوة فى آسيا. وبالرغم من تشابه الظروف السياسية والاقتصادية بين مصر والهند، إلا أننا تأخرنا كثيرا على انجاز طفرة تنموية على غرار ما فعلت الهند طيلة العقود الثلاث الماضية. لذا يصبح ضروريا أن نعيد النظر للهند ليس بوصفها قوة إقليمية آسيوية فحسب، وإنما باعتبارها نموذجا ناجحا فى التنمية الذاتية، وهو ما لن يتأتى إلا من خلال تدعيم الروابط الاقتصادية والاستراتيجية بين مصر والهند ، وإعادة صياغة العلاقات باعتبارها شراكة وتوافق يمكن أن تخدم مصالح الطرفين .
إن الموقع المتميز التى تتمتع به الهند على الساحة الدولية اليوم، يمثل تحديا حضاريا لمصر يجب أن يدفعها إلى إعادة رسم دورها الإقليمى والاستراتيجى بما يتناسب مع إمكاناتنا الحقيقية .
ولابد لنا أيضا أن نشير الى قوتين إقليمتين بقارة آسيا تمثلان ثقلا خاصا فى علاقاتنا الخارجية وهما تركيا وإيران اللتان كانتا دائما طرفان أصيلان فى التفاعلات الاقليمية بالشرق الأوسط، تربطهما بالدول والمجتمعات العربية نقاط تلاق وخطوط تماس انسانية وسياسية وثقافية واقتصادية وغيرها. وقد شهدت علاقاتنا بالدولتين تطورات بعضها سلبى وبعضها إيجابى، ولكنها بقيت دائما علاقات مؤثرة وهامه. ففى الواقع لا يمكن تصور حالة سلام حقيقى بالشرق الأوسط دون أن نأخذ فى الاعتبار العلاقات المصرية الإيرانية مما يجعل من الضرورى أن تعمل الدولتان على التوصل الى مستوى مستقر للعلاقات بينهما .
كذلك، فبالرغم من الاتجاهات السياسة الخاصة لتركيا وتطلعاتها الأوروبية ، إلا أن علاقاتها بالعالم العربى هامة ولا يمكن اغفالها، وإذا ما قدر لتطلعاتها النجاح ، وهو أمر يبدو على كل حال بعيد المنال، فان تركيا العضو فى المجموعة الأوروبية تستطيع أن تلعب دورا مؤثرا فى العلاقات العربية الأوروبية بشكل عام وكعنصر وصل بين أوروبا والعالم العربى.
مصر والأمم المتحدة
:لاشك أنه من مصلحة مصر وغيرها من الدول المتوسطة ذات الدور الإقليمى وجود نظام دولى متعدد الأقطاب لا تنفرد فيه قوة واحدة بالهيمنة وإتخاذ القرار، لذلك فان مصر والدول المماثلة ذات المصلحة فى نظام دولى يتسم بالعدالة والديموقراطية، عليها الإهتمام بالامم المتحدة وتفعيلها خاصة مجلس الأمن الذى يمكن للدول ذات الأهمية الاقليمية مثل مصر أن يكون لها من خلاله اسهاما فى السياسة الدولية. لذلك، فان الدبلوماسية المصرية مطالبة بالتأكيد على أهمية دور الأمم المتحدة والوقوف فى وجه أى محاولة لتهميشها أو السيطرة على اتجهاتها، وذلك عن طريق إصلاح جوهرى يحقق ديموقراطية العمل داخلها، من أجل إقرار السلام العالمى وتوطيد علاقات التعاون الإقتصلادى والإنسانى بوجه عام بين كافة دول العالم، ولن يتأتى ذلك بدون توسيع عضوية مجلس الأمن ودعم مصداقيته، وكذلك تعزيز دور الجمعية العامة فى حفظ السلام وفقا للميثاق.

النهوض بالرياضة
يرى حزب الجبهة الديمقراطية إن ما يحدث في مصر في مجال الرياضة هو نتاج منطقى للحالة التي وصلنا إليها في كافة المجالات الأخرى. ان الرياضة في حياة الشعوب و عبر التاريخ لم تكن أبدا ترفا أو مجالا للتسلية. ولكنها أساس البنيان "البدنى" للانسان، تزيد من طاقته وصلابته ولياقته الذهنيه، وتنمي سلوكياته الشخصية و الاجتماعية، و تعبر عن قدراته و طموحاته.
ولم يقتصر تأثير الانهيار الذي حدث في المجال الرياضي في مصر علي من يمارسون الرياضة فقط، ولكنه امتد ليشمل أجهزتها الإدارية و الفنية، والصحافة و الإعلام الرياضي و الجماهير. كما أن السقوط الرياضي في مصر لم يكن فقط في مجال الممارسة والإعداد والتنافس، وإنما أيضا في الوعي الرياضي.
لقد تراجعت الحركة الرياضية في مصر بشدة فى فترة ما بين حرب 1967 و حرب 1973، حين قررت الدولة تجميد معظم الأنشطة الرياضية، إلا أننا لا نستطيع أن نقلل من مسئولية المؤسسة التعليمية و مراكز رعاية الشباب في مصر عما أصاب الرياضة المصرية منذ منتصف السبعينات.
ان حزبنا يرى أن تهميش الممارسة الرياضية في مجتمعنا قد أحدث تأثيرا سلبيا خطيرا علي السلوكيات و القيم في مجتمعنا، و أن النهوض بالرياضة في مصر يجب أن يكون بين أولويات الإصلاح الوطني خلال الأعوام القادمة.
كما أنه لابد من تضافر كافة أجهزة الدولة التنفيذية و المؤسسات التعليمية و الأهلية و قطاع الأعمال الخاص للعمل من خلال منظومة متكاملة لتحقيق نهضة رياضية حقيقية.
إعادة إنشاء قاعدة رياضية تتناسب مع ثروة مصر البشرية:
يري الحزب إنه في سبيل تحقيق هذا الهدف فإنه لابد من:
-إعادة منهج التربية البدنية كأحد المواد الأساسية في مرحلة التعليم الإلزامي، علي أن يتضمن المنهج البعد الثقافي والتربوي للرياضة إلى جانب الممارسة الرياضية المتنوعة.-مراعاة التطور الطبيعي للإعداد البدني و الرياضي لدى صغار السن، والاستفادة من التجارب العالمية التي تؤكد علي ضرورة إدراج رياضات العاب القوي و الجمباز والسباحة علي رأس الألعاب الرياضية، التي يجب أن يمارسها الطفل في مرحلة التعليم الإلزامي.
-استغلال الملاعب الموجودة داخل الحدود الجغرافية للمناطق التعليمية للمدارس التي ليس بها ملاعب، مع وضع الخطط اللازمة لإنشاء ساحات رياضية متعددة الأغراض سواء داخل أو خارج الحدود المدرسية و ذلك لتوسيع قاعدة ممارسة الرياضة لطلبة المدارس.
-تفعيل دور المحليات في توسيع القاعدة الرياضية بالمحافظات، و الاستعانة بالتخصصات الرياضية المناسبة لرفع المستوي الثقافي و البدني، و كذلك لتنمية المهارات المطلوبة للألعاب الرياضية المتخصصة.
-تفعيل دور المحليات في تنظيم اللقاءات و المسابقات الرياضية المحلية و علي مستوي المحافظات بين المدارس في مختلف الألعاب الرياضية، و الاتجاه إلي تشجيع التنوع الرياضي من خلال إقامة دورات محلية لكل الألعاب (علي نمط الدورات الأوليمبية) لزيادة الثقافة الرياضية داخل المجتمع المحلي.
-تفعيل دور المحليات في الاهتمام بتوفير النظام الغذائي و الصحي المناسب للإعداد البدني لأطفال المحافظة في مرحلة التعليم الإلزامي.
-الاتجاه في مرحلة ما بعد التعليم الأساسي لوضع سياسة قومية تهدف إلى تحفيز الشباب للتفوق الرياضي، و ذلك من خلال رعاية و تبني المتفوقين رياضيا. و نري أن يتحقق هذا من خلال إدراج التفوق الرياضي كأحد مبررات الدعم المادي للمدارس، و أيضا كحافز للمتفوق رياضيا تضاف إلى درجاته العلمية، و توفير فرص للتدريب، و الاحتكاك الرياضي من خلال تنظيم المسابقات الرياضية بين المحافظات.
-التوسع في إنشاء مراكز لرعاية الموهوبين و الموهوبات رياضيا من سن 13 إلى 18 و التي تهدف أساسا لخلق الكوادر الرياضية القادرة علي المنافسة الأوليمبية، علي أن توجه هذه الرعاية للرياضيين الهواة فقط.
-إحياء المسابقات الرياضية بالكليات و المعاهد العليا و كذلك المسابقات بين الجامعات، و إيجاد الحوافز المناسبة لرعاية الجامعات و المعاهد العليا للمتفوقين رياضيا من خلال المنح الدراسية و التدريب و الممارسة

تنشيط ثقافة الصناعة الرياضية في مجال المنشأت و التنظيم و التسويق:
ينحصر دور الدولة في نشر مراكز الشباب و الساحات الشعبية بالمحافظات بهدف إستيعاب الطاقات الشبابية و توجيهها نحو ممارسة الرياضة، إلا أن الإرتقاء بالرياضة لابد من أن يتحقق من خلال تعميم و نشر المنشآت الرياضية من خلال مساهمات المجتمع المدني و قطاع الأعمال الخاص. ويري الحزب إنه من أجل تحقيق ذلك الهدف ، فلابد من النظر فى تصنيف مفهوم الكيانات الرياضية باعتبارها مؤسسات إقتصادية تعمل علي رعاية مصالحها التجارية و تهدف إلي جعل الرياضة مصدرا للربح و وسيلة دعاية ناجحة. ويشهد العالم حاليا إرتباطا وثيقا بين الرياضة و المصالح التجارية و إن الكثير من الأندية الرياضية في العالم أصبحت تتداول أسهمها في البورصات العالمية، حيث تحولت الأندية في الكثير من بلدان العالم الديمقراطي الحر إلي مؤسسات إنتاجية. ووفق هذا المفهوم تعتبر المشاهدة و تبعاتها هي المنتج الرئيسي للأندية، وتعتبر المنشأة رأسمالا واللاعبون إستثمارا و نتائج فرقها تعكس مستوي الجودة، وبالتالي فإن المهمة الرئيسة للأندية يجب أن تكون في توسيع و تنويع دائرة المشاهدة لمنافساتها الرياضية و إيجاد سبل مبتكرة لجذب وزيادة عدد المشاهدين والإستثمار السخى فى اللاعبين والتخطيط بهدف التحسين المستمر لنتائج فرقها الرياضية مما يزيد من جذب المشاهدين وبالتالي تنافس المعلنين للحصول علي حق نشر إعلاناتهم فى خلال المباريات و المنافسات التي تخوضها الأندية بما ينعكس إيجابيا علي موارد الأندية.
وهكذا فإن مفهوم المنشأة الرياضية لابد أن يتحول من مجرد مساحات لممارسة الرياضة ليصبح بالضرورة منشأة متكاملة تجمع بين الممارسة و المشاهدة.
ولقد شهدت الأعوام الطويلة الماضية إنحدارا شديدا في إعداد و صيانة المنشآت الرياضية للأندية علي مستوي الجمهورية، كنتيجة طبيعية لإنحسار مصادر تمويل الأندية. و بالتالي فإنه علي الدولة أن توفر الحوافز المناسبة مثل الإعفاءات الضريبية المحددة المدة و تخصيص الأراضي و الإعفاء الجمركي علي بنود الإنشاء و الأجهزة و الأدوات و الملابس الرياضية المستوردة و ذلك لمشاركة المنشآت الاقتصادية في:
-إنشاء أو تمويل أو تملك النوادي الرياضية المتخصصة و المتنوعة -الإستثمار في إنشاء الملاعب و الصالات الرياضية و التي يجب أن تسعى لإستيعاب أكبر عدد من المشاهدين. -تصنيع الأجهزة و المعدات و الأدوات و الملابس الرياضية.
كما أنه من الضروري أن تتبع في صناعة المشاهدة شأنها شأن أية صناعة أحدث الطرق التسويقية القائمة علي أسس علمية كوسيلة أساسية للحصول علي أكبر قدر من الأرباح للأندية و المنشآت الرياضية، وأن يتم ذلك من خلال:
-تعميم صناعة المهرجانات الرياضية لتغطية اللقاءات الرياضية المختلفة بحيث تصبح هذه اللقاءات مناسبات جذب للأسر المصرية و الأجانب المقيمين لحضور يوم رياضي كامل يتضمن إلي جانب اللقاء الرياضي نفسه بعض العروض الترفيهية و الإعلانية و مراكزلبيع أنواع مختلفة من التذكارات الخاصة باللقاء أو شعارات الأندية أو الفرق الرياضية في صورة أدوات أو ملابس رياضية أو أعلام أو صور لللاعبين إلخ و كذلك مراكز للمأكولات و المشروبات السريعة... الخ
-تسويق الأماكن المتميزة بالمقصورة و مدرجات الأولي الممتازة فى المباريات الأكثر أهمية مقابل مبالغ تتناسب مع ما قد توفره الأندية من خدمة للشخصيات التي ترغب في مشاهدة المباريات و الحصول علي مثل تلك الخدمات، وقد تمتد إلي ترتيب لقاءات بين بعض شخصيات رجال الأعمال و الإقتصاد والمال . -تسويق التذاكر الموسمية بالمقصورة والدرجات المختلفة في مقابل مزايا إضافية قد تشمل دعما جزئيا لقيمة الإنتقال بين المحافظات أو خصم علي المشتريات المعروضة أثناء اللقاءات إلخ
-تشجيع إنشاء القنوات التليفزيونية الرياضية الخاصة في إطار تنافسي يسمح بتشفير النقل الحصري للمباريات و المسابقات مع عمل إشتراكات تتناسب مع الإمكانات المادية لأوسع قطاع من الجماهير والسماح بالإشتراك الجماعي فى الساحات والمراكز الرياضية الشعبية والأندية الرياضية الخاصة.
-تشجيع رعاية و دعم الفرق الرياضية بواسطة الشركات و المنشآت الإقتصادية في في إطار يسمح بالإعلان لمنتجات المنشآت الإقتصادية الراعية بما يتناسب مع حجم المشاهدة للفرق الرياضية.
-الإستفادة بالخبرات العالمية المتخصصة في مجال تنظيم وتسويق وإقامة الدورات الرياضية في مختلف الألعاب بهدف الإستفادة من إمكانات مصر السياحية و الحضارية و البشرية في جذب و إستقطاب العديد من الدورات القارية و العربية و الأوليمبية و العالمية في مصر

إعادة هيكلة الإدارة الرياضية:
لابد من التعامل مع الرياضة في مصر بمفهوم شامل يستهدف الإهتمام بالإعداد الرياضي (المراحل السنية من 6 سنوات حتي 21 سنة) و بالهواية (الرياضة للجميع) و بالإحتراف الرياضي و بالمنتخبات القومية و بالثقافة الرياضية.
كما أنه لابد من الإعتماد علي تكنولوجيا المعلومات و الإحصاءات في تقييم التأثيرات الجغرافية و المعيشية و الإجتماعية و الثقافية علي البنية البشرية في مصر و التي قد تختلف بين أهل الجنوب و الشمال و بين أهل الريف و الحضر و بين البنين و البنات بحيث يمكن تحديد الألعاب الرياضية الأكثر مواءمة من الناحية البيئية و التي يمكن للشباب المصري أن يمارسها و يتفوق فيها عالميا.
كما أنه لابد من إتباع النظم العلمية في مجال الإدارة و الموازنة بما يكفل التخطيط و المتابعة و الرقابة لتفادي العشوائية و الإهدار و بحيث تتحقق الرؤية المستقبلية للرياضة من خلال دراسة و تحليل الواقع الرياضي الذي نعيشه من حيث الموارد البشرية و الإمكانيات المالية و فرص التطوير المتاحة في مجال تنمية الرياضة المصرية
كما أنه من الضروري إعادة النظر في الهياكل الإدارية للرياضه في مصر و تنويع المؤسسات الرياضية بما يتناسب مع تعدد الأهداف. وقد يكون من المناسب أن نقترح الآتي:
-إنشاء وزارة مركزية للرياضة مهمتها الأساسية النهوض بالرياضة في كافة المجالات البدنية والتثقيفية والترفيهية والتنافسية وإتباع التخطيط والمنهج العلمي بهدف توفير الدعم المالي و الفني من خلال المؤسسات التعليمية والأهلية وقطاع الأعمال الخاص علي المستوي المركزي و من خلال التنسيق مع المحافظات للإرتقاء بالمنظومة الرياضية المصرية
-إنشاء قطاع رياضي تابع لوزير التربية و التعليم و يتبعه قطاع رياضي لكل إدارة تعليمية علي مستوي المحافظة و يتولي القطاع الرياضي مهمة تنفيذ سياسة الدولة في مجال الرياضة بالمدارس والمؤسسات التعليمية التي تتبع وزارة التربية والتعليم ومن خلال القنوات المجتمعية والفنية التي توفرها جهود وزارة التعليم و تنظيم المسابقات الرياضية بين الفرق الرياضية علي مستوي الجمهورية والتي يتم تصعيدها من خلال مسابقات محلية علي مستوي المحافظة.
-يتولي القطاع الرياضي بالإدارة التعليمية بكل محافظة مهمة الإشراف علي تنفيذ مناهج التربية الرياضية بالمراحل السنية المختلفة بالمدارس و متابعة توفير الدعم المجتمعي و الفني في صورة تدريب و رعاية طبية و أدوات و أجهزة رياضية و تنظيم المسابقات الرياضية بين كافة الفرق الرياضية بالمدارس علي مستوي المحافظة.
- العمل علي إنشاء مؤسسة أهلية للرياضة بالجامعات، مهمتها توفير كافة البرامج و الأنشطة الرياضية بالجامعات و تنظيم و إدارة المسابقات و المنافسات الرياضية بين كافة الفرق الرياضية بالجامعات علي مستوي الجمهورية و ترويج مشاركة الفرق الرياضية في منافسات و مسابقات مع الفرق الرياضية بالجامعات بالخارج.
-استقلال مجالس إدارات الاتحادات الرياضية المحلية عن الدولة، مع إعادة تعريف الجمعيات العمومية للاتحادات الرياضية بما يعبر عن حجم و كفاءة و تأثير المؤسسات الرياضية علي حاضر و مستقبل اللعبة. -الالتزام بالأسس الموضوعة بواسطة الاتحادات الدولية في مختلف الألعاب في إدارة الاتحادات المحلية للأنشطة الرياضية.
-إهتمام الإتحادات و الأندية الرياضية بتنمية قاعدة المدربين الرياضيين في جميع الألعاب من خلال الإستفادة بالمعايير و الأسس الدولية للإختيار و الإعداد العلمي و التدريبي و تبادل الخبرات و تنظيم الإحتكاك بمدارس التدريب المتقدمة بهدف الإرتقاء بتكنولوجيا التدريب بالملاعب المصرية
-إنشاء نقابة عامة للرياضيين المحترفين تتولى مسئولية الحفاظ علي حقوق الرياضيين المحترفين المصريين، و العمل علي تأمين مستقبلهم بعد اعتزالهم، و كذلك إيجاد أفضل السبل للاستفادة من خبراتهم و قدراتهم في المجال الرياضي.

الإرتقاء بالعملية الرياضية:
-الإرتقاء بالتدريب و الطب الرياضي المتخصص للمراحل السنية المختلفة و التي تختلف عن التدريب و الطب الرياضي للكبار و بالأسلوب الذي يحقق إستمرار القدرات الرياضية للطفل و الشاب بنفس درجات التفوق حين يتم تصعيدهم لمسابقات الكبار
-التوعية بأهمية مزاولة الرياضة للإناث والفتيات علي نفس المستوي التنافسي و التنوعي للذكور و الشباب -تفعيل الطب النفسي الرياضي كإحد أدوات الإعداد الرياضي في مصر.
-وضع نظام جديد للاحتراف يهدف إلى الارتقاء بالرياضة المصرية للمنافسة المحلية و الإقليمية والقارية والعالمية، علي أن يشمل هذا النظام أيضا الاحتراف الإداري و الفني و التحكيمي و الإعلامي.
-وضع ميثاق شرف للرياضيين المصريين يؤكد علي البعد الأخلاقي و السلوكي للرياضي بما يتناسب مع أهمية دور الرياضي في تمثيل بلده و ثقافة مجتمعه في المحافل الدولية، و في بث الروح الرياضية السمحة في الملاعب المصرية.
-الإرتقاء بثقافة الإعلام و النقد الرياضي بهدف تحفيز الهواية الرياضية و جذب المشاهدة و دعم الروح الرياضية و تعزيز مفهوم الفوز والخسارة في الرياضة و الموضوعية في تقييم الأداء والمستوي الرياضي والمحاسبة المسئولة للمنظومة الرياضية
-الالتزام بإقامة المسابقات الرياضية الرسمية في عطلة نهاية الأسبوع أو ليلا في الأيام العادية، وعدم السماح بإقامة هذه المسابقات في أوقات العمل الرسمية.
-إعادة النظر في جدوي بطولة الشركات و الهدف منها.
-إستمرار الإهتمام برياضة المعاقين و دعم مشاركة المتفوقين منهم في المسابقات المحلية والإقليمية و العالمية
-العمل من خلال الاتحادات العربية علي إعادة تصنيف المسابقات و الدورات الرياضية بين الشباب العربي ضمن أولويات الأنشطة الرياضية في مصر وباقي الدول العربية سواء علي مستوي الأندية أو الفرق القومية، و كذلك الاستفادة من هذه اللقاءات في رفع مستوي الوعي الرياضي بين الجماهير العربية و العمل علي إحياء مفهوم التآخي العربي والتنافس الرياضي الشريف والذي يهدف إلى رفع المستوي الرياضي لكافة الدول العربية.

قضايا‏ ‏البيئة‏

قضايا‏ ‏البيئة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏
يتحدث‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏الآن‏ ‏عن‏ ‏قضايا‏ ‏البيئة‏ ‏ليس‏ ‏كقضايا‏ ‏منفصلة‏ ‏ولكن‏ ‏باعتبارها‏ ‏أحد‏ ‏المكونات‏ ‏الثلاثة‏ ‏للتنمية‏ ‏المستدامة‏ ‏التي‏ ‏اعتمدها‏ ‏المجتمع‏ ‏الدولي‏ ‏كطريق‏ ‏وحيد‏ ‏للتنمية‏. ‏هذه‏ ‏المكونات‏ ‏هي: ‏النمو‏ ‏الاقتصادي‏ - ‏التنمية‏ ‏الاجتماعية‏ - ‏حماية‏ ‏البيئة.
وبذلك‏ ‏أصبح‏ ‏الحديث‏ ‏عن‏ ‏البيئة‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏ما‏ ‏يجري‏ ‏حولنا‏ ‏ويؤثر‏ ‏في‏ ‏عملية‏ ‏التنمية‏ ‏ببعديها‏ ‏الاقتصادي‏ ‏والاجتماعي‏ ‏وبالتالي‏ ‏يؤثر‏ ‏بصورة‏ ‏مباشرة‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏مباشرة‏ ‏في‏ ‏البيئة.
فما‏ ‏الذي‏ ‏يجري‏ ‏حولنا‏ ‏؟
هناك‏ ‏عدد‏ ‏من‏ ‏الظواهر‏ ‏دخل‏ ‏بها‏ ‏العالم‏ ‏القرن‏ ‏الحادي‏ ‏والعشرين‏ ‏يتصل‏ ‏بعضها‏ ‏بالمجالين‏ ‏الاجتماعي‏ ‏والاقتصادي‏ ‏ويتصل‏ ‏البعض‏ ‏الآخر‏ ‏بمجال‏ ‏البيئة‏ ‏وتضم‏ ‏المجموعة‏ ‏الأولي‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏ماتضم:‏
‏1 - ‏ظهور‏ ‏التكتلات‏ ‏الاقتصادية‏ ‏الاقليمية‏ ‏الضخمة‏ ‏مثل: ‏الاتحاد‏ ‏الأوروبي‏ ‏والنافتا‏ ‏وأسب.
‏2 - ‏الاندماجات‏ ‏المتكاثرة‏ ‏والمستمرة‏ ‏بين‏ ‏الشركات‏ ‏والبنوك‏ ‏العملاقة‏.‏
‏3 - ‏الانتقال‏ ‏من‏ ‏عصر‏ ‏الثورة‏ ‏الصناعية‏ ‏الي‏ ‏عصر‏ ‏المعلومات‏ ‏والمعلوماتية‏.‏
‏4 - ‏التقدم‏ ‏المذهل‏ ‏في‏ ‏الأنواع‏ ‏الجديدة‏ ‏من‏ ‏التكنولوجيا‏ ‏الحيوية‏, ‏خاصة‏ ‏الهندسة‏ ‏الوراثية‏.‏
‏5 - ‏اطراد‏ ‏النمو‏ ‏العالمي‏ ‏للسكان.
‏6 - ‏ازدياد‏ ‏الفجوة‏ ‏بين‏ ‏الأغنياء‏ ‏والفقراء‏ ‏حتي‏ ‏أصبح‏ ‏ما‏ ‏يملكه‏ 358 ‏فردا‏ ‏من‏ ‏أثرياء‏ ‏العالم‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يملكه‏ 45% ‏من‏ ‏الفقراء‏ - 2300 ‏مليون‏ ‏إنسان.
‏7 - ‏تحسن‏ ‏وضع‏ ‏المرأة‏ ‏تعليميا‏ ‏واجتماعيا‏.‏
‏8 - ‏تغير‏ ‏طبيعة‏ ‏العمل‏ ‏وما‏ ‏تبعه‏ ‏من‏ ‏زيادة‏ ‏أوقات‏ ‏الفراغ‏ ‏والحاجة‏ ‏الي‏ ‏إعادة‏ ‏التأهيل.
‏9 - ‏الإرهاب‏ ‏والنزاعات‏ ‏الدينية‏ ‏والعرقية‏.‏
‏10 - ‏الجريمة‏ ‏المنظمة.
‏11 - ‏بروز‏ ‏قضايا‏ ‏حقوق‏ ‏الانسان‏ ‏والحوكمة‏ ‏واللامركزية‏.‏
‏12 - ‏تنامي‏ ‏دور‏ ‏المجتمع‏ ‏المدني‏, ‏خاصة‏ ‏الجمعيات‏ ‏الأهلية‏.‏
المجموعة‏ ‏الثانية‏ ‏من‏ ‏الظواهر‏ ‏التي‏ ‏دخل‏ ‏بها‏ ‏العالم‏ ‏القرن‏ ‏الجديد‏ ‏تتعلق‏ ‏بمجال‏ ‏البيئة‏ - ‏الطبيعية‏ ‏والمبنية‏. ‏هذه‏ ‏الظواهر‏ ‏تضم‏ ‏أيضا‏ ‏من‏ ‏بين‏ ‏ما تضم:‏
‏1 - ‏نقص‏ ‏المياه‏ ‏العذبة.
‏2 - ‏الزيادة‏ ‏الضخمة‏ ‏في‏ ‏اعداد‏ ‏المدن‏ ‏الكبري‏ ‏التي‏ ‏يتجاوز‏ ‏عدد‏ ‏سكان‏ ‏كل‏ ‏منها‏ ‏الملايين‏ ‏العشرة‏.‏
‏3 - ‏عودة‏ ‏امراض‏ ‏قديمة‏ ‏وانتشار‏ ‏امراض‏ ‏جديدة‏.‏
‏4 - ‏مشكلات‏ ‏البيئة‏ ‏العالمية‏ ‏التي‏ ‏تؤثر‏ ‏علينا‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏تأثيرات‏ ‏مباشرة‏.‏
وفي‏ ‏مقدمتها‏ ‏تغير‏ ‏المناخ‏ ‏وارتفاع‏ ‏درجة‏ ‏حرارة‏ ‏العالم‏ ‏وفقد‏ ‏التنوع‏ ‏البيولوجي‏ ‏والزيادة‏ ‏المطردة‏ ‏في‏ ‏انتاج‏ ‏ونقل‏ ‏النفايات‏, ‏خاصة‏ ‏الخطرة‏ ‏منها‏ ‏وازدياد‏ ‏انتاج‏ ‏وتداول‏ ‏الكيماويات‏ ‏السامة‏ ‏وزيادة‏ ‏البحار‏, ‏خاصة‏ ‏السواحل‏ ‏والمناطق‏ ‏الشاطئية.
يستلزم‏ ‏هذا‏ ‏العرض‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏للحزب‏ ‏رؤية‏ ‏واضحة‏ ‏لقضايا‏ ‏البيئة‏ ‏علي‏ ‏المدي‏ ‏القصير‏ ‏والمتوسط‏ ‏والطويل‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏برامج‏ ‏التنمية‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والاجتماعية‏ ‏التي‏ ‏ينبغي‏ ‏تحقيقها.
ويري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏أبعادا‏ ‏ثلاثة‏ ‏لعمله‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏البيئة‏ ‏في‏ ‏مصر‏:‏
أولا‏ - ‏التشريعات‏ ‏البيئية:‏
‏1 - ‏بعد‏ ‏اثني‏ ‏عشر‏ ‏عاما‏ ‏علي‏ ‏صدور‏ ‏قانون‏ ‏البيئة‏ ‏رقم‏ 4 ‏يعاد‏ ‏النظر‏ ‏حاليا‏ ‏فيه‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏كل‏ ‏المستجدات‏ ‏المحلية‏ ‏والعالمية.
ونحن‏ ‏في‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏نسعي‏ ‏لتحقيق‏ ‏التعديلات‏ ‏التالية‏:‏
‏1-1 - ‏تأكيد‏ ‏أن‏ ‏جهاز‏ ‏شئون‏ ‏البيئة‏ ‏هو‏ ‏الجهة‏ ‏الوحيدة‏ ‏المسئولة‏ ‏عن:‏
أ‏ - ‏تحديد‏ ‏نوعية‏ ‏تقارير‏ ‏التقييم‏ ‏البيئي‏ ‏اللازمة‏ ‏لكل‏ ‏مشروع‏ ‏وبصفة‏ ‏خاصة‏ ‏المشروعات‏ ‏الضخمة‏ ‏التي‏ ‏تنفذها‏ ‏الدولة‏ ‏مثل‏ ‏مشروع‏ ‏توشكي‏ ‏وجنوب‏ ‏خليج‏ ‏السويس‏, ‏والموانئ‏ ‏والمطارات‏ ‏ومحاور‏ ‏التنمية‏ ‏والطرق‏ ‏السريعة‏ .. ‏الخ‏ ‏
ب‏ - ‏القرار‏ ‏النهائي‏ ‏لقبول‏ ‏أو‏ ‏رفض‏ ‏تقرير‏ ‏التقييم‏ ‏البيئي‏.‏
ج‏ - ‏حق‏ ‏غلق‏ ‏المنشأة‏ ‏التي‏ ‏تسبب‏ ‏أضرارا‏ ‏بيئية‏ ‏واضحة‏ (‏مع‏ ‏تحديد‏ ‏دقيق‏ ‏لمفهوم‏ ‏كلمة‏ ‏واضحة‏) .‏
‏2-1 - ‏التزام‏ ‏الجهاز‏ ‏بنشر‏ ‏بيانات‏ ‏واضحة‏ ‏اذاعية‏ ‏وتليفزيونية‏ ‏وصحفية‏ ‏دورية‏ ‏عن‏ ‏تلوث‏ ‏الهواء‏ ‏والماء‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏حدوث‏ ‏نوبات‏ ‏تلوث‏ ‏حادة‏ ‏لأي‏ ‏منهما‏ ‏والاجراءات‏ ‏الواجب‏ ‏اتباعها.
‏3-1 - ‏يحدد‏ ‏الجهاز‏ ‏الحوافز‏ ‏التي‏ ‏تقدم‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏تشجيع‏ ‏المستثمرين‏ ‏علي‏ ‏اتباع‏ ‏اسلوب‏ ‏الانتاج‏ ‏الأنظف‏ ‏ومنع‏ ‏التلوث‏ ‏أو‏ ‏الحد‏ ‏منه‏ ‏الي‏ ‏أبعد‏ ‏حد‏ ‏ممكن.

‏2 - ‏استصدار‏ ‏قانون‏ ‏جديد‏ ‏أو‏ ‏نص‏ ‏جديد‏ ‏في‏ ‏تعديلات‏ ‏قانون‏ ‏البيئة‏ ‏الحالي‏ ‏خاص‏ ‏بتنظيم‏ ‏الاشتغال‏ ‏بمهنة‏ ‏البيئة‏ ‏وحمايتها‏ ‏ممن‏ ‏ليسوا‏ ‏مؤهلين‏ ‏لها.
ثانيا‏ - ‏المؤسسات‏ ‏البيئية:
نري‏ ‏ضرورة:‏
أ‏ - ‏تحديد‏ ‏واضح‏ ‏لدور‏ ‏وزير‏ ‏الدولة‏ ‏لشئون‏ ‏البيئة.
ب‏ - ‏تحديد‏ ‏واضح‏ ‏لعلاقة‏ ‏جهاز‏ ‏شئون‏ ‏البيئة‏ ‏برئاسة‏ ‏مجلس‏ ‏الوزراء‏ ‏المنصوص‏ ‏عليها‏ ‏في‏ '‏أولا‏' ‏ودعمه‏ ‏بالكوادر‏ ‏القادرة‏, ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏التقييم‏ ‏البيئي‏ ‏والرصد‏ ‏البيئي‏ ‏والتفتيش‏ ‏البيئي.
ثالثا‏ - ‏قضايا‏ ‏البيئة‏ ‏الملحة:‏
‏1 - ‏تلوث‏ ‏الهواء‏ ‏والسحابة‏ ‏السوداء:‏
يلزم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الموضوع:‏
أ‏ - ‏التحديد‏ ‏العلمي‏ ‏الصحيح‏ ‏لكل‏ ‏مسببات‏ ‏تلوث‏ ‏الهواء‏ ‏ونوباته‏ ‏الحادة‏ (‏السحابة‏ ‏السوداء‏) ‏وإعلانها‏ . ‏هذه‏ ‏المسببات‏ ‏تتضمن‏ ‏مخرجات‏ ‏الصناعة‏ ‏ووسائل‏ ‏النقل‏ ‏والحرق‏ ‏المكشوف‏ ‏للقمامة‏ ‏وحرق‏ ‏المخلفات‏ ‏الزراعية‏ ‏وارتباط‏ ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏بالظروف‏ ‏الجوية‏ ‏وطبوغرافية‏ ‏المدن‏ ‏المصرية‏, ‏خاصة‏ ‏القاهرة‏ ‏الكبري.
ب‏ - ‏الرصد‏ ‏الدقيق‏ ‏المستمر‏ ‏للملوثات‏ ‏مع‏ ‏التنسيق‏ ‏الكامل‏ ‏بين‏ ‏نشاط‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏وجهاز‏ ‏شئون‏ ‏البيئة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الصدد.
ج‏ - ‏التنفيذ‏ ‏الجاد‏ ‏لكل‏ ‏القوانين‏ ‏والقرارات‏ ‏الخاصة‏ ‏بحماية‏ ‏الهواء‏ ‏من‏ ‏التلوث‏ ‏وفي‏ ‏مقدمتها:‏
‏- ‏قانون‏ ‏رقم‏ 38 ‏لسنة‏ 1967 ‏في‏ ‏شأن‏ ‏النظافة‏ ‏العامة.
‏- ‏المادة‏ 72 ‏مكرر‏ ‏من‏ ‏قانون‏ ‏المرور‏ ‏رقم‏ 66 ‏لسنةة‏ 1972 ‏والتي‏ ‏تمت‏ ‏اضافتها‏ ‏عام‏ 1999 ‏وتنص‏ ‏علي: ‏يعاقب‏ ‏بغرامة‏ ‏لاتقل‏ ‏عن‏ ‏خمسين‏ ‏جنيها‏ ‏ولاتزيد‏ ‏علي‏ ‏خمسمائة‏ ‏جنيه‏ ‏مع‏ ‏سحب‏ ‏رخصة‏ ‏القيادة‏ ‏لمدة‏ ‏لاتقل‏ ‏عن‏ ‏ثلاثين‏ ‏يوما‏ ‏ولاتزيد‏ ‏علي‏ ‏ستين‏ ‏يوما‏ ‏كل‏ ‏قائد‏ ‏مركبة‏ ‏تتسبب‏ ‏في‏ ‏تلويث‏ ‏الطريق‏ ‏بالقاء‏ ‏أي‏ ‏فضلات‏ ‏أو‏ ‏مخلفات‏ ‏منها‏ .. ‏وكل‏ ‏من‏ ‏قاد‏ ‏مركبة‏ ‏في‏ ‏الطريق‏ ‏تصدر‏ ‏اصواتا‏ ‏مزعجة‏ ‏أو‏ ‏ينبعث‏ ‏منها‏ ‏دخان‏ ‏كثيف‏ ‏أو‏ ‏رائحة‏ ‏كريهة.
وقد‏ ‏نصت‏ ‏المادة‏ 367 (‏فقرة‏ 6) ‏من‏ ‏قرار‏ ‏وزير‏ ‏الداخلية‏ 2777 ‏لسنة‏ 2000 ‏باصدار‏ ‏اللائحة‏ ‏التنفيذية‏ ‏لقانون‏ ‏المرور‏ ‏علي‏ ‏نفس‏ ‏الشئ.
ويعني‏ ‏هذا‏ ‏عدم‏ ‏الاكتفاء‏ ‏بفحص‏ ‏عادم‏ ‏المركبة‏ ‏عند‏ ‏تجديد‏ ‏الترخيص‏ ‏ولكن‏ ‏التركيز‏ ‏بصورة‏ ‏كبيرة‏ ‏علي‏ ‏الفحص‏
‏المفاجئ‏ ‏أثناء‏ ‏السير.
‏- ‏مواد‏ ‏القانون‏ ‏رقم‏ 4 ‏لسنة‏ 1994 ‏الخاصة‏ ‏بالتلوث‏ ‏الناتج‏ ‏عن‏ ‏الصناعة‏ ‏وتحديد‏ ‏واضح‏ ‏لدور‏ ‏المحليات‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال.

‏- ‏القرارات‏ ‏الوزارية‏ ‏الخاصة‏ ‏بحرق‏ ‏المخلفات‏ ‏الزراعية.
‏2 - ‏تلوث‏ ‏المياه:‏
أ‏ - ‏التطبيق‏ ‏الحازم‏ ‏لقانون‏ ‏البيئة‏ 4 ‏لسنة‏ 1994 ‏وقانون‏ ‏النيل‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الشأن.
ب‏ - ‏وضع‏ ‏كل‏ ‏الضمانات‏ ‏حتي‏ ‏لا تستخدم‏ ‏مياه‏ ‏الصرف‏ ‏الصحي‏ ‏المعالجة‏ ‏معالجة‏ ‏أولية‏ ‏أو‏ ‏ثانوية‏ ‏إلا‏ ‏في‏ ‏ري‏ ‏الأشجار‏ ‏الخشبية‏ ‏وحظر‏ ‏استخدامها‏ ‏في‏ ‏زراعة‏ ‏أي‏ ‏محاصيل‏ ‏تدخل‏ ‏في‏ ‏غذاء‏ ‏الانسان‏ ‏أو‏ ‏الحيوان‏ ‏وتجريم‏ ‏من‏ ‏يقوم‏ ‏بذلك.
ج‏ - ‏مراجعة‏ ‏المواصفات‏ ‏الخاصة‏ ‏بمياه‏ ‏الشرب‏ ‏مراجعة‏ ‏دقيقة‏ ‏وضمان‏ ‏وصولها‏ ‏الي‏ ‏المستهلك‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏مكان‏ ‏طبقا‏ ‏لهذه‏ ‏المواصفات‏.‏ولعل‏ ‏ما حدث‏ ‏أخيرا‏ ‏في‏ ‏الدقهلية‏ ‏مثال‏ ‏واضح‏ ‏لما‏ ‏وصلت‏ ‏إليه‏ ‏الأمور‏ ‏من‏ ‏تدهور. د‏ - ‏الرصد‏ ‏الدقيق‏ ‏والمستمر‏ ‏مع‏ ‏التنسيق‏ ‏الكامل‏ ‏بين‏ ‏أنشطة‏ ‏جهاز‏ ‏شئون‏ ‏البيئة‏ ‏ووزارتي‏ ‏الموارد‏ ‏المائية‏ ‏والصحة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الشأن.
‏3 - ‏تلوث‏ ‏البحار: ‏
أ‏ - ‏التنفيذ‏ ‏الدقيق‏ ‏لقانون‏ 4 ‏لسنة‏ 1994 ‏في‏ ‏شأن‏ ‏البيئة‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏البيئة‏ ‏البحرية.ب‏ - ‏التطبيق‏ ‏الدقيق‏ ‏لاتفاقية‏ ‏البحار‏ ‏والقوانين‏ ‏المحلية‏ ‏المبنية‏ ‏عليها‏ ‏فيما‏ ‏يخص‏ ‏نقل‏ ‏الركاب‏ ‏والبضائع‏ ‏وبخاصة‏ ‏البترول‏ ‏وحماية‏ ‏المناطق‏ ‏البحرية‏ ‏الإقليمية‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏تصرف‏ ‏خاطئ‏ ‏من‏ ‏تلك‏ ‏السفن.
‏4 - ‏المخلفات‏ ‏الصلبة‏ ‏والنفايات‏ ‏والمواد‏ ‏الخطرة:‏
أ‏ - ‏تشجيع‏ ‏تدوير‏ ‏المخلفات‏ ‏الصلبة‏ ‏باعتبارها‏ ‏مواد‏ ‏أولية‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏الخطأ‏ ‏في‏ ‏الموعد‏ ‏الخطأ‏, ‏ووضع‏ ‏الحوافز‏ ‏التي‏ ‏تشجع‏ ‏الناس‏ ‏جميعا‏ ‏علي‏ ‏المشاركة‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏العملية.
ب‏ - ‏بناء‏ ‏مدافن‏ ‏صحية‏ ‏طبقا‏ ‏للمواصفات‏ ‏العالمية‏ ‏في‏ ‏أماكن‏ ‏تدرس‏ ‏جيدا‏ ‏قبل‏ ‏الإنشاء‏ ‏في‏ ‏أنحاء‏ ‏الجمهورية‏ ‏لتلقي‏ ‏النفايات‏ ‏الخطرة.
ج‏ - ‏تحديد‏ ‏دقيق‏ ‏لأساليب‏ ‏التعامل‏ ‏مع‏ ‏النفايات‏ ‏والمواد‏ ‏الخطرة‏ ‏والعقوبات‏ ‏الرادعة‏ ‏للمخالفين‏ ‏لأي‏ ‏من‏ ‏هذه‏ ‏الأساليب.
إن‏ ‏مواجهة‏ ‏هذه‏ ‏المشكلات‏ ‏تستلزم‏ ‏إنشاء‏ ‏قاعدة‏ ‏بيانات‏ ‏موحدة‏ ‏في‏ ‏جهاز‏ ‏شئون‏ ‏البيئة‏ ‏تصب‏ ‏فيها‏ ‏كل‏ ‏نتائج‏ ‏الرصد‏ ‏البيئي‏ ‏من‏ ‏الاجهزة‏ ‏المختلفة‏ ‏بالدول‏ ‏لتكون‏ ‏أساسا‏ ‏لخطط‏ ‏وبرامج‏ ‏حماية‏ ‏البيئة.
هذه‏ ‏المشكلات‏ ‏الأربع‏ ‏هي‏ ‏المشكلات‏ ‏العاجلة‏ ‏التي‏ ‏تحتاج‏ ‏الي‏ ‏حلول‏ ‏سريعة‏ ‏وعاجلة‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تفاقم‏ ‏الوضع‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏منها‏ ‏الي‏ ‏درجة‏ ‏الخطر.
أما‏ ‏رؤية‏ ‏الحزب‏ ‏لقضية‏ ‏البيئة‏ ‏علي‏ ‏المديين‏ ‏المتوسط‏ ‏والطويل‏, ‏فستتم‏ ‏صياغتها‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏دراسة‏ ‏متأنية‏ ‏لمجموعة‏ ‏من‏ ‏كبار‏ ‏المتخصصيين‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏البيئة‏ ‏تعمل‏ ‏لمدة‏ ‏عام‏ ‏بعد‏ ‏إنشاء‏ ‏الحزب‏ ‏ثم‏ ‏تترجم‏ ‏هذه‏ ‏الرؤية‏ ‏الي‏ ‏خطط‏ ‏وبرامج‏ ‏محددة‏ ‏المدة‏ ‏معروفة‏ ‏التمويل‏ ‏ومصادره‏ . ‏

حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام
تقديم‏ : ‏
الديمقراطية‏ ‏وحرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ :‏
لا مجال‏ ‏للحديث‏ ‏عن‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏الديمقراطي‏ ‏المنشود‏ ‏في‏ ‏مصر‏, ‏إلا‏ ‏من‏ ‏زاوية‏ ‏تاكيد‏ ‏وترسيخ‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏. ‏فلا‏ ‏معني‏ ‏لصحافة‏ ‏واعلام‏ ‏حقيقيين‏ ‏بدون‏ ‏بيئة‏ ‏ديمقراطية‏ ‏حاضنه‏ ‏ومؤاتية‏ ‏لحرية‏ ‏الصحافة, ‏ولا‏ ‏معني‏ ‏للديمقراطية‏ ‏بدون‏ ‏صحافة‏ ‏حرة‏ ‏واعلام‏ ‏حر‏. ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏المدخل‏ ‏الأساسي‏ ‏الذي‏ ‏يطرح‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏حزبنا‏ ‏رأية‏ ‏ورؤيته‏ ‏لوضع‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏في‏ ‏مصر‏.‏
إن‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏ترتبط‏ ‏بتأمين‏ ‏حقوق‏ ‏جميع‏ ‏المواطنين‏ ‏في‏ ‏التعبير‏ ‏عن‏ ‏ارائهم‏ ‏بحرية‏ ‏عبر‏ ‏جميع‏ ‏الوسائط‏ ‏المتاحة‏, ‏دون‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏رخصة‏ ‏بممارسة‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏من‏ ‏الحكومة‏ ‏أو‏ ‏جهاز‏ ‏الدولة‏. ‏وينظم‏ ‏القانون‏ ‏الحدود‏ ‏الدقيقة‏ ‏لممارسة‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏علي‏ ‏نحو‏ ‏يضمن‏ ‏عدم‏ ‏الجور‏ ‏علي‏ ‏حقوق‏ ‏الآخرين‏. ‏ويعني‏ ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏الاصل‏ ‏في‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏, ‏كما‏ ‏هي‏ ‏معروفة‏ ‏في‏ ‏النظرية‏ ‏والممارسة‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏الديمقراطي‏, ‏هي‏ ‏حرية‏ ‏الاصدار‏ ‏والتعبير‏ ‏عن‏ ‏الرأي‏, ‏والتمتع‏ ‏بالحرية‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالجوانب‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والمؤسساتية‏ ‏والفنية‏ ‏ذات‏ ‏الصلة‏ ‏بامتلاك‏ ‏وإصدار‏ ‏وادارة‏ ‏الصحف‏ ‏والقنوات‏ ‏الاذاعية‏ ‏والتليفزيونية‏ ‏والمحطات‏ ‏أو‏ ‏الاصدارات‏ ‏الاليكترونية‏ ‏المبثوثة‏ ‏علي‏ ‏شبكة‏ ‏الانترنت‏ ‏أو‏ ‏غير‏ ‏ذلك‏ ‏من‏ ‏الوسائط‏ ‏اللازمة‏ ‏للتعبير‏ ‏عن‏ ‏الرأي‏ ‏ونقله‏ ‏الي‏ ‏الكافة‏ ‏دون‏ ‏تمييز‏.‏
حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏هي‏ ‏من‏ ‏الناحية‏ ‏النظرية‏ ‏والقانونية‏, ‏شق‏ ‏أو‏ ‏مستوي‏ ‏أو‏ ‏فرع‏ ‏من‏ "‏حرية‏ ‏التعبير", ‏وهو‏ ‏المبدأ‏ ‏الذي‏ ‏يحتل‏ ‏واسطة‏ ‏العقد‏ ‏بين‏ ‏القيم‏ ‏الاساسية‏ ‏للديمقراطية‏. ‏وقد‏ ‏افاضت‏ ‏النظرية‏ ‏الديمقراطية‏ ‏الحديثة‏ ‏في‏ ‏التأكيد‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏الحرية‏ ‏ليست‏ ‏فقط‏ ‏حق‏ ‏طبيعي‏ ‏وإنما‏ ‏هي‏ ‏ممارسة‏ ‏عامة‏ ‏مفيدة‏ ‏للمجتمع‏, ‏لا‏ ‏يستطيع‏ ‏مجتمع‏ ‏معاصر‏ ‏أن‏ ‏يعيش‏ ‏بدون‏ ‏حرية‏ ‏التعبير‏ ‏وحرية‏ ‏الصحافة‏ ‏بالذات‏, ‏لأنها‏ ‏نوع‏ ‏من‏ ‏المصلحة‏ ‏العامة‏. ‏إن‏ ‏الممارسة‏ ‏العصرية‏ ‏أضافت‏ ‏لحرية‏ ‏الصحافة‏ ‏فوق‏ ‏ذلك‏ ‏شقا‏ ‏آخر‏ ‏لا‏ ‏يقل‏ ‏أهمية‏ ‏وهو‏ ‏حرية‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏وتداول‏ ‏وبث‏ ‏المعلومات‏. ‏وهنا‏ ‏ايضا‏ ‏فان‏ ‏الاباحة‏ ‏هي‏ ‏الاصل‏, ‏وقد‏ ‏توضع‏ ‏بعض‏ ‏القيود‏ ‏الهامشية‏ ‏بقانون‏ ‏لحماية‏ ‏حقوق‏ ‏أخري‏, ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يصل‏ ‏التقييد‏ ‏الي‏ ‏درجة‏ ‏المنع‏ ‏أو‏ ‏الحظر‏ ‏أو‏ ‏المصادرة‏ ‏علي‏ ‏المبدأ‏. ‏وهنا‏ ‏أيضا‏ ‏فان‏ ‏الاساس‏ ‏القانون‏ ‏لحرية‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏وبث‏ ‏المعلومات‏ ‏ليس‏ ‏مجرد‏ ‏الحق‏ ‏الطبيعي‏ ‏للافراد‏ ‏وانما‏ ‏ايضا‏ ‏مبدأ‏ ‏المصلحة‏ ‏العامة‏. ‏حيث‏ ‏تؤدي‏ ‏الشفافية‏ ‏خدمة‏ ‏عامة‏ ‏وغير‏ ‏قابلة‏ ‏للتجزئة‏ ‏بالنسبة‏ ‏لأي‏ ‏مجتمع‏, ‏ويتعرض‏ ‏المجتمع‏ ‏الذي‏ ‏يحرم‏ ‏من‏ ‏الشفافية‏ ‏الي‏ ‏خسائر‏ ‏جسيمة‏ ‏ونتائج‏ ‏سلبيه‏ ‏علي‏ ‏جميع‏ ‏الأصعدة‏.‏
ثم‏ ‏هناك‏ ‏ثالثا‏ ‏حق‏ ‏ملكية‏ ‏وسائل‏ ‏الاعلام‏ ‏والصحافة‏ ‏علي‏ ‏وجه‏ ‏أخص‏, ‏وإن‏ ‏لا‏ ‏يمنع‏ ‏ذلك‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏المبدأ‏ ‏وجود‏ ‏امكانية‏ ‏لتطوير‏ ‏انساق‏ ‏للملكية‏ ‏والادارة‏ ‏العامة‏ ‏تتسم‏ ‏بالديمقراطية‏.‏
وبهذا‏ ‏المعني, ‏فان‏ "حرية‏ ‏الصحافة" (‏والتي‏ ‏تشمل‏ ‏في‏ ‏الواقع‏ ‏كافة‏ ‏وسائل‏ ‏الاعلام‏ ‏المكتوبة, ‏والمسموعة, ‏والمرئية, ‏والاليكترونية‏) ‏هي‏ ‏جزء‏ ‏لا‏ ‏يتجزأ‏ ‏من‏ ‏التقاليد‏ ‏والقواعد‏ ‏والممارسات‏ ‏الديمقراطية, ‏الامر‏ ‏الذي‏ ‏يتجسد‏ ‏في‏ ‏حقيقة‏ ‏أن‏ ‏الصحافة‏ ‏الحرة‏ ‏تلعب‏ ‏دورا‏ ‏رئيسيا‏ ‏في‏ ‏التحول‏ ‏الديمقراطي‏ ‏للمجتمع‏, ‏وفي‏ ‏المقابل‏, ‏فان‏ ‏كل‏ ‏انجاز‏ ‏ديمقراطي‏ ‏يترجم‏ ‏الي‏ ‏تقدم‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏الاداء‏ ‏الصحفي‏.‏
فعلي‏ ‏مستوي‏ ‏القيم‏ ‏والمبادئ‏ ‏لا‏ ‏يستقيم‏ ‏معني‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏بدون‏ ‏سيادة‏ ‏القيم‏ ‏والمبادئ‏ ‏الأساسية‏ ‏للديمقراطية‏. ‏وتسجل‏ ‏المواثيق‏ ‏والعهود‏ ‏العالمية‏ ‏لحقوق‏ ‏الانسان‏ ‏هذه‏ ‏المبادئ‏ ‏والضمانات‏ ‏الاساسية‏ ‏لممارستها‏ ‏في‏ ‏الواقع‏. ‏كما‏ ‏أن‏ ‏معظم‏ ‏الدساتير‏ ‏الديمقراطية‏ ‏أو‏ ‏القوانين‏ ‏الاساسية‏ ‏أو‏ ‏الاحكام‏ ‏القضائية‏ ‏الكبري‏ ‏والقياسية‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الديمقراطية‏ ‏تنص‏ ‏علي‏ ‏حماية‏ ‏هذه‏ ‏الحقوق‏ ‏والحريات‏ ‏والقيم‏. ‏وتختلف‏ ‏الدساتير‏ ‏الديمقراطية‏ ‏عن‏ ‏غيرها‏ ‏لا‏ ‏فقط‏ ‏فيما‏ ‏تتمتع‏ ‏به‏ ‏هذه‏ ‏الدساتير‏ ‏من‏ ‏قدسية‏ ‏واحترام‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏الجميع‏ ‏بمن‏ ‏فيهم‏ ‏الحكومة‏ ‏واجهزة‏ ‏الدولة‏, ‏بل‏ ‏وايضا‏ ‏فيما‏ ‏تتضمنه‏ ‏من‏ ‏الترجمة‏ ‏الدقيقة‏ ‏والاتساق‏ ‏الواضح‏ ‏بين‏ ‏الجانبين‏ ‏المبدئي‏ ‏والاجرائي‏. ‏كما‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يهدر‏ ‏قانون‏ ‏أو‏ ‏أمر‏ ‏اداري‏ ‏ما‏ ‏القواعد‏ ‏الدستورية‏ ‏فيلغي‏ ‏فعليا‏ ‏الحقوق‏ ‏التي‏ ‏تحميها‏ ‏هذه‏ ‏القواعد‏ ‏أو‏ ‏يقيدها‏ ‏تقييدا‏ ‏غير‏ ‏ضروري‏, ‏كما‏ ‏هو‏ ‏الحال‏ ‏في‏ ‏النظام‏ ‏القانوني‏ ‏المصري‏ ‏الراهن‏ ‏حيث‏ ‏فشلت‏ ‏القواعد‏ ‏القانونية‏ ‏واللوائح‏ ‏الادارية‏ ‏في‏ ‏التماشي‏ ‏مع‏ ‏المعاني‏ ‏العامة‏ ‏للدستور‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏احترام‏ ‏مبدأ‏ ‏حرية‏ ‏التعبير‏ ‏وحرية‏ ‏الصحافة‏. ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏اخري‏, ‏واذا‏ ‏كانت‏ ‏وظيفة‏ ‏الدولة‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏الديمقراطي‏ ‏هي‏ ‏حماية‏ ‏النظام‏ ‏الديمقراطي‏ ‏فان‏ ‏هذا‏ ‏يعني‏ ‏أنها‏ - ‏أي‏ ‏الدولة‏- ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تملك‏ ‏وتدير‏ ‏صحفا‏ ‏أو‏ ‏منابر‏ ‏رأي‏ ‏تقوم‏ ‏ببث‏ ‏قيم‏ ‏أو‏ ‏مذاهب‏ ‏أو‏ ‏آراء‏ ‏بعينها‏ ‏دون‏ ‏غيرها‏. ‏فالدولة‏ ‏التي‏ ‏تملك‏ ‏وتدير‏ ‏صحفا‏ ‏ومنابر‏ ‏للرأي‏ ‏تبث‏ ‏آراء‏ ‏أو‏ ‏مذاهب‏ ‏أو‏ ‏أفكارا‏ ‏معينة‏, ‏هي‏ ‏بالتعريف‏ ‏دولة‏ ‏شمولية‏ ‏أو‏ ‏تسلطية‏. ‏وتقوم‏ ‏هذه‏ ‏الأخيرة‏ ‏بامتلاك‏ ‏وادارة‏ ‏صحف‏ ‏ومنابر‏ ‏رأي‏ ‏تبث‏ ‏لا‏ ‏عقائد‏ ‏بعينها‏ ‏وإنما‏ ‏افكار‏ ‏ومواقف‏ ‏تمجد‏ ‏القابضين‏ ‏علي‏ ‏سلطة‏ ‏الدولة‏ ‏وما‏ ‏قد‏ ‏يكون‏ ‏لديهم‏ ‏في‏ ‏أية‏ ‏لحظة‏ ‏بعينها‏ ‏من‏ ‏آراء‏ ‏وامزجة‏ ‏ومواقف‏ ‏سياسية‏ ‏أو‏ ‏فلسفية‏ ‏أو‏ ‏شخصية‏, ‏بصورة‏ ‏منهجية‏, ‏وباعتبار‏ ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏وظيفتها‏ ‏الاساسية‏. ‏الدولة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏تمتاز‏ ‏بأنها‏ ‏لا تبث‏ ‏بذاتها‏ ‏آراء‏ ‏أو‏ ‏تنتصر‏ ‏لآراء‏. ‏ولكنها‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏مسئولة‏ ‏عن‏ ‏ضمان‏ ‏تمكين‏ ‏جميع‏ ‏الآراء‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏من‏ ‏التعبير‏ ‏عن‏ ‏نفسها‏, ‏وهو‏ ‏ما لا يتم‏ ‏بالضرورة‏ ‏اذا‏ ‏اتسم‏ ‏واقع‏ ‏ملكية‏ ‏الصحف‏ ‏ووسائط‏ ‏التعبير‏ ‏بالاحتكار‏ ‏أو‏ ‏الضيق‏. ‏وبهذا‏ ‏المعني‏ ‏قد‏ ‏تقوم‏ ‏الدولة‏ - ‏أو‏ ‏هي‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تقوم‏- ‏بدعم‏ ‏الصحف‏ ‏ومنابر‏ ‏الرأي‏ ‏الصغيرة‏ ‏وصولا‏ ‏الي‏ ‏ضمان‏ ‏وجود‏ ‏حد‏ ‏ادني‏ ‏من‏ ‏التنوع‏ ‏في‏ ‏الآراء‏ ‏المتاحة‏ ‏للمجتمع‏. ‏وايضا‏ ‏قد‏ ‏تملك‏ ‏الدولة‏ ‏ولكن‏ ‏لا تدير‏ ‏ادوات‏ ‏ووسائل‏ ‏الاتصال‏ ‏والتعبير‏, ‏بقصد‏ ‏اتاحة‏ ‏فرصة‏ ‏لكل‏ ‏الآراء‏ ‏للتعبير‏ ‏عن‏ ‏نفسها‏ ‏أو‏ ‏اتاحة‏ ‏تغطية‏ ‏مهنية‏ ‏للانباء‏ ‏والتطورات‏ ‏والآراء‏. ‏وهذا‏ ‏هو‏ ‏ما‏ ‏تسعي‏ ‏لأن‏ ‏تفعله‏ ‏محطات‏ ‏الاذاعة‏ ‏والتليفزيون‏ ‏العامة‏ ‏في‏ ‏بريطانيا‏ ‏وربما‏ ‏بدرجة‏ ‏أقل‏ ‏في‏ ‏الاقطار‏ ‏الاوروبية‏ ‏الأخري‏ ‏والولايات‏ ‏المتحدة‏. ‏وتستند‏ ‏الوظيفة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏للصحافة‏ ‏أيضا‏ ‏علي‏ ‏بعد‏ ‏آخر‏ ‏وهو‏ ‏قيام‏ ‏الصحافة‏ ‏بمهمة‏ ‏تقصي‏ ‏وتتبع‏ ‏والبحث‏ ‏عن‏ ‏الحقيقة‏ ‏بصورة‏ ‏حيادية‏, ‏وفقا‏ ‏لمعايير‏ ‏مهنية‏ ‏صارمة‏. ‏إن‏ ‏الصحافة‏ ‏مسئولة‏ ‏عن‏ ‏امداد‏ ‏المواطنين‏ ‏بالمعلومات‏ ‏التي‏ ‏تساعدهم‏ ‏في‏ ‏تقدير‏ ‏المصالح‏ ‏العامة‏ ‏وصياغة‏ ‏موقفهم‏ ‏مما‏ ‏يحدث‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏العامة‏ ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏اتخاذ‏ ‏اختياراتهم‏ ‏نحو‏ ‏القضايا‏ ‏بصورة‏ ‏تقوم‏ ‏علي‏ ‏المعرفة‏ ‏الي‏ ‏اقصي‏ ‏حد‏ ‏ممكن‏. ‏وتقاوم‏ ‏الصحافة‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏الديمقراطي‏ ‏السياسات‏ ‏والمواقف‏ ‏التي‏ ‏قد‏ ‏ترمي‏ ‏الي‏ ‏توظيفها‏ ‏لاخفاء‏ ‏أو‏ ‏التموية‏ ‏أو‏ ‏حجب‏ ‏الاحداث‏ ‏والمعلومات‏ ‏أو‏ ‏تقديمها‏ ‏بصورة‏ ‏انتقائية‏ ‏أو‏ ‏فقا‏ ‏لتفسير‏ ‏وحيد‏ ‏أو‏ ‏مطلق‏. ‏
من‏ ‏ناحية‏ ‏ثانية‏, ‏وعلي‏ ‏مستوي‏ ‏الممارسة‏ ‏الديمقراطية‏, ‏تلعب‏ ‏الصحافة‏ ‏ادوارا‏ ‏أساسية‏ ‏في‏ ‏اداء‏ ‏النظام‏ ‏الديمقراطي‏. ‏فهناك‏ - ‏أولا‏ - ‏دور‏ ‏الصحافة‏ ‏في‏ ‏التثقيف‏ ‏المدني‏ ‏والسياسي‏, ‏والذي‏ ‏يتيح‏ ‏للمواطنين‏, ‏ويشجعهم, ‏علي‏ ‏التصويت‏ ‏والمشاركة‏, ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏معرفة‏ ‏معقولة‏, ‏بالموضوعات‏ ‏والقضايا‏ ‏المثارة‏. ‏ويتم‏ ‏القيام‏ ‏بهذا‏ ‏الدور‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏تقديم‏ ‏كافة‏ ‏الافكار‏ ‏والآراء‏ ‏المتاحة‏ ‏حول‏ ‏موضوع‏ ‏معين‏ ‏أو‏ ‏مختلف‏ ‏الموضوعات‏ ‏والقضايا‏. ‏وثاني‏ ‏هذه‏ ‏الادوار‏ ‏رقابي‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏طبيعته‏ ‏ويتم‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏تقديم‏ ‏معلومات‏ ‏مدققة‏ ‏حول‏ ‏مختلف‏ ‏القضايا‏ ‏ذات‏ ‏الصلة‏ ‏بتقويم‏ ‏أداء‏ ‏حكومي‏ ‏ما‏.
‏وهنا‏ ‏يلعب‏ ‏الحق‏ ‏في‏ ‏المعلومات‏ ‏دورا‏ ‏مهما‏. ‏غير‏ ‏أنه‏ ‏حتي‏ ‏في‏ ‏غياب‏ ‏آليات‏ ‏كافية‏ ‏لاتاحة‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏فان‏ ‏صلب‏ ‏مهنة‏ ‏الصحافة‏ ‏وتعريفها‏ ‏الضيق‏ ‏هو‏ ‏الحفر‏ ‏في‏ ‏تضاريس‏ ‏المجهول‏ ‏لاستخراج‏ ‏معلومات‏ ‏ومعارف‏ ‏لم‏ ‏تكن‏ ‏لتتاح‏ ‏لولا‏ ‏هذه‏ ‏المهنة‏ ‏وما‏ ‏يرتبط‏ ‏بها‏ ‏من‏ ‏فنون‏ ‏عمل‏ ‏وحريات‏ ‏نشر‏.
‏واخيرا‏ ‏ترتبط‏ ‏الصحافة‏ ‏بفكرة‏ ‏المجتمع‏ ‏المدني‏ ‏بروابط‏ ‏شتي‏. ‏فالمجتمع‏ ‏المدني‏ ‏يقدم‏ ‏بذاته‏ ‏معلومات‏ ‏قد‏ ‏لا يتاح‏ ‏نشرها‏ ‏أو‏ ‏المعرفة‏ ‏بها‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏البيروقراطية‏ ‏العملاقة‏ ‏لاسباب‏ ‏عديدة‏. ‏ثم‏ ‏ان‏ ‏الدور‏ ‏الخاص‏ ‏للمجتمع‏ ‏المدني‏ ‏في‏ ‏تنمية‏ ‏المشاركة‏ ‏المباشرة‏ ‏للمواطنين‏ ‏في‏ ‏الشئون‏ ‏العامة‏ ‏يمثل‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏حفزا‏ ‏كبيرا‏ ‏للطلب‏ ‏علي‏ ‏الخدمة‏ ‏الصحفية‏ ‏ومن‏ ‏ناحية‏ ‏أخري‏ ‏تجسيدا‏ ‏حيا‏ ‏للرقابة‏ ‏السياسية‏ ‏الضرورية‏ ‏في‏ ‏الديمقراطية‏ ‏النيابية‏.‏
من‏ ‏ناحية‏ ‏ثالثة‏, ‏واذا‏ ‏كانت‏ ‏الديمقراطية‏ ‏تقوم‏ ‏في‏ ‏جوهرها‏ ‏علي‏ ‏التوازنات‏ ‏بين‏ ‏المصالح‏ ‏والحقوق‏ ‏والقوي‏ ‏الداخلية‏ ‏المشروعة‏, ‏واذا‏ ‏كان‏ ‏وجود‏ ‏أحزاب‏ ‏قوية‏ ‏ومؤسسات‏ ‏نشيطة‏ ‏للمجتمع‏ ‏المدني‏ ‏في‏ ‏مقدمة‏ ‏الضمانات‏ ‏في‏ ‏مواجهة‏ ‏الاستبداد, ‏فان‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والتمتع‏ ‏بالحق‏ ‏في‏ ‏المعلومات‏ ‏يكون‏ ‏هو‏ ‏المدخل‏ ‏السليم‏ ‏لتنشيط‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏ ‏واكسابه‏ ‏مناعة‏ ‏حقيقية‏ ‏في‏ ‏مواجهة‏ ‏التلسط‏ ‏والاستبداد‏.‏
كما‏ ‏أن‏ ‏الصحافة‏ ‏ذاتها‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تخضع‏ ‏لتلك‏ ‏الضمانات‏ ‏والتوازنات‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏تنحرف‏ ‏الي‏ ‏قوة‏ ‏هدامة‏: ‏اي‏ ‏الانحراف‏ ‏الي‏ ‏نموذج‏ ‏صحافة‏ ‏الاغتياب‏ ‏والإثارة‏ ‏السياسية‏ ‏والجنسية‏, ‏والتشكيك‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏والسخرية‏ ‏من‏ ‏أي‏ ‏قيمة‏. ‏وحتي‏ ‏في‏ ‏اطار‏ ‏نظام‏ ‏ديمقراطي‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تتحول‏ ‏الصحافة‏ ‏الي‏ ‏أداة‏ ‏للعنف‏ ‏المعنوي‏ ‏والسياسي‏ ‏اذا‏ ‏لم‏ ‏تخضع‏ ‏لصيغة‏ ‏توازنية‏ ‏تحترم‏ ‏الحقوق‏ ‏الفردية‏ ‏والجماعية‏ ‏للآخرين‏. ‏ولذلك‏ ‏فان‏ ‏التقاليد‏ ‏المرعية‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الديمقراطية‏ ‏تحمي‏ ‏الحق‏ ‏في‏ ‏الخصوصية‏ ‏والكرامة‏ ‏الشخصية‏ ‏وتجرم‏ ‏الدعوة‏ ‏للعنف‏ ‏العرقي‏ ‏أو‏ ‏الديني‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏ظروف‏ ‏تسمح‏ ‏باشتعال‏ ‏العنف‏ ‏الجماعي‏ ‏أو‏ ‏الحروب‏ ‏الاهلية‏ ‏أو‏ ‏جرائم‏ ‏ابادة‏ ‏الاجناس‏ ‏ولقد‏ ‏أدت‏ ‏تلك‏ ‏الحماية‏ ‏الي‏ ‏توليد‏ ‏قوة‏ ‏دفع‏ ‏معقولة‏ ‏لتطور‏ ‏مهنة‏ ‏الصحافة‏. ‏فبدون‏ ‏هذه‏ ‏الحماية‏ ‏قد‏ ‏يؤدي‏ ‏الاستهتار‏ ‏بايجاد‏ ‏دليل‏ ‏لمساندة‏ ‏أي‏ ‏ادعاءات‏ ‏أو‏ ‏مزاعم‏ ‏الي‏ ‏احداث‏ ‏اضرار‏ ‏مادية‏ ‏أو‏ ‏معنوية‏ ‏شديدة‏ ‏بأفراد‏ ‏أو‏ ‏هيئات‏ ‏عامة‏ ‏أو‏ ‏خاصة‏. ‏بينما‏ ‏تضطر‏ ‏الصحف‏ ‏للبحث‏ ‏الشاق‏ ‏عن‏ ‏الادلة‏ ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يؤدي‏ ‏الي‏ ‏تطور‏ ‏فنون‏ ‏المهنة‏ ‏وتعزيز‏ ‏الاحترام‏ ‏العام‏ ‏لها‏ ‏عندما‏ ‏تنتهج‏ ‏أعلي‏ ‏معايير‏ ‏التثبت‏ ‏من‏ ‏صحة‏ ‏ما‏ ‏تطلقه‏ ‏من‏ ‏ادعاءات‏ ‏أو‏ ‏اتهامات‏.‏
غير‏ ‏أن‏ ‏التوازن‏ ‏لا‏ ‏يعني‏ ‏ولا‏ ‏يبرر‏ ‏الافراط‏ ‏في‏ ‏الحماية‏, ‏لأن‏ ‏الافراط‏ ‏يشكل‏ ‏عصمة‏ ‏ضد‏ ‏النقد‏, ‏أو‏ ‏التحقق‏ ‏من‏ ‏الاحترام‏ ‏الواجب‏ ‏للمصالح‏ ‏العامة‏ ‏في‏ ‏ممارسة‏ ‏السلطة‏ ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يقود‏ ‏بدوره‏ ‏الي‏ ‏دعم‏ ‏الاستبداد‏ ‏والفساد‏. ‏وحرصا‏ ‏علي‏ ‏عدم‏ ‏الافراط‏ ‏في‏ ‏الحماية‏ ‏تطورت‏ ‏معايير‏ ‏الحرية‏ ‏المطلوبة‏ ‏للصحافة‏ ‏بحيث‏ ‏انتهت‏ ‏تقريبا‏ ‏الاحكام‏ ‏السالبة‏ ‏للحرية‏ ‏فيما‏ ‏يسمي‏ ‏جرائم‏ ‏الصحافة‏. ‏ومقابل‏ ‏ذلك‏ ‏اتجهت‏ ‏احكام‏ ‏الغرامة‏ ‏والتعويض‏ ‏عن‏ ‏الاضرار‏ ‏المدنية‏ ‏عموما‏ ‏نحو‏ ‏الارتفاع‏ ‏بحيث‏ ‏تشكل‏ ‏رادعا‏ ‏حقيقيا‏ ‏ضد‏ ‏الاستخفاف‏ ‏بالحقوق‏ ‏الشخصية‏ ‏والجماعية‏ ‏المحمية‏ ‏بالقانون‏ ‏وبما‏ ‏يتفق‏ ‏مع‏ ‏قاعدة‏ ‏التوازن‏.‏

مقومات‏ ‏الصحافة‏ ‏الحرة‏ ‏والاعلام‏ ‏الحر‏ :‏
عندما‏ ‏يؤكد‏ ‏حزبنا‏ ‏علي‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ - ‏في‏ ‏سياق‏ ‏النظام‏ ‏الديمقراطي‏ - ‏فانه‏ ‏يؤكد‏ ‏علي‏ ‏المقومات‏ ‏الآتية‏ ‏الواجب‏ ‏توافرها‏ ‏في‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏: ‏الاستقلال‏, ‏والخضوع‏ ‏للقانون‏, ‏والمسئولية, ‏والتنظيم‏ ‏الذاتي‏.‏
‏‏الاستقلال‏ : ‏فلا‏ ‏معني‏ ‏للحديث‏ ‏عن‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام, ‏بدون‏ ‏تمتع‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏ ‏بالاستقلال‏. ‏ولاشك‏ ‏أن‏ ‏قضية‏ ‏استقلال‏ ‏الصحافة‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏العنصر‏. ‏الحاسم‏ ‏في‏ ‏تطور‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏ ‏في‏ ‏العقود‏ ‏الخمسة‏ ‏الماضية‏. ‏فبسبب‏ ‏ما‏ ‏اعتبرته‏ ‏ثورة‏ ‏يوليو‏ ‏عدم‏ ‏استقلالية‏ ‏الصحافة‏ ‏وتبعيتها‏ "لرأس‏ ‏المال" ‏تم‏ ‏تنظيم‏ (‏أو‏ ‏تأميم‏) ‏الصحف‏ ‏الكبري‏ ‏في‏ ‏مصر‏. ‏ولكن‏ ‏هذا‏ ‏الاجراء‏ ‏لم‏ ‏يحقق‏ ‏لها‏ ‏التحرير‏, ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏نقلها‏ ‏الي‏ ‏تبعية‏ ‏آخري‏ ‏أشد‏ ‏وطأة‏ ‏هي‏ ‏التبعية‏ ‏للدولة‏ ‏أو‏ ‏للنظام‏ ‏السياسي‏! ‏
كذلك‏ ‏فإن‏ ‏قضية‏ "الاستقلال" ‏تظل‏ ‏مطروحة‏ ‏بالنسبة‏ ‏للصحف‏ ‏الحزبية‏, ‏التي‏ ‏ظهرت‏ ‏مع‏ ‏بدء‏ ‏التعدد‏ ‏الحزبي‏ ‏عام‏ 1976 ‏وكذلك‏ ‏بالنسبة‏ ‏للصحف‏ ‏الخاصة‏ ‏أو‏ "المستقلة". ‏إن‏ ‏مشكلة‏ ‏الصحافة‏ ‏الحزبية‏ (‏وتميزها‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏) ‏هو‏ ‏انها‏ ‏تعبر‏ ‏عن‏ "وجهة‏ ‏نظر" ‏أو‏ ‏رؤية‏ ‏محددة‏. ‏ولكنها‏ ‏تظل‏ ‏دائما‏ ‏عرضة‏ ‏للعرض‏ ‏الانتقائي‏ ‏للاخبار‏, ‏والتشويه‏ ‏المتعمد‏ ‏للخصوم‏ ‏ولوجهات‏ ‏النظر‏ ‏المخالفة‏.‏
أما‏ ‏بالنسبة‏ ‏للصحف‏ ‏الخاصة‏ ‏أو‏ ‏المستقلة, ‏فلاشك‏ ‏أنها‏ ‏تعبر‏ - ‏نظريا‏- ‏عن‏ ‏جوهر‏ ‏الاستقلال‏ ‏المنشود‏ ‏للمؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏, ‏والذي‏ ‏يضمن‏ ‏قدرتها‏ ‏علي‏ ‏التقديم‏ ‏الموضوعي‏ ‏المتوازن‏ ‏للأخبار‏ ‏والتحليلات‏.. ‏ولكن‏ ‏تظل‏ ‏المشكلة‏ ‏هي‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏تلك‏ ‏الصحف‏ "مستقلة" ‏بالفعل‏ ‏ومبرأة‏ ‏من‏ ‏التبعية‏ ‏الخفية‏, ‏لقوي‏ ‏سياسية‏ ‏أو‏ ‏اقتصادية‏ ‏داخلية‏ ‏متصارعة, ‏أو‏ ‏لقوي‏ ‏خارجية‏, ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏ينطوي‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏علي‏ ‏انتهاك‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏, ‏وانماعلي‏ ‏تشويه‏ ‏وتزييف‏ ‏الممارسة‏ ‏الديمقراطية‏ ! ‏ولاشك‏ ‏أن‏ ‏ذلك‏ ‏النوع‏ ‏من‏ "التبعية" ‏الخطيرة‏ ‏والمناقضة‏ ‏لجوهر‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏, ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏مواجهته‏ ‏إلا‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏اليقظة‏ ‏في‏ ‏تطبيق‏ ‏القانون‏, ‏والشفافية‏ ‏الكاملة‏ ‏في‏ ‏موازنات‏ ‏تلك‏ ‏الصحف‏ ‏ومصادر‏ ‏تمويلها‏ ‏واعلاناتها, ‏وعلانية‏ ‏الذمة‏ ‏المالية‏ ‏لاصحابها‏ ‏ورؤساء‏ ‏تحريرها‏ !‏
الخضوع‏ ‏للقانون‏ : ‏إذا‏ ‏كانت‏ ‏الصحافة‏ ‏الحرة‏ ‏هي‏ ‏الصحافة‏ ‏التي‏ ‏تخضع‏ ‏فقط‏ ‏للقانون‏, ‏ولا شئ‏ ‏غيره‏, ‏فإن‏ ‏فاعلية‏ ‏هذا‏ ‏البعد‏ ‏لحرية‏ ‏الصحافة‏ ‏ترتبط‏ ‏أولا‏ ‏بان‏ ‏يكون‏ ‏هذا‏ ‏القانون‏ ‏عادلا‏ ‏وملائما‏ ‏للعمل‏ ‏الصحفي‏, ‏وترتبط‏ ‏ثانيا‏ : ‏بالتطبيق‏ ‏الأمين‏ ‏والصارم‏ ‏له‏. ‏لقد‏ ‏حققت‏ ‏الجماعة‏ ‏الصحفية‏ ‏المصرية‏, ‏انجازا‏ ‏تاريخيا‏ ‏عندما‏ ‏تصدت‏ ‏بقوة‏ ‏للقانون‏ ‏رقم‏ 93 ‏لسنة‏ 1995 ‏وتمكنت‏ ‏عبر‏ ‏نضال‏ ‏مستمر‏ ‏يقرب‏ ‏من‏ ‏العام‏ ‏من‏ ‏استصدار‏ ‏القانون‏ ‏رقم‏ 96 ‏لسنة‏ 1996 ‏الذي‏ ‏يحكم‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏ ‏الآن‏. ‏غير‏ ‏أن‏ ‏التجربة‏ ‏تثبت‏ ‏ان‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏حق‏ ‏الصحفي‏ ‏في‏ ‏التعبير‏ ‏والحفاظ‏ ‏علي‏ ‏كرامته‏ ‏جنبا‏ ‏الي‏ ‏جنب‏ ‏مع‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏حق‏ ‏الفرد‏ ‏والمجتمع‏ ‏في‏ ‏حمايته‏ ‏من‏ ‏القذف‏ ‏أو‏ ‏التشهير‏ ‏أو‏ ‏الابتزاز‏, ‏إنما‏ ‏تتحقق‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏العقوبات‏ ‏المالية‏ (‏في‏ ‏شكل‏ ‏غرامات‏ ‏أو‏ ‏تعويضات‏) ‏بحدود‏ ‏قصوي‏ ‏مفتوحة‏, ‏بشكل‏ ‏افضل‏ ‏واكثر‏ ‏فعالية‏ ‏وردعا‏ ‏من‏ ‏عقوبة‏ ‏الحبس‏ ‏التي‏ ‏يتضمنها‏ ‏الآن‏ ‏قانون‏ ‏الصحافة‏ ‏وقانون‏ ‏العقوبات‏. ‏والتي‏ ‏تشكل‏ ‏سبة‏ ‏عار‏ ‏في‏ ‏جبين‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏.‏
غير‏ ‏أن‏ ‏الاهم‏ ‏من‏ ‏وجود‏ ‏القانون‏ ‏العادل‏, ‏هو‏ ‏التطبيق‏ ‏الجاد‏ ‏والفوري‏ ‏له‏. ‏ولا‏ ‏يخفي‏ ‏هنا, ‏ان‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏الممارسات‏ ‏الخاطئة‏ ‏التي‏ ‏تورطت‏ ‏فيها‏ ‏بعض‏ ‏الصحف‏, ‏إنما‏ ‏استشرت‏ ‏واستفحلت‏ ‏في‏ ‏ظل‏ ‏التهاون‏ ‏أو‏ ‏التردد‏ ‏في‏ ‏تطبيق‏ ‏القانون‏. ‏وربما‏ ‏يساعد‏ ‏علي‏ ‏فعالية‏ ‏هذا‏ ‏التطبيق‏, ‏انشاء‏ ‏دوائر‏ ‏قضائية‏ ‏متخصصة‏ ‏للنظر‏ ‏في‏ ‏جرائم‏ ‏النشر‏ ‏والصحافة‏ (‏أسوة‏ ‏بنيابة‏ ‏الأموال‏ ‏العامة‏) ‏ونيابة‏ ‏خاصة‏ ‏للصحافة‏ ‏للتحقيق‏ ‏في‏ ‏الدعاوي‏ ‏المرفوعة‏ ‏ضد‏ ‏الصحف‏ ‏والصحفيين‏. ‏إن‏ ‏الاخذ‏ ‏بهذا‏ ‏الاقتراح, ‏لا‏ ‏يحمي‏ ‏فقط‏ ‏الصحفي‏ ‏من‏ ‏الاجراءات‏ ‏الادارية‏ ‏المتعسفة‏ ‏ويحافظ‏ ‏علي‏ ‏كرامته‏, ‏ولكنه‏ ‏ايضا‏ ‏يضمن‏ ‏للمواطن‏ ‏الذي‏ ‏أضير‏ ‏من‏ ‏الصحافة‏ ‏أن‏ ‏ينال‏ ‏حقه‏ ‏بحسم‏ ‏وسرعة‏.‏
المسئولية‏ : ‏لا‏ ‏حرية‏ ‏بلا‏ ‏مسئولية, ‏ومثلما‏ ‏يستحيل‏ ‏أن‏ ‏نتصور‏ ‏الحرية‏ ‏الفردية‏ ‏إلا‏ ‏للفرد‏ ‏المسئول‏ (‏أي‏ ‏الراشد‏ ‏والعاقل‏ ‏والمدرك‏ ‏لعواقب‏ ‏افعاله‏) ‏فإننا‏ ‏لا‏ ‏نستطيع‏ ‏ان‏ ‏نتصور‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏, ‏إلا‏ ‏للصحافة‏ ‏المسئولة‏, ‏وهذه‏ ‏المسئولية‏ ‏هي‏ ‏مناط‏ "الحدود" ‏القائمة‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏النظم‏ ‏الديمقراطية‏ ‏علي‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة‏.‏
‏- ‏فحق‏ ‏الصحافة, ‏وواجبها‏, ‏في‏ ‏مناقشة‏ ‏مختلف‏ ‏قضايا‏ ‏الوطن‏ ‏السياسية‏ ‏والاقتصادية‏ ‏والدفاعية‏.. ‏الخ, ‏الداخلية‏ ‏منها‏ ‏والخارجية‏, ‏يقابلها‏ ‏مسئوليتها‏ ‏في‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏اسراره‏ ‏العسكرية, ‏وأمنه‏ ‏القومي‏.‏
‏- ‏وحق‏ ‏الصحافة‏ ‏وواجبها‏, ‏في‏ ‏مناقشة‏ ‏كل‏ ‏القضايا‏ ‏والأوضاع‏ ‏الاجتماعية‏ ‏والثقافية‏ ‏والدينية‏ ‏والعرقية‏.. ‏الخ‏ ‏يقابلها‏ ‏مسئوليتها‏ ‏في‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏التماسك‏ ‏القومي‏, ‏والوحدة‏ ‏الوطنية, ‏وفي‏ ‏اجتثاث‏ ‏جذور‏ ‏الكراهية‏ ‏أو‏ ‏الشك‏ ‏بين‏ ‏المواطنين‏ ‏بعضهم‏ ‏البعض‏.‏
‏- ‏وحق‏ ‏الصحافة, ‏وواجبها‏ ‏في‏ ‏متابعة‏ ‏الشخصيات‏ ‏العامة‏, ‏وتقييم‏ ‏ادائها‏ ‏يقابلها‏ ‏مسئوليتها‏ ‏في‏ ‏تحري‏ ‏الدقة‏ ‏والامانة, ‏وتجنب‏ ‏التشهير‏ ‏المتعمد‏.‏
‏ ‏ولاشك‏ ‏انه‏ ‏باستثناء‏ ‏القضايا‏ ‏المتعلقة‏ ‏بالنواحي‏ ‏الحيوية‏ ‏للأمن‏ ‏القومي‏, ‏وكذلك‏ ‏قضايا‏ ‏الجنس‏ ‏الفاضح‏, ‏فإن‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ "الحدود" ‏الواجبة‏, ‏والفاصلة‏ ‏بين‏ ‏المسئولية‏ ‏واللامسئولية‏ ‏تتداخل‏ ‏وتختلط‏ ‏ولا‏ ‏يكفي‏ ‏القول‏ ‏بشأنها‏ ‏بضرورة‏ ‏الاحتكام‏ ‏للقانون‏ ‏وانما‏ ‏لابد‏ ‏من‏ ‏توافر‏ ‏أمرين‏ ‏مهمين‏
:‏أولهما‏ : ‏وجود‏ ‏ميثاق‏ ‏لاخلاقيات‏ ‏مهنة‏ ‏الصحافة‏ ‏أو‏ ‏ما‏ ‏يسمي‏ ‏بـ‏ "ميثاق‏ ‏الشرف‏ ‏الصحفي" ‏والعبرة‏ ‏ليست‏ ‏في‏ ‏مجرد‏ ‏وجود‏ ‏هذا‏ ‏الميثاق‏ ‏كوثيقة‏ ‏جامعة‏ ‏وانما‏ ‏في‏ ‏السهر‏ ‏علي‏ ‏تحقيقه‏ ‏ومراعاته‏.‏
ثانيهما‏ : ‏وضع‏ ‏ضوابط‏ ‏محكمة‏ ‏علي‏ ‏ممارسة‏ ‏مهنة‏ ‏الصحافة‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏حقيقة‏ ‏إن‏ ‏الصحافة‏ ‏مهنة‏ ‏خاصة‏, ‏لها‏ ‏حصاناتها‏, ‏مثلما‏ ‏هو‏ ‏الحال‏ ‏في‏ ‏مهن‏ ‏مثل‏ :‏الدبلوماسية‏ ‏والقضاء‏ ‏والرقابة‏.‏التنظيم‏ ‏الذاتي‏ : ‏إن‏ ‏أحد‏ ‏المقومات‏ ‏الأساسية‏ ‏لحرية‏ ‏أي‏ ‏مؤسسة‏ ‏أو‏ ‏جماعة‏ ‏مهنية‏, ‏هو‏ ‏أن‏ ‏تستطيع‏ ‏أن‏ ‏تضع‏ ‏هي‏ - ‏لنفسها‏ - ‏القواعد‏ ‏والضوابط‏ ‏المنظمة‏ ‏لها‏, ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏يعني‏ ‏ضرورة‏ ‏أن‏ ‏يتولي‏ ‏الصحفيون‏ ‏بانفسهم‏ ‏تقويم‏ ‏المهنة‏ ‏الصحفية‏, ‏والممارسات‏ ‏الصحفية‏, ‏من‏ ‏خلال‏ ‏مؤسستهم‏ ‏الشرعية‏, ‏أي‏ : ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏.‏
ان‏ ‏علي‏ ‏الصحفيين‏ ‏اذا‏ ‏ارادوا‏ ‏حقا‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏حرية‏ ‏الصحافة, ‏واذا‏ ‏ارادو‏ ‏حماية‏ ‏مهنتهم‏ ‏والرقي‏ ‏بها‏, ‏أن‏ ‏يضطلعوا‏ ‏بمسئوليتهم‏, ‏بأيديهم‏ ‏وبارادتهم‏ : ‏فتقوم‏ ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏ ‏بدورها‏. ‏في‏ ‏حماية‏ ‏المهنة‏ ‏والسهر‏ ‏علي‏ ‏احترام‏ ‏قواعدها‏ ‏واخلاقيتها‏.‏
نحو‏ ‏تحرير‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ :‏
في‏ ‏ضوء‏ ‏هذه‏ ‏المبادئ, ‏يري‏ ‏حزبنا‏, ‏ان‏ ‏هناك‏ ‏حاجة‏ ‏ملحة‏ ‏الي‏ ‏المواجهة‏ ‏الجادة‏ ‏للمشاكل‏ ‏المزمنة‏ ‏والخطيرة‏ ‏التي‏ ‏تعاني‏ ‏منها‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏ (‏وتحديدا‏ ‏الصحافة‏ ‏القومية‏) ‏والاعلام‏ ‏المصري‏, ‏والتي‏ ‏أدت‏ ‏الي‏ ‏حالة‏ ‏التدهور‏ ‏غير‏ ‏المسبوقة‏ ‏التي‏ ‏يعاني‏ ‏منها‏ ‏الآن‏, ‏والتي‏ ‏جعلت‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏ ‏والتليفزيون‏ ‏المصري‏ ‏والاذاعة‏ ‏المصرية‏ ‏تتخلف‏ ‏وراء‏ ‏العديد‏ ‏من‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية, ‏ليس‏ ‏العالمية‏, ‏وانما‏ ‏العربية‏ ‏والشرق‏ ‏أوسطية ‏.. ‏بعد‏ ‏ان‏ ‏كانت‏ ‏هي‏ ‏الأولي‏, ‏وهي‏ ‏الرائدة‏ !‏
ولا‏ ‏يخالجنا‏ ‏أدني‏ ‏شك‏ ‏في‏ ‏أن‏ ‏المشكلة‏ ‏الأساسية‏ ‏للصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏اليوم‏ ‏انما‏ ‏تتمثل‏ ‏في‏ ‏ملكية‏ ‏الدولة‏ ‏وسيطرتها‏ ‏الكاملة‏ ‏علي‏ ‏الغالبية‏ ‏العظمي‏ ‏من‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏ ‏في‏ ‏مصر‏, ‏والتي‏ ‏توصف‏ ‏بـ‏ "القومية". ‏ففي‏ ‏الدولة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏الملكية‏ ‏العامة‏ ‏هي‏ ‏الشكل‏ ‏الرئيسي‏. ‏لملكية‏ ‏وادارة‏ ‏الصحف‏ ‏ومنابر‏ ‏الرأي‏ ‏ووسائط‏ ‏التعبير‏ ‏كما‏ ‏هو‏ ‏الحال‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏منذ‏ ‏تأميم‏ ‏الصحافة‏ ‏في‏ ‏بداية‏ ‏عقد‏ ‏الستينات‏. ‏فالمؤسسات‏ ‏الصحفية‏ "القومية" ‏تسيطر‏ ‏علي‏ ‏النصيب‏ ‏الأكبر‏ ‏من‏ ‏سوق‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏. ‏كما‏ ‏تحتكر‏ ‏المؤسسات‏ ‏المملوكة‏ ‏للدولة‏ ‏سوق‏ ‏الصحافة‏ ‏والإعلام‏ ‏المرئي‏ ‏والاذاعي‏. ‏ولم‏ ‏يسمح‏ ‏سوي‏ ‏منذ‏ ‏فترة‏ ‏وجيزة‏ ‏لبعض‏ ‏رجال‏ ‏الاعمال‏ ‏بامتلاك‏ ‏أو‏ ‏ادارة‏ ‏محطات‏ ‏تليفزيون‏ ‏خاصة‏. ‏وحتي‏ ‏الآن‏ ‏يبدو‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏السماح‏ ‏يجري‏ ‏بشكل‏ ‏تحكمي‏ ‏حيث‏ ‏يتم‏ ‏السماح‏ ‏لبعض‏ ‏الناس‏ ‏وحجب‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏عن‏ ‏آخرين‏ ‏دون‏ ‏أساس‏ ‏أو‏ ‏معيار‏ ‏واضح‏ ‏يطبق‏ ‏علي‏ ‏الجميع‏. ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏مضاهاة‏ ‏دور‏ ‏ووظيفة‏ ‏واداء‏ ‏هذه‏ ‏المؤسسات‏ ‏العامة‏ ‏بمثيلاتها‏ ‏المملوكة‏ ‏للدولة‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الديمقراطية‏. ‏ففي‏ ‏هذه‏ ‏الأخيرة‏ ‏تقوم‏ ‏فعاليات‏ ‏مدنية‏ ‏ومهنية‏ ‏حيادية‏ ‏ومتنوعة‏ ‏التوجهات‏ ‏بادارة‏ ‏هذه‏ ‏المؤسسات‏, ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يضمن‏ ‏استقلالها‏ ‏عن‏ ‏الحكومة‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏واحترامها‏ ‏لمعايير‏ ‏الاداء‏ ‏المهني‏ ‏الارقي‏ ‏من‏ ‏ناحية‏ ‏أخري‏.‏
أما‏ ‏في‏ ‏الحالة‏ ‏المصرية‏ ‏فليس‏ ‏هناك‏ ‏أدني‏ ‏غموض‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالسيطرة‏ ‏السياسية‏ ‏المباشرة‏ ‏وغير‏ ‏المباشرة‏ ‏علي‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏العامة‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏وسائل‏ ‏ومنابر‏ ‏الاتصال‏ ‏الجماهيري‏ ‏المملوكة‏ ‏للدولة‏. ‏ولا‏ ‏تخفي‏ ‏هذه‏ ‏الوسائط‏ ‏ولاءها‏ ‏التام‏ ‏للحكومة‏ ‏وتحديدا‏ ‏لرئيس‏ ‏الدولة‏ ‏وتحويله‏ ‏الي‏ ‏شخصية‏ ‏شبه‏ ‏مقدسة‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يمتد‏ ‏إليها‏ ‏النقد‏ ‏وغالبا‏ ‏ما‏ ‏يمتد‏ ‏هذا‏ ‏التقديس‏ ‏الي‏ ‏من‏ ‏يسبغ‏ ‏عليهم‏ ‏الرئيس‏ ‏حمايته‏, ‏بل‏ ‏والي‏ ‏بعض‏ ‏السياسات‏ ‏التي‏ ‏يعد‏ ‏هو‏ ‏المسئول‏ ‏الاول‏ ‏عنها‏, ‏والمفاهيم‏ ‏والخطابات‏ ‏التي‏ ‏يؤسس‏ ‏عليها‏ ‏شرعيته‏ ‏في‏ ‏الحكم‏. ‏وحيث‏ ‏أن‏ ‏الرئيس‏ ‏هو‏ ‏التجسيد‏ ‏الحي‏ ‏للدولة‏ ‏وللحكومة‏ ‏معا‏ ‏فان‏ ‏دور‏ ‏الصحافة‏ ‏يصبح‏ ‏تبريريا‏ ‏وسلطويا‏ ‏الي‏ ‏أقصي‏ ‏حد‏. ‏وهو‏ ‏بكل‏ ‏تأكيد‏ ‏دور‏ ‏ينهض‏ ‏علي‏ ‏الحجب‏ ‏والاخفاء‏ ‏والتمويه‏ ‏والتبرير‏ ‏وليس‏ ‏علي‏ ‏كشف‏ ‏الحقائق‏ ‏وتحقيق‏ ‏الاحداث‏ ‏وتتبع‏ ‏الاخبار‏ ‏وتقصي‏ ‏المسئوليات‏ ‏ونقد‏ ‏السياسات‏ ‏والأوضاع‏ ‏الفعلية‏.‏
ويضاعف‏ ‏من‏ ‏حدة‏ ‏هذا‏ ‏الدور‏ ‏لمنابر‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏المملوكة‏ ‏ملكية‏ ‏عامة‏ ‏أن‏ ‏الدولة‏ ‏درجت‏ ‏علي‏ ‏اختيار‏ ‏قيادات‏ ‏هذه‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏ ‏وفق‏ ‏معايير‏ ‏سياسية‏ ‏وامنية‏ ‏ضيقة‏, ‏تجعل‏ ‏تلك‏ ‏القيادات‏ -‏في‏ ‏الواقع‏ - ‏اداة‏ ‏للسيطرة‏ ‏السياسية‏ ‏الوثيقة‏ ‏عليها‏ ‏من‏ ‏الداخل‏. ‏ويكيف‏ ‏هذا‏ ‏الدور‏ ‏السياسي‏ ‏للسيطرة‏ ‏بصورة‏ ‏شبه‏ ‏تامة‏ ‏الدور‏ ‏المهني‏ ‏الذي‏ ‏تلعبه‏ ‏تلك‏ ‏القيادات‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏اعتبارات‏ ‏لا‏ ‏ترتبط‏ ‏بقواعد‏ ‏ومعايير‏ ‏وتقاليد‏ ‏الأداء‏ ‏في‏ ‏مهنة‏ ‏الصحافة‏.‏
إن‏ ‏أغلب‏ ‏التشوهات‏ ‏التي‏ ‏نشهدها‏ ‏في‏ ‏السياسة‏ ‏التحريرية‏ ‏للصحف‏ ‏القومية‏ ‏هي‏ ‏نتاج‏ ‏منطقي‏ ‏للوظيفة‏ ‏السلطوية‏ ‏لهذه‏ ‏الصحف‏ ‏في‏ ‏النظام‏ ‏السياسي‏. ‏ولان‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏العامة‏ ‏تقوم‏ ‏في‏ ‏الواقع‏ ‏بوظيفة‏ ‏لا‏ ‏ديمقراطية‏ ‏فهي‏ ‏تعد‏ ‏ايضا‏ ‏اكبر‏ ‏متلق‏ ‏للدعم‏ ‏المالي‏ ‏الحكومي‏ ‏المباشر‏ ‏وغير‏ ‏المباشر‏. ‏فإلي‏ ‏جانب‏ ‏الاعفاء‏ ‏الضريبي‏ ‏الفعلي‏ ‏والاعفاء‏ ‏من‏ ‏تسليم‏ ‏متحصلات‏ ‏دمغة‏ ‏النقابة‏ ‏هناك‏ ‏دعم‏ ‏مباشر‏ ‏للاجور‏ ‏والمرتبات‏ ‏ودعم‏ ‏مباشر‏ ‏للاستثمارات‏ ‏في‏ ‏المباني‏ ‏والعناصر‏ ‏الاخري‏ ‏للبنية‏ ‏الاساسية‏, ‏وكثيرا‏ ‏ما‏ ‏يتم‏ ‏تمكين‏ ‏المؤسسات‏ ‏العامة‏ ‏من‏ ‏التجارة‏ ‏في‏ ‏الاراضي‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏الاصول‏ ‏العامة‏ ‏للحصول‏ ‏علي‏ ‏فائض‏ ‏مالي‏. ‏وعلي‏ ‏عكس‏ ‏الحال‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الديمقراطية‏ ‏حيث‏ ‏تتلقي‏ ‏الصحف‏ ‏الاصغر‏ ‏الدعم‏ ‏المالي‏ ‏العام‏ ‏بهدف‏ ‏تعزيز‏ ‏التنوع‏ ‏وكسر‏ ‏الاحتكار‏, ‏يتناسب‏ ‏الدعم‏ ‏الحكومي‏ ‏المباشر‏ ‏وغير‏ ‏المباشر‏ ‏مع‏ ‏حجم‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏حيث‏ ‏يزيد‏ ‏النصيب‏ ‏كلما‏ ‏زاد‏ ‏الحجم‏ ‏أو‏ ‏تعاظمت‏ ‏العلاقة‏ ‏الشخصية‏ ‏بين‏ ‏المسئولين‏ ‏الكبار‏ ‏في‏ ‏الدولة‏ ‏ورؤساء‏ ‏التحرير‏ ‏أو‏ ‏مجالس‏ ‏الادارة‏.‏
‏ ‏وفوق‏ ‏ذلك‏ ‏فان‏ ‏النفوذ‏ ‏الفعلي‏ ‏للدولة‏ ‏يتجاوز‏ ‏الخط‏ ‏الفاصل‏ ‏بين‏ ‏الملكية‏ ‏العامة‏ ‏والملكية‏ ‏الخاصة‏, ‏اذا‏ ‏تستعمل‏ ‏اجهزة‏ ‏الدولة‏ "نظام‏ ‏الترخيص" ‏لتمكين‏ ‏وجهات‏ ‏نظر‏ ‏بعينها‏ ‏معروفة‏ ‏لها‏ ‏بالبروز‏ ‏وحجب‏ ‏وجهات‏ ‏نظر‏ ‏أخري‏, ‏أو‏ ‏حصر‏ ‏الرقعة‏ ‏التي‏ ‏تحتلها‏ ‏في‏ ‏سوق‏ ‏الصحافة‏. ‏و‏ ‏من‏ ‏المعتقد‏ ‏ايضا‏ ‏ان‏ ‏بعض‏ ‏الشخصيات‏ ‏والاجهزة‏ ‏المتنفذة‏ ‏في‏ ‏النظام‏ ‏السياسي‏ ‏تستخدم‏ ‏صلاتها‏ ‏المباشرة‏ ‏بالصحف‏ ‏الخاصة‏ ‏لنشر‏ ‏أخبار‏ ‏أو‏ ‏اراء‏ ‏أو‏ ‏حفز‏ ‏حملات‏ ‏أو‏ ‏خوض‏ ‏صراعات‏ ‏تخصها‏ ‏أو‏ ‏تخص‏ ‏التيار‏ ‏الفائز‏ ‏في‏ ‏السلطة‏ ‏السياسية‏. ‏
إن‏ ‏النضال‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏الديمقراطية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏يقتضي‏ ‏مواجهة‏ ‏تلك‏ ‏القضية‏ ‏بقدر‏ ‏كبير‏ ‏من‏ ‏الاهتمام‏ ‏والدقة‏ ‏والشفافية‏, ‏إذ‏ ‏يستحيل‏ ‏بناء‏ ‏نظام‏ ‏ديمقراطي‏ ‏اذا‏ ‏كانت‏ ‏الدولة‏ ‏تملك‏ ‏الجانب‏ ‏الاكبر‏ ‏من‏ ‏الاصول‏ ‏والاستثمارات‏ ‏والمؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏ ‏وتديرها‏ ‏فعليا‏ ‏لمصلحتها‏. ‏يجب‏ ‏قبل‏ ‏كل‏ ‏شئ‏ ‏تأمين‏ ‏الحق‏ ‏في‏ ‏اصدار‏ ‏الصحف‏ ‏وانشاء‏ ‏المنابر‏ ‏الاعلامية‏ ‏وخاصة‏ ‏الاذاعية‏ ‏والتليفزيونية, ‏فالي‏ ‏جانب‏ ‏ان‏ ‏هذا‏ ‏المبدأ‏ ‏الجوهري‏ ‏ضروري‏ ‏بصورة‏ ‏مطلقة‏ ‏للوفاء‏ ‏بالحق‏ ‏في‏ ‏التعبير‏ ‏وتداول‏ ‏المعلومات‏ ‏والحق‏ ‏في‏ ‏ملكية‏ ‏وسائل‏ ‏الاعلام‏ ‏والثقافة‏ ‏فهذا‏ ‏الحق‏ ‏يمثل‏ ‏ضرورة‏ ‏عملية‏ ‏لمواجهة‏ ‏الحيز‏ ‏الكبير‏ ‏الذي‏ ‏تحتله‏ ‏الملكية‏ ‏العامة‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏. ‏فعلي‏ ‏المدي‏ ‏الطويل‏ ‏سوف‏ ‏يؤدي‏ ‏انشاء‏ ‏مزيد‏ ‏من‏ ‏الصحف‏ ‏والمنابر‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية‏ ‏الي‏ ‏تراجع‏ ‏النصيب‏ ‏النسبي‏ ‏للمؤسسات‏ ‏العامة‏ ‏في‏ ‏السوق‏ ‏الصحفي‏ ‏والاعلامي‏. ‏غير‏ ‏ان‏ ‏علاج‏ ‏هذا‏ ‏الجانب‏ ‏الحكومي‏ ‏المشوه‏ ‏للصحافة‏ ‏المصرية‏ ‏يقتضي‏ ‏حوارا‏ ‏متعمقا‏ ‏حول‏ ‏البدائل‏ ‏التي‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تطبق‏ ‏بصورة‏ ‏فورية‏. ‏فمن‏ ‏المنظور‏ ‏الديمقراطي‏ ‏نفسه, ‏قد‏ ‏تكون‏ ‏الخصخصة‏ ‏الكاملة‏ ‏مبكرة‏ ‏نسبيا‏. ‏فرغم‏ ‏أن‏ ‏الملكية‏ ‏الخاصة‏ ‏اسفرت‏ ‏في‏ ‏النظم‏ ‏الديمقراطية‏ ‏المتقدمة‏ ‏عن‏ ‏قدر‏ ‏أكبر‏ ‏من‏ ‏الحرية‏ ‏فثمة‏ ‏عنصر‏ ‏تاريخي‏ ‏وثقافي‏ ‏لعب‏ ‏دورا‏ ‏مهما‏ ‏في‏ ‏الوصول‏ ‏الي‏ ‏هذه‏ ‏النتيجة‏ ‏هناك‏. ‏أما‏ ‏في‏ ‏البلاد‏ ‏التي‏ ‏تنتقل‏ ‏حديثا‏ ‏الي‏ ‏الديمقراطية‏ ‏فقد‏ ‏لا‏ ‏تكون‏ ‏هذه‏ ‏العوامل‏ ‏الايجابية‏ ‏قوية‏, ‏وقد‏ ‏تؤدي‏ ‏الخصخصة‏ ‏الكاملة‏ ‏الي‏ ‏تضييق‏ ‏قاعدة‏ ‏التنوع‏ ‏في‏ ‏التعبير‏ ‏السياسي‏ ‏والابداعي‏ ‏نظرا‏ ‏لوجود‏ ‏احتمالات‏ ‏قوية‏ ‏للاحتكار‏ ‏مع‏ ‏ضعف‏ ‏الدولة‏ ‏و‏ ‏عجزها‏ ‏عن‏ ‏تطبيق‏ ‏ضمانات‏ ‏قوية‏ ‏للمنافسة‏ ‏ولضمان‏ ‏الحق‏ ‏العام‏ ‏في‏ ‏التطور‏ ‏والتغطية‏ ‏المهنية‏ ‏للاحداث‏ ‏والآراء‏. ‏ولهذا‏ ‏فربما‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏الافضل‏ ‏ان‏ ‏تتنوع‏ ‏وسائل‏ ‏وآليات‏ ‏الانتقال‏ ‏من‏ ‏الصحافة‏ ‏الحكومية‏ ‏الي‏ ‏الصحافة‏ ‏الديمقراطية‏. ‏ويعني‏ ‏ذلك‏ ‏الأخذ‏ ‏باكثر‏ ‏من‏ ‏معيار‏, ‏الأول‏ ‏هو‏ ‏ضمان‏ ‏توسيع‏ ‏قاعدة‏ ‏الملكية‏ ‏الخاصة‏ ‏الي‏ ‏اقصي‏ ‏حد‏ ‏ممكن‏ ‏وهو‏ ‏ما‏ ‏يتم‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏قواعد‏ ‏سليمة‏ ‏للبورصة‏ ‏وصدور‏ ‏قانون‏ ‏مع‏ ‏الاحتكار‏. ‏أما‏ ‏المعيار‏ ‏الثاني‏ ‏فهو‏ ‏فصل‏ ‏الملكية‏ ‏عن‏ ‏الادارة‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏ويعني‏ ‏ذلك‏ ‏أن‏ ‏السلطة‏ ‏اليومية‏ ‏في‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏بيد‏ ‏مهنيين‏ ‏يملكون‏ ‏ناصية‏ ‏الفن‏ ‏الصحفي‏ ‏والاعلامي‏ ‏ويحترمون‏ ‏تقاليد‏ ‏المهنة‏ ‏كما‏ ‏تترسخ‏ ‏في‏ ‏مجتمع‏ ‏ديمقراطي‏.‏
وعلي‏ ‏أية‏ ‏حال‏ ‏فانه‏ ‏من‏ ‏الممكن‏ ‏ان‏ ‏توجه‏ ‏ملكية‏ ‏عامة‏ ‏لوسائل‏ ‏الاعلام‏ ‏ولكن‏ ‏مع‏ ‏تغيير‏ ‏فلسفة‏ ‏هذا‏ ‏الوجود‏ ‏من‏ ‏التعبير‏ ‏عن‏ ‏مذهب‏ ‏أو‏ ‏آراء‏ ‏الدولة‏ ‏الي‏ ‏ضمان‏ ‏التنوع‏ ‏والاستقلالية‏ ‏والمهنية‏ ‏الموضوعية‏ ‏في‏ ‏سوق‏ ‏الصحافة‏, ‏والقيام‏ ‏بدور‏ ‏موازن‏ ‏للملكية‏ ‏الخاصة‏, ‏وخاصة‏ ‏اذا‏ ‏اتسم‏ ‏السوق‏ ‏بطابع‏ ‏احتكاري‏ ‏أو‏ ‏انحرفت‏ ‏الصحافة‏ ‏الي‏ ‏الاثارة‏ ‏والفضائح‏ ‏وغيرها‏ ‏من‏ ‏صور‏ ‏التعبير‏ ‏المشوه‏.‏
واخيرا‏, ‏واذا‏ ‏كان‏ "تحرير‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام" ‏هو‏ ‏العنوان‏ ‏الرئيسي‏ ‏الذي‏ ‏تندرج‏ ‏تحته‏ ‏سياسة‏ ‏حزبنا‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏المجال‏, ‏فان‏ ‏هناك‏ ‏مهام‏ ‏أخري‏, ‏لابد‏ ‏من‏ ‏الوفاء‏ ‏بها‏ ‏كي‏ ‏تتحقق‏ ‏لهذا‏ ‏التحرر‏ ‏نتائجه‏ ‏المرجوة‏ :‏
‏- ‏هناك‏ ‏أولا‏ ‏الضغط‏ - ‏المنظم‏ ‏والمستمر‏ - ‏علي‏ ‏ا‏ ‏لحكومة, ‏وعلي‏ ‏البرلمان‏ ‏لتعديل‏ ‏التشريعات‏ ‏المقيدة‏ ‏لحرية‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏, ‏بدءا‏ ‏من‏ ‏تلك‏ ‏المنطوية‏ ‏علي‏ ‏عقوبات‏ ‏سالبه‏ ‏للحرية‏ ‏في‏ ‏قضايا‏ ‏النشر‏, ‏وحتي‏ ‏كافة‏ ‏الثغرات‏ ‏في‏ ‏قوانين‏ ‏الصحافة‏, ‏والمطبوعات‏, ‏والنقابات‏ ‏المهنية‏ ‏والتي‏ ‏تهدد‏ ‏الصحفيين‏ ‏والاعلاميين‏ ‏أو‏ ‏تحد‏ ‏من‏ ‏الحقوق‏ ‏الاساسية‏ ‏للمواطنين‏ ‏في‏ ‏التعبير‏ ‏والنشر‏.‏
‏ ‏وهناك‏ ‏ثانيا‏ ‏الجهد‏ ‏المطلوب‏ - ‏وبالذات‏ ‏من‏ ‏الصحفيين‏ ‏والاعلاميين‏ ‏أنفسهم‏ - ‏لمواجهة‏ ‏مظاهر‏ ‏الافساد‏ ‏المهني‏ ‏والمالي‏ ‏والاداري‏ ‏في‏ ‏المؤسسات‏ ‏الصحفية‏ ‏والاعلامية, ‏والتي‏ ‏يقع‏ ‏في‏ ‏مقدمتها‏ ‏علي‏ ‏الاطلاق, ‏اختراق‏ ‏رجال‏ ‏أعمال, ‏بل‏ ‏وحكومات‏ ‏اجنبية‏ ‏لبعض‏ ‏الصحف‏ ‏باسم‏ ‏الاعلانات‏, ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏وقوع‏ ‏جريمة‏ ‏خلط‏ ‏الاعلام‏ ‏بالاعلان‏ ‏خصوصا‏ ‏فيما‏ ‏يتعلق‏ ‏بالاعلانات‏ ‏السياسية‏ ‏القادمة‏ ‏من‏ ‏دول‏ ‏أخري‏ ‏أو‏ ‏الاعلانات‏ ‏التجارية‏ ‏المتخصصة‏ ‏متعددة‏ ‏الأهداف‏.‏
ولم‏ ‏يعد‏ ‏سرا‏ ‏أن‏ ‏بعض‏ ‏الصحف‏ ‏تدافع‏ ‏من‏ ‏رغبتها‏ ‏في‏ ‏زيادة‏ ‏تمويلها‏ ‏تتسابق‏ ‏في‏ ‏نشر‏ ‏هذه‏ ‏الاعلانات‏ ‏مخلوطة‏ ‏بالمواد‏ ‏التحريرية‏ ‏الإعلامية‏ ‏مما‏ ‏يضع‏ ‏القارئ‏ ‏في‏ ‏موقع‏ ‏الخداع‏ ‏والتضليل‏ ‏ويستقطب‏ ‏عددا‏ ‏من‏ ‏الصحفيين‏ ‏سعيا‏ ‏الي‏ ‏المكسب‏ ‏المادي‏, ‏في‏ ‏مخالفة‏ ‏لآداب‏ ‏المهنة‏ ‏وقواعد‏ ‏واخلاقيات‏ ‏العمل‏ ‏الصحفي‏.‏
وأخيرا‏, ‏يدعم‏ ‏حزبنا‏ ‏نقابة‏ ‏الصحفيين‏ ‏ويشجعها‏ ‏للقيام‏ ‏بدورها‏ ‏للتصدي‏ ‏لتراجع‏ ‏الاداء‏ ‏المهني‏ ‏ومستوي‏ ‏الحرفية‏ ‏بل‏ ‏المستوي‏ ‏الثقافي‏ ‏والمعرفي‏ ‏لأجيال‏ ‏متتالية‏ ‏من‏ ‏الصحفيين‏, ‏رغم‏ ‏الفرص‏ ‏الواسعة‏ ‏لاكتساب‏ ‏المهارات‏ ‏والمعارف‏ ‏عبر‏ ‏التكنولوجيا‏ ‏الإعلامية‏ ‏والمعلوماتية‏ ‏المتقدمة‏ ‏والمتاحة‏ ‏الآن‏.

السياسة‏ ‏الثقافية
وفقا‏ ‏للتعريف‏ ‏الجامع‏ ‏الذي‏ ‏اعتمدته‏ ‏منظمة‏ ‏اليونسكو‏ ‏في‏ ‏عام‏ 1982 ‏فان‏ ‏الثقافة‏ ‏تشمل‏ "‏جميع‏ ‏السمات‏ ‏الروحية‏, ‏والمادية‏ ‏والفكرية‏ ‏والعاطفية‏ ‏التي‏ ‏تميز‏ ‏مجتمعنا‏ ‏بعينه‏, ‏أو‏ ‏فئة‏ ‏اجتماعية‏ ‏بعينها‏, ‏وتشمل‏: ‏الفنون‏, ‏والآداب‏, ‏وطرائق‏ ‏الحياة‏, ‏كما‏ ‏تشمل‏: ‏الحقوق‏ ‏الأساسية‏ ‏للانسان‏, ‏والقيم‏, ‏والتقاليد‏ ‏والمعتقدات‏".‏
وعندما‏ ‏نهتم‏ - ‏في‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية‏ - ‏بقضية‏ ‏الثقافة‏ ‏في‏ ‏مصر‏, ‏فاننا‏ ‏نقصد‏ ‏جانبين‏ ‏أساسيين‏:‏
الجانب‏ ‏الاول‏, ‏هو‏ ‏الثقافة‏ ‏كأحد‏ ‏مقومات‏ ‏الشخصية‏ ‏المصرية‏ ‏والتي‏ ‏ترتبط‏ ‏وتتشكل‏ ‏بالظروف‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والاجتماعية‏ ‏والسياسية‏ ‏السائدة‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏.‏
والجانب‏ ‏الثاني‏, ‏هو‏ ‏الثقافة‏ ‏كمنتج‏ ‏مصري‏, ‏بل‏ ‏انها‏ ‏علي‏ ‏رأس‏ ‏المنتجات‏ ‏المصرية‏, ‏باشكالها‏ ‏الفكرية‏ ‏والادبية‏ ‏والفنية‏ ‏التي‏ ‏رسخت‏ ‏مكانة‏ ‏مصر‏ ‏اقليميا‏ ‏وعالميا‏.‏
أولا‏- ‏ثقافة‏ ‏المواطن‏ ‏المصري‏:‏
لن‏ ‏يختلف‏ ‏كثيرون‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏ثقافة‏ ‏المواطن‏ ‏المصري‏ ‏ونحن‏ ‏في‏ ‏العقد‏ ‏الأول‏ ‏من‏ ‏القرن‏ ‏الواحد‏ ‏وعشرين‏-‏وكما‏ ‏تنعكس‏ ‏بالذات‏ ‏في‏ ‏قيمه‏ ‏ومعتقداته‏, ‏ومعارفه‏ ‏وسلوكياته‏- ‏قد‏ ‏تعرضت‏ ‏لتدهور‏ ‏شديد‏ ‏ومخيف‏ ‏يملي‏ ‏علينا‏ -‏في‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية- ‏ان‏ ‏ندق‏ ‏اجراس‏ ‏الخطر‏!‏
اننا‏ ‏ندرك‏ ‏تماما‏ ‏الصعوبة‏ ‏الشديدة‏ ‏للتعميم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏بالذات‏: ‏فهناك‏ ‏ثقافة‏ ‏النخبة‏ ‏وثقافة‏ ‏الجماهير‏, ‏وهناك‏ ‏التفاوت‏ ‏الثقافي‏ ‏بين‏ ‏الطبقات‏ ‏العليا‏ ‏والوسطي‏ ‏والدنيا‏, ‏بل‏ ‏وفي‏ ‏داخل‏ ‏الشرائح‏ ‏المختلفة‏ ‏لتلك‏ ‏الطبقات‏. ‏وهناك‏ ‏ثقافة‏ ‏الريف‏ ‏وثقافة‏ ‏المدينة‏, ‏وهناك‏ ‏التفاوتات‏ ‏المرتبطة‏ ‏بدرجة‏ ‏ومستوي‏ ‏التعليم‏: ‏بدءا‏ ‏من‏ ‏ثقافة‏ ‏الاميين‏ ‏الي‏ ‏ثقافة‏ ‏المتعلمين‏ ‏تعليما‏ ‏عاليا‏ ‏وراقيا‏, ‏مرورا‏ ‏باشكال‏ ‏عديدة‏ ‏للتعليم‏: ‏حكومي‏ ‏وخاص‏, ‏عام‏ ‏وازهري‏, ‏مصري‏ ‏واجنبي‏ ... ‏الخ‏. ‏هذا‏ ‏التعدد‏ ‏والتفاوت‏ ‏يفضي‏ ‏بنا‏ ‏الي‏ ‏أول‏ ‏سمات‏ ‏الواقع‏ ‏الثقافي‏ ‏الراهن‏ ‏في‏ ‏مصر‏, ‏وهي‏ ‏حالة‏ ‏التشتت‏ ‏الثقافي‏ ‏الذي‏ ‏يبدو‏ ‏معه‏ ‏المجتمع‏ ‏المصري‏ ‏وكانه‏ ‏قد‏ ‏انقسم‏ ‏الي‏ ‏مجتمعات‏ ‏متعددة‏ ‏او‏ ‏عوالم‏ ‏متناقضة‏ ‏تتجاور‏ ‏فيها‏ ‏ثقافة‏ ‏متحفظة‏ ‏متزمنه‏ (‏برداء‏ ‏ديني‏ ‏غالبا‏) ‏مع‏ ‏ثقافة‏ ‏شديدة‏ ‏التغرب‏, ‏في‏ ‏حين‏ ‏تضاءلت‏ ‏ملامح‏ ‏التوسط‏ ‏والاعتدال‏ ‏متواكبة‏ ‏مع‏ ‏تضاؤل‏ ‏وانزواء‏ ‏الطبقة‏ ‏الوسطي‏ ‏الحضرية‏ ‏والريفية‏!‏
وفي‏ ‏جميع‏ ‏الحالات‏, ‏تسود‏ ‏الآن‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏حالة‏ ‏من‏ ‏تدني‏ ‏المعارف‏ ‏العامة‏ ‏وهشاشها‏ ‏لدي‏ ‏الغالبية‏ ‏العظمي‏ ‏من‏ ‏المواطنين‏, ‏وتنتشر‏ ‏الخرافات‏, ‏ويختفي‏ ‏تقريبا‏ ‏المنطق‏ ‏العلمي‏! ‏وانعكس‏ ‏ذلك‏ ‏الوضع‏ ‏البائس‏ ‏علي‏ ‏سلوكيات‏ ‏المواطن‏ ‏المصري‏ ‏وأولوياته‏, ‏بل‏ ‏وعلي‏ ‏أنماط‏ ‏مأكله‏ ‏وملبسه‏!‏
ولقد‏ ‏تفشت‏ ‏قيم‏ ‏ومفاهيم‏ ‏وسلوكيات‏ ‏الفردية‏ ‏والأنانية‏, ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏العمل‏ ‏الجماعي‏ ‏والتعاون‏, ‏وتوارت‏ ‏قيم‏ ‏احترام‏ ‏العمل‏ ‏والاداء‏ ‏والانجاز ‏.. ‏واحترام‏ ‏الوقت‏, ‏لصالح‏ ‏مفاهيم‏ ‏وسلوكيات‏ ‏تميل‏ ‏الي‏ ‏الكسل‏ ‏والتواكل‏ "‏والفهلوة‏" ‏وانعكس‏ ‏ذلك‏ ‏بالضرورة‏ ‏سلبا‏ ‏علي‏ ‏كفاءة‏ ‏المهني‏ ‏المصري‏ ‏والعامل‏ ‏المصري‏ ‏والفلاح‏ ‏المصري‏!‏
اننا‏ ‏ندرك‏ ‏أن‏ ‏هناك‏ ‏أسبابا‏ ‏اجتماعية‏ ‏واقتصادية‏ ‏تسهم‏ ‏في‏ ‏تفسير‏ ‏ظاهرة‏ ‏التدني‏ ‏الثقافي‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏المصري‏ ‏في‏ ‏العقود‏ ‏الاخيرة‏, ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فاننا‏ ‏نعتقد‏ ‏أن‏ ‏في‏ ‏مقدمة‏ ‏هذه‏ ‏الاسباب‏ ‏علي‏ ‏الاطلاق‏, ‏يقع‏ ‏ما‏ ‏يمكن‏ ‏تسميته‏ "‏انسحاب‏ ‏الدولة‏" ‏من‏ ‏القيام‏ ‏بوظيفتها‏ ‏الثقافية‏ ‏المفترضه‏, ‏أي‏ ‏رسالتها‏ ‏التنويرية‏.‏
ان‏ ‏الانسان‏ ‏المصري‏ ‏الآن‏, ‏خاصة‏ ‏من‏ ‏الاجيال‏ ‏الجديدة‏ ‏والشابة‏, ‏يجد‏ ‏نفسه‏ ‏عرضه‏ ‏لتأثيرات‏ ‏ثفافية‏ ‏سلبية‏ ‏عديدة‏, ‏متناقضة‏, ‏سواء‏ ‏جاءت‏ ‏من‏ ‏الأسرة‏ ‏أو‏ ‏المدرسة‏ ‏أو‏ ‏النادي‏ ‏أو‏ ‏حتي‏ ‏من‏ ‏خطاب‏ ‏ديني‏ ‏جري‏ ‏تشويهه‏ ‏في‏ ‏المسجد‏ ‏أو‏ ‏الكنيسة‏, ‏أو‏ ‏من‏ ‏اجهزة‏ ‏الثقافة‏ ‏والاعلام‏. ‏مما‏ ‏يحتم‏ -‏وبأقصي‏ ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الجدية‏- ‏أن‏ ‏تعود‏ ‏الدولة‏ ‏لتتحمل‏ ‏مسئوليتها‏ ‏الثقافية‏, ‏وان‏ ‏توفي‏ ‏بالرسالة‏ ‏المفترضة‏ ‏منها‏, ‏بالاتساق‏ ‏مع‏ ‏مقتضيات‏ ‏الديمقراطية‏ ‏التعددية‏, ‏كي‏ ‏تكون‏ ‏لها‏ ‏سياسة‏ ‏ثقافية‏ ‏واضحة‏ ‏المعالم‏, ‏ومحددة‏ ‏الأولويات‏.‏
اننا‏ ‏نستعيد‏ ‏هنا‏ ‏المبادئ‏ ‏التي‏ ‏سبق‏ ‏أن‏ ‏اقرتها‏ ‏منظمة‏ ‏اليونسكو‏ ‏ووزارة‏ ‏الثقافة‏ ‏المصرية‏ ‏في‏ ‏عام‏ 1969 -‏أي‏ ‏منذ‏ ‏ما‏ ‏يقرب‏ ‏من‏ ‏اربعة‏ ‏عقود‏- ‏لتكون‏ ‏أساسا‏ ‏للسياسة‏ ‏الثقافية‏ ‏الواجب‏ ‏وضعها‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏وهي‏:‏
‏- ‏نشر‏ ‏الوعي‏ ‏باستمرار‏ ‏الحياة‏ ‏الثقافية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏منذ‏ ‏القدم‏, ‏مع‏ ‏الالترام‏ ‏بتقوية‏ ‏العلاقة‏ ‏بالقيم‏ ‏الإنسانية‏ ‏الرفيعة‏ ‏في‏ ‏الثقافات‏ ‏الأخري‏.‏
‏- ‏العمل‏ ‏علي‏ ‏تعميق‏ ‏الإحساس‏ ‏بالتضامن‏ ‏بين‏ ‏سكان‏ ‏الريف‏ ‏والحضر‏, ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏تشجيع‏ ‏العمل‏ ‏الثقافي‏ ‏المشترك‏, ‏وإبراز‏ ‏القيم‏ ‏الثقافية‏ ‏المشتركة‏ ‏بين‏ ‏القرية‏ ‏والمدينة‏.‏
‏- ‏إتاحة‏ ‏الفرص‏ ‏لجميع‏ ‏المواطنين‏ ‏للتمتع‏ ‏بحق‏ ‏الاشتراك‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏المجتمع‏ ‏الثقافية‏.‏ ‏- ‏ضمان‏ ‏ألا‏ ‏يضحي‏ ‏بالكيف‏ ‏القيمي‏ ‏للعم‏ ‏الثقافي‏ ‏في‏ ‏سبيل‏ ‏متطلبات‏ ‏النشر‏ ‏الكمي‏ ‏للثقافة‏.‏
‏- ‏إيجاد‏ ‏منابر‏ ‏للحوار‏ ‏المثمر‏ ‏بين‏ ‏المثقفين‏ ‏وغالبية‏ ‏الشعب‏.‏
‏- ‏ضمان‏ ‏إحساس‏ ‏المثقفين‏ ‏بتحقيق‏ ‏ذاتيتهم‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏, ‏وذلك‏ ‏بتهيئة‏ ‏المناخ‏ ‏الثقافي‏, ‏بحيث‏ ‏يشعر‏ ‏المثقف‏ ‏أنه‏ ‏يعمل‏ ‏لصالحه‏, ‏كما‏ ‏يعمل‏ ‏لصالح‏ ‏المجتمع‏ ‏في‏ ‏نفس‏ ‏الوقت‏.‏
‏- ‏إنشاء‏ ‏أجهزة‏ ‏لرعاية‏ ‏الفنون‏ ‏والآداب‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏إثارة‏ ‏الشعور‏ ‏بالتسلط‏ ‏أو‏ ‏السيطرة‏ ‏الشمولية‏.‏
‏- ‏إيجاد‏ ‏علاقات‏ ‏واضحة‏ ‏بين‏ ‏التنمية‏ ‏الثقافية‏ ‏والتنمية‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والاجتماعية‏.‏
‏- ‏إعداد‏ ‏أجهزة‏ ‏ومعدات‏ ‏لتدريب‏ ‏العاملين‏ ‏في‏ ‏الحقل‏ ‏الثقافي‏, ‏وتأهيلهم‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏الإبداع‏ ‏والنشر‏.‏
‏- ‏بناء‏ ‏نظام‏ ‏من‏ ‏القيم‏ ‏الثقافية‏ ‏ينشأ‏ ‏علي‏ ‏أساس‏ ‏فلسفة‏ ‏إنسانية‏ ‏وروحية‏ ‏متطورة‏, ‏ويرتكز‏ ‏علي‏ ‏التأليف‏ ‏بين‏ ‏الثقافات‏ ‏العالمية‏ ‏والمحلية‏.‏
‏- ‏المحافظة‏ ‏علي‏ ‏التراث‏ ‏الثقافي‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أشكاله‏ ‏من‏ ‏لغة‏ ‏وأدب‏ ‏وعلم‏ ‏وآثار‏.‏
‏- ‏إعداد‏ ‏الأماكن‏ ‏الخاصة‏ ‏بتمكين‏ ‏كل‏ ‏أفراد‏ ‏الشعب‏ ‏من‏ ‏الاطلاع‏ ‏علي‏ ‏التراث‏ ‏الثقافي‏ ‏والتمتع‏ ‏به‏, ‏من‏ ‏مكتبات‏ ‏عامة‏, ‏ومتاحف‏, ‏ومسارح‏ ‏للعروض‏ ‏الموسيقية‏ ‏والفنية‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏أنحاء‏ ‏البلاد‏ ‏لا‏ ‏في‏ ‏العاصمة‏ ‏فحسب‏.‏
‏- ‏الدراسة‏ ‏الفاحصة‏ ‏المستمرة‏ ‏للواقع‏ ‏الثقافي‏, ‏وعمل‏ ‏مسح‏ ‏لكل‏ ‏مصادر‏ ‏الثقافة‏ ‏ووسائطها‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏.‏
‏- ‏بث‏ ‏الحياة‏ ‏الثقافية‏ ‏التقليدية‏ ‏والمعاصرة‏ ‏معا‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الريفية‏ ‏والمدن‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏برنامج‏ ‏شامل‏ ‏للأنشطة‏ ‏الثقافية‏ ‏في‏ ‏قصور‏ ‏الثقافة‏, ‏علي‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏بالتوزيع‏ ‏العادل‏ ‏بين‏ ‏الثقافة‏ ‏المقدمة‏ ‏من‏ ‏العاصمة‏, ‏والثقافة‏ ‏المنبثقة‏ ‏من‏ ‏الواقع‏ ‏المحلي‏.‏
‏- ‏ضمان‏ ‏استمرار‏ ‏العمل‏ ‏لخريجي‏ ‏المعاهد‏ ‏الثقافية‏ ‏المختلفة‏ ‏في‏ ‏فرق‏ ‏وهيئات‏ ‏ثقافية‏ ‏تتمتع‏ ‏بنظام‏ ‏المرتب‏ ‏المضمون‏ ‏والترقية‏ ‏والمعاش‏.‏
كما‏ ‏أننا‏ ‏نستلهم‏ ‏ايضا‏ ‏الاتجاهات‏ ‏العامة‏ ‏التي‏ ‏تمخص‏ ‏عنها‏ ‏المؤتمر‏ ‏الجامع‏ ‏لليونسكو‏ ‏في‏ ‏البندقية‏ ‏عام‏ 1970, ‏حول‏ ‏تجارب‏ ‏وخبرات‏ ‏السياسات‏ ‏الثقافية‏ ‏في‏ ‏الدول‏ ‏المختلفة‏ ‏وأهمها‏:‏
‏- ‏أن‏ ‏السياسات‏ ‏الثقافية‏ ‏ينغبي‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏عنصر‏ ‏أساسيا‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏التخطيط‏ ‏العام‏ ‏للدولة‏, ‏ومن‏ ‏مسئولياتها‏ ‏الكاملة‏, ‏ولكنها‏ ‏تختلف‏ ‏بالضرورة‏ ‏من‏ ‏دولة‏ ‏الي‏ ‏أخري‏.‏
‏- ‏ان‏ ‏علي‏ ‏الدولة‏ ‏أن‏ ‏تأخذ‏ ‏زمام‏ ‏المبادرة‏ ‏والتشجيع‏, ‏الذي‏ ‏كان‏ ‏موكولا‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏الي‏ ‏الأفراد‏ ‏لرعاية‏ ‏الفنون‏ ‏والثقافة‏ ‏بصفة‏ ‏عامة‏, ‏وذلك‏ ‏لصعوبة‏ ‏اضطلاع‏ ‏الجهود‏ ‏الخاصة‏ ‏وحدها‏ ‏بذلك‏ ‏الدور‏ ‏حاليا‏.‏
‏- ‏ان‏ ‏التنمية‏ ‏الثقافية‏ ‏ضرورة‏ ‏لدعم‏ ‏الوعي‏ ‏القومي‏, ‏وخلق‏ ‏تيار‏ ‏ثقافي‏ ‏يستجيب‏ ‏لأماني‏ ‏الشعوب‏, ‏ويخاطب‏ ‏أعماقها‏ ‏وتراثها‏, ‏ويستنهض‏ ‏حاضرها‏.‏
‏- ‏واخيرا‏ ‏فقد‏ ‏شدد‏ ‏ذلك‏ ‏المؤتمر‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏تدخل‏ ‏الدولة‏ ‏لا‏ ‏يجوز‏ -‏بأي‏ ‏حال- ‏أن‏ ‏يفرض‏ ‏قيودا‏ ‏علي‏ ‏حرية‏ ‏الابداع‏, ‏بل‏ ‏ان‏ ‏السياسة‏ ‏الثقافية‏ ‏الرشيدة‏ ‏ينبغي‏ ‏ان‏ ‏تضع‏ ‏ضمان‏ ‏تلك‏ ‏الحرية‏ ‏علي‏ ‏رأس‏ ‏اولوياتها‏.‏
ان‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏في‏ ‏ضوء‏ ‏تلك‏ ‏المبادئ‏ ‏والاهداف‏ ‏يشدد‏ ‏بقوة‏ ‏علي‏ ‏أهمية‏ ‏ايجاد‏ ‏سياسة‏ ‏ثقافية‏ ‏واضحة‏ ‏يتوافق‏ ‏عليها‏ ‏المفكرون‏ ‏والمبدعون‏ ‏والمثقفون‏ ‏المصريون‏, ‏تكون‏ ‏أساسا‏ ‏لخطط‏ ‏متكاملة‏ ‏في‏ ‏التغيير‏ ‏الثقافي‏ ‏الذي‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏تضطلع‏ ‏به‏ ‏أجهزة‏ ‏الثقافة‏.‏
ان‏ ‏الخطوط‏ ‏الأساسية‏ ‏لتلك‏ ‏السياسة‏ ‏الثقافية‏, ‏هي‏ ‏ما‏ ‏يشكل‏ ‏قوام‏ ‏البرنامج‏ ‏الثقافي‏ ‏للحزب‏, ‏والذي‏ ‏يعتمد‏ ‏بدوره‏ ‏علي‏ ‏منظومة‏ ‏الأسس‏ ‏الليبرالية‏ ‏والمبادئ‏ ‏التنويرية‏ ‏التي‏ ‏قادت‏ ‏حركة‏ ‏النهضة‏ ‏المصرية‏ ‏منذ‏ ‏انطلاقها‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏التاسع‏ ‏عشر‏ ‏بتجلياتها‏ ‏ومراحلها‏ ‏المختلفة‏ ‏والمتراكمة‏.‏
إن‏ ‏أهم‏ ‏خطوط‏ ‏أو‏ ‏محددات‏ ‏السياسة‏ ‏الثقافية‏ ‏والمنشودة‏ ‏لحزبنا‏ ‏انما‏ ‏تتمثل‏ ‏في‏:‏
أ‏- ‏تأصيل‏ ‏ثقافة‏ ‏الديمقراطية‏:‏
فبالرغم‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏الثقافات‏ ‏العريقة‏ ‏لدي‏ ‏الشعوب‏ ‏القديمة‏ ‏قامت‏ ‏بدور‏ ‏كبير‏ ‏في‏ ‏تنمية‏ ‏الشعور‏ ‏الإنساني‏ ‏بضرورة‏ ‏المساواة‏ ‏بين‏ ‏بني‏ ‏البشر‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏مستويات‏ ‏السلطة‏ ‏وممارسات‏ ‏الحياة‏ ‏العامة‏ ‏في‏ ‏الحقوق‏ ‏والواجبات‏, ‏الا‏ ‏أن‏ ‏ضرورات‏ ‏النظم‏ ‏الاجتماعية‏ ‏ومقتضيات‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏الدول‏ ‏قد‏ ‏أدت‏ ‏الي‏ ‏تفاقم‏ ‏الطابع‏ ‏الرمزي‏ ‏لرؤوس‏ ‏هذه‏ ‏السلطة‏ ‏وأضفت‏ ‏عليه‏ ‏صبغة‏ ‏مقدسة‏ ‏تضمن‏ ‏لها‏ ‏الاستقرار‏ ‏في‏ ‏العصور‏ ‏القديمة‏ ‏لدي‏ ‏كل‏ ‏الشعوب‏.‏
وبالمثل‏, ‏اذا‏ ‏كانت‏ ‏الثقافة‏ ‏الدينية‏ -‏وتحديد‏ ‏الثقافة‏ ‏الإسلامية‏- ‏قد‏ ‏دفعت‏ ‏مسيرة‏ ‏التحرر‏ ‏الإنساني‏ ‏قدما‏ ‏وعززت‏ ‏أسس‏ ‏المساواة‏ ‏النظرية‏ ‏في‏ ‏الحكم‏ ‏بين‏ ‏أفراد‏ ‏الجماعة‏ ‏الواحدة‏ ‏علي‏ ‏أسس‏ ‏الشوري‏ ‏والبيعة‏, ‏واكدت‏ ‏شرعية‏ ‏الحساب‏ ‏الدنيوي‏ ‏بمراجعة‏ ‏الحكام‏ ‏وردهم‏ ‏الي‏ ‏الصواب‏, ‏لكن‏ ‏العصبيات‏ ‏القديمة‏ ‏وطبيعة‏ ‏القوي‏ ‏الاقتصادية‏ ‏والمجتمعية‏ ‏في‏ ‏تلك‏ ‏المرحلة‏ ‏من‏ ‏التطور‏ ‏التاريخي‏ ‏لم‏ ‏تشهد‏ ‏قيام‏ ‏نظام‏ ‏محكم‏ ‏لتداول‏ ‏السلطة‏ ‏لا‏ ‏يعتمد‏ ‏علي‏ ‏القوة‏ ‏والدم‏.‏
ودون‏ ‏الدخول‏ ‏في‏ ‏تفاصيل‏ ‏تاريخية‏, ‏يتعين‏ ‏علينا‏ ‏الاقرار‏ ‏بأن‏ ‏الديمقراطية‏ ‏حالة‏ ‏ثقافية‏ ‏جديدة‏ ‏في‏ ‏التاريخ‏ ‏البشري‏ ‏لم‏ ‏تعرفها‏ ‏العصور‏ ‏السابقة‏ ‏باعتبارها‏ "‏نظاما‏ ‏عمليا‏ ‏للتداول‏ ‏السلمي‏ ‏للسلطة‏ ‏طبقا‏ ‏لآراء‏ ‏المحكومين‏" ‏من‏ ‏هنا‏ ‏لا‏ ‏يجدي‏ ‏معها‏ ‏علي‏ ‏الاطلاق‏ ‏أن‏ ‏تظل‏ ‏الجماعة‏ ‏مطمئنة‏ ‏الي‏ ‏عقائد‏ ‏أو‏ ‏أفكار‏ ‏تسلبها‏ ‏هذا‏ ‏الحق‏ ‏لتضعه‏ ‏في‏ ‏أيدي‏ ‏من‏ ‏ينتمون‏ ‏الي‏ ‏طوائف‏ ‏معينة‏ ‏أو‏ ‏من‏ ‏يمتلكون‏ ‏قوة‏ ‏عسكرية‏ ‏أو‏ ‏مادية‏ ‏خاصة‏, ‏فإذا‏ ‏لم‏ ‏يؤمن‏ ‏غالبية‏ ‏الأفراد‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏, ‏مهما‏ ‏كان‏ ‏مستواهم‏ ‏الثقافي‏ ‏أو‏ ‏الاجتماعي‏, ‏بأنهم‏ ‏أهل‏ ‏لاختيار‏ ‏من‏ ‏يحكمونهم‏ ‏وممارسة‏ ‏السلطة‏ ‏فعليا‏ ‏وأحقيتهم‏ ‏في‏ ‏تداولها‏, ‏ويرون‏ ‏من‏ ‏يسلبهم‏ ‏ذلك‏ ‏بأية‏ ‏وسيلة‏ ‏مغتصبا‏ ‏لحقوقهم‏, ‏فلن‏ ‏يدافعوا‏ ‏عن‏ ‏الديموقراطية‏ ‏ولن‏ ‏يضحوا‏ ‏من‏ ‏أجلها‏.‏
ولاشك‏ ‏أن‏ ‏كثيرا‏ ‏من‏ ‏الافكار‏ ‏المتراكمة‏ ‏علي‏ ‏مر‏ ‏العصور‏ ‏تحجب‏ ‏هذه‏ ‏الحقيقة‏ ‏عن‏ ‏الظهور‏ ‏في‏ ‏الوعي‏ ‏الجماعي‏ ‏بجلاء‏, ‏وتحول‏ ‏دون‏ ‏وضعها‏ ‏موضع‏ ‏التنفيذ‏. ‏ولابد‏ ‏من‏ ‏جهد‏ ‏ثقافي‏ ‏دؤوب‏ ‏لتفنيد‏ ‏هذه‏ ‏الافكار‏ ‏المضادة‏ ‏للديموقراطية‏ ‏وبيان‏ ‏مضارها‏. ‏هذه‏ ‏الثقافة‏ ‏المضادة‏ ‏فعالة‏ ‏في‏ ‏كياننا‏ ‏ولا‏ ‏تزول‏ ‏أو‏ ‏تتغير‏ ‏من‏ ‏تلقاء‏ ‏ذاتها‏ ‏في‏ ‏ظل‏ ‏نظم‏ ‏حريصة‏ ‏علي‏ ‏الاستناد‏ ‏اليها‏ ‏لأنها‏ ‏وليدة‏ ‏عصور‏ ‏من‏ ‏التخلف‏ ‏والظلم‏ ‏والاستكانة‏, ‏ولم‏ ‏يسبق‏ ‏لشعوبنا‏ ‏في‏ ‏أية‏ ‏مرحلة‏ ‏أن‏ ‏عرفت‏ ‏بوضوح‏ ‏هذا‏ ‏النظام‏ ‏المحدث‏ ‏ولن‏ ‏تتاح‏ ‏لها‏ ‏فرصة‏ ‏الدخول‏ ‏في‏ ‏دائرته‏ ‏المتقدمة‏ ‏وممارسته‏ ‏دون‏ ‏وعي‏ ‏وقناعة‏ ‏وإعداد‏ ‏منهجي‏ ‏مدروس‏ ‏علي‏ ‏جميع‏ ‏المستويات‏ ‏التربوية‏ ‏والإعلامية‏ ‏والفكرية‏.‏
ويري‏ ‏الحزب‏ ‏ضرورة‏ ‏اتباع‏ ‏برنامج‏ ‏عمل‏ ‏طويل‏ ‏النفس‏ ‏والأمد‏ ‏لتأصيل‏ ‏هذه‏ ‏الثقافة‏ ‏وتنميتها‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏, ‏خاصة‏ ‏لأن‏ ‏السلطة‏ ‏شديدة‏ ‏الاغراء‏, ‏ومن‏ ‏يتولاها‏ ‏لا‏ ‏يحب‏ ‏من‏ ‏تلقاء‏ ‏نفسه‏ ‏أن‏ ‏يتنازل‏ ‏عنها‏ ‏دون‏ ‏إجبار‏, ‏وقوة‏ ‏الضغط‏ ‏الأساسية‏ ‏هي‏ ‏وعي‏ ‏الجماعة‏ ‏بأحقيتها‏ ‏المشروعة‏ ‏في‏ ‏وضع‏ ‏الحق‏ ‏مقابل‏ ‏القوة‏, ‏وممارسة‏ ‏عملها‏ ‏في‏ ‏الرقابة‏ ‏علي‏ ‏السلطة‏ ‏وتغييرها‏ ‏كل‏ ‏فترة‏ ‏زمنية‏ ‏محددة‏, ‏حتي‏ ‏لو‏ ‏لم‏ ‏تخطئ‏ ‏أو‏ ‏تتجاوز‏, ‏لأن‏ ‏مجرد‏ ‏الاستمرار‏ ‏دون‏ ‏تغيير‏ ‏تجاوز‏ ‏للحدود‏ ‏وتسهيل‏ ‏لتعاظم‏ ‏السلطة‏ ‏وطغيانها‏ ‏وهذا‏ ‏مضاد‏ ‏للروح‏ ‏الديموقراطي‏ ‏السليم‏. ‏ولا‏ ‏يمكن‏ ‏لعاقل‏ ‏أن‏ ‏يزعم‏ ‏ضرورة‏ ‏توفر‏ ‏شروط‏ ‏مسبقة‏ ‏للأهلية‏ ‏الديموقراطية‏, ‏فليس‏ ‏هناك‏ ‏عمر‏ ‏زمني‏ ‏يتعين‏ علينا‏ ‏أن‏ ‏نبلغه‏ ‏حتي‏ ‏نصبح‏ ‏جديرين‏ ‏بهذا‏ ‏الرشد‏ ‏السياسي‏, ‏وحجة‏ ‏أتباع‏ ‏السلطة‏ ‏الشمولية‏ ‏في‏ ‏وجوب‏ ‏التمهيد‏ ‏المطول‏ ‏للديموقراطية‏ ‏لمد‏ ‏أجل‏ ‏النظم‏ ‏التي‏ ‏يعملون‏ ‏لخدمتها‏, ‏تشبه‏ ‏حجة‏ ‏الاستعمار‏ ‏في‏ ‏فرض‏ ‏الوصاية‏ ‏علي‏ ‏الشعوب‏ ‏واستنزاف‏ ‏مقدراتها‏ ‏لانها‏ ‏لا‏ ‏تعرف‏ ‏مصلحتها‏ ‏في‏ ‏زعمهم‏. ‏علي‏ ‏أن‏ ‏بلوغ‏ ‏هذا‏ ‏الرشد‏ ‏وامتلاك‏ ‏الخبرة‏ ‏العملية‏ ‏يتطلبان‏ ‏السعي‏ ‏الحثيث‏ ‏لإصلاح‏ ‏ثقافتنا‏ ‏التقليدية‏ ‏علي‏ ‏الوجه‏ ‏التالي‏:‏
‏- ‏لابد‏ ‏من‏ ‏التسليم‏ ‏بأن‏ ‏ممارسة‏ ‏السلطة‏ ‏المطلقة‏ ‏في‏ ‏نطاق‏ ‏الأسرة‏ ‏ومطالبة‏ ‏الأبناء‏ ‏بالطاعة‏ ‏العمياء‏ ‏يقتل‏ ‏شخصيتهم‏ ‏ويسهم‏ ‏في‏ ‏تكريس‏ ‏نموذج‏ ‏السلطة‏ ‏الشمولية‏ ‏في‏ ‏وجدانهم‏, ‏ومن‏ ‏ثم‏ ‏فان‏ ‏الخضوع‏ ‏لمتغيرات‏ ‏التربية‏, ‏وتنمية‏ ‏الشخصية‏ ‏المستقلة‏ ‏للطفل‏ ‏والشاب‏ ‏وعدم‏ ‏فرض‏ ‏الحماية‏ ‏والوصاية‏ ‏علي‏ ‏تصرفاتهم‏ ‏ضروري‏ ‏لاذكاء‏ ‏الروح‏ ‏الديموقراطي‏ ‏في‏ ‏نفوسهم‏, ‏كما‏ ‏أن‏ ‏استخدام‏ ‏الحوار‏ ‏والاقناع‏ ‏والرد‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏الاسئلة‏ ‏وترك‏ ‏هامش‏ ‏الحرية‏ ‏لهم‏ ‏في‏ ‏التجربة‏ ‏والخطأ‏ ‏وتعويدهم‏ ‏علي‏ ‏إدارة‏ ‏شئون‏ ‏حياتهم‏ ‏باستقلال‏ ‏واختيار‏ ‏ما‏ ‏يشبع‏ ‏حاجاتهم‏ ‏بحرية‏ ‏أمور‏ ‏لازمة‏. ‏ولعلنا‏ ‏نذكر‏ ‏أن‏ ‏معاملة‏ ‏المواطنين‏ ‏بروح‏ ‏أبوية‏ ‏تعد‏ ‏جريمة‏ ‏في‏ ‏النظم‏ ‏الديموقراطية‏, ‏بينما‏ ‏لا‏ ‏نزال‏ ‏نضفيها‏ ‏علي‏ ‏حكامنا‏, ‏ولعل‏ ‏ذلك‏ ‏يمثل‏ ‏أصعب‏ ‏مراحل‏ ‏التربية‏ ‏الديموقراطية‏, ‏لأن‏ ‏الآباء‏ ‏مولعون‏ ‏بتكرار‏ ‏تجربتهم‏ ‏مع‏ ‏أبنائهم‏, ‏والتحول‏ ‏التدريجي‏ ‏من‏ ‏الثقافة‏ ‏الأبوية‏ ‏السلطوية‏ ‏الي‏ ‏ثقافة‏ ‏الحوار‏ ‏والحرية‏ ‏يحتاج‏ ‏لوعي‏ ‏حقيقي‏ ‏وشجاعة‏ ‏ضرورية‏.‏
‏- ‏من‏ ‏أبرز‏ ‏مظاهر‏ ‏افتقادنا‏ ‏للديموقراطية‏ ‏الثقافية‏ ‏ممارساتنا‏ ‏الواقعية‏ ‏في‏ ‏قمع‏ ‏المرأة‏ ‏وتهميش‏ ‏دورها‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏العامة‏ ‏واعتبارها‏ ‏كائنا‏ ‏ناقص‏ ‏الأهلية‏ ‏مشكوكا‏ ‏في‏ ‏قدراته‏ ‏العقلية‏ ‏والقيادية‏, ‏والاعتماد‏ ‏علي‏ ‏الخطاب‏ ‏الديني‏ ‏التقليدي‏ ‏في‏ ‏ذلك‏, ‏وإثارة‏ ‏الجدل‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏حين‏ ‏عن‏ ‏مدي‏ ‏أهليتها‏ ‏لتولي‏ ‏أعمال‏ ‏محددة‏. ‏وهكذا‏, ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏نتباهي‏ ‏فيه‏ ‏نظريا‏ ‏باحترام‏ ‏ثقافتنا‏ ‏الدينية‏ ‏والعربية‏ ‏للمرأة‏ ‏فإن‏ ‏تصرفاتنا‏ ‏العملية‏ ‏مازالت‏ ‏تجنح‏ ‏الي‏ ‏ممارسة‏ ‏السلطة‏ ‏والوصاية‏ ‏عليها‏ ‏وعدم‏ ‏السماح‏ ‏لها‏ ‏بالمنافسة‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏المجالات‏.‏
‏- ‏لابد‏ ‏من‏ ‏تغيير‏ ‏أساليب‏ ‏التعليم‏ ‏لترسيخ‏ ‏الروح‏ ‏الديمقراطي‏ ‏علي‏ ‏النحو‏ ‏التالي‏:‏ ‏* ‏إلغاء‏ ‏نموذج‏ ‏التلقين‏ ‏واستظهار‏ ‏المعلومات‏ ‏عمليا‏ ‏من‏ ‏البرامج‏ ‏ومناهج‏ ‏التقويم‏ ‏التربوية‏.‏ ‏* ‏بناء‏ ‏العلاقة‏ ‏مع‏ ‏المعلم‏ ‏علي‏ ‏أساس‏ ‏الاحترام‏ ‏المتبادل‏ ‏والتكافؤ‏ ‏في‏ ‏المواقف‏ ‏دون‏ ‏عبودية‏ ‏أو‏ ‏خضوع‏ ‏للجهل‏ ‏أو‏ ‏سيادة‏ ‏الروح‏ ‏الأبوي‏ ‏السئ‏.‏

‏* ‏إتاحة‏ ‏الحرية‏ ‏للطلاب‏ ‏لاختيار‏ ‏مساراتهم‏ ‏الدراسية‏ ‏دون‏ ‏إجبار‏ ‏أو‏ ‏تعنت‏ ‏من‏ ‏الأهل‏ ‏أو‏ ‏الدولة‏.‏ ‏* ‏تدريب‏ ‏الطلاب‏ ‏علي‏ ‏إقامة‏ ‏مجتمعاتهم‏ ‏الديمقراطية‏ ‏دون‏ ‏وصاية‏ ‏والتمرس‏ ‏بإدارة‏ ‏شئونهم‏.‏
‏- ‏ضرورة‏ ‏الكف‏ ‏نهائيا‏ ‏عن‏ ‏استخدام‏ ‏الخطاب‏ ‏الديني‏ ‏المدجن‏ ‏وتفسيره‏ ‏لصالح‏ ‏طاعة‏ ‏الحكام‏ ‏وتقديس‏ ‏السلطة‏ ‏وتكريس‏ ‏الأوضاع‏ ‏الظالمة‏ ‏القائمة‏ ‏في‏ ‏مجتمعاتنا‏ ‏وذلك‏ ‏علي‏ ‏النحو‏ ‏التالي‏:‏
‏* ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏للعدالة‏ ‏الدينية‏ ‏أن‏ ‏تتناقض‏ ‏مع‏ ‏مكتسبات‏ ‏الخبرة‏ ‏البشرية‏ ‏في‏ ‏طرق‏ ‏تحقق‏ ‏العدل‏ ‏في‏ ‏الحكم‏ ‏ومحاسبة‏ ‏المسئولين‏ ‏وتغييرهم‏ ‏دوريا‏, ‏ونظام‏ ‏الدولة‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏مدنيا‏.‏
‏* ‏الشوري‏ ‏نظام‏ ‏غير‏ ‏ملزم‏ ‏كان‏ ‏يتلاءم‏ ‏مع‏ ‏العصور‏ ‏السابقة‏ ‏لكنه‏ ‏أصبح‏ ‏لا‏ ‏يفي‏ ‏علي‏ ‏الإطلاق‏ ‏بمتطلبات‏ ‏المجتمعات‏ ‏المعاصرة‏ ‏في‏ ‏ضبط‏ ‏آليات‏ ‏الحكم‏ ‏بدقة‏ ‏طبقا‏ ‏لدساتير‏ ‏وضعيه‏.‏
‏* ‏ليس‏ ‏من‏ ‏حق‏ ‏أي‏ ‏حاكم‏ ‏أن‏ ‏ينطق‏ ‏باسم‏ ‏الله‏ ‏أو‏ ‏يستغل‏ ‏الدين‏ ‏لتكريس‏ ‏حكمه‏ ‏أو‏ ‏يوهم‏ ‏الناس‏ ‏بأنه‏ ‏يحقق‏ ‏غايات‏ ‏دينية‏ ‏تمس‏ ‏مبادئ‏ ‏المواطنة‏ ‏والحرية‏ ‏في‏ ‏الدولة‏ ‏المدنية‏.‏
‏*‏ علي‏ ‏أصحاب‏ ‏الخطاب‏ ‏الديني‏ ‏أن‏ ‏يتسلحوا‏ ‏بالوعي‏ ‏التاريخي‏ ‏والسياسي‏ ‏وأن‏ ‏يكفوا‏ ‏عن‏ ‏لعب‏ ‏دور‏ ‏مضاد‏ ‏للتقدم‏ ‏والحرية‏ ‏مما‏ ‏يضر‏ ‏بصورة‏ ‏الدين‏. ‏وأن‏ ‏يعود‏ ‏هذا‏ ‏الخطاب‏ ‏الديني‏ ‏ليصبح‏ ‏من‏ ‏عوامل‏ ‏البعث‏ ‏والتقدم‏ ‏والنهضة‏ ‏كما‏ ‏كان‏ ‏لدي‏ ‏مدرسة‏ ‏المصلحين‏ ‏من‏ ‏أمثال‏ ‏جمال‏ ‏الدين‏ ‏الأفغاني‏ ‏ومحمد‏ ‏عبده‏ ‏وعلي‏ ‏عبد‏ ‏الرازق‏.‏
‏- ‏يتعين‏ ‏علي‏ ‏المثقفين‏ ‏أن‏ ‏يقوموا‏ ‏بدور‏ ‏أساسي‏ ‏في‏ ‏ترسيخ‏ ‏القيم‏ ‏الديمقراطية‏ ‏والدفاع‏ ‏عن‏ ‏خطوات‏ ‏تحقيقها‏, ‏ووضع‏ ‏المعايير‏ ‏الأدبية‏ ‏لمنع‏ ‏أي‏ ‏ردة‏ ‏عنها‏ ‏بكل‏ ‏قوة‏ ‏وحجة‏, ‏وذلك‏ ‏التزاما‏ ‏بالنهج‏ ‏التالي‏:‏
‏* ‏الامتناع‏ ‏عن‏ ‏المشاركة‏ ‏في‏ ‏صياغة‏ ‏القوانين‏ ‏المقيدة‏ ‏للحريات‏ ‏السياسية‏ ‏والمعوقة‏ ‏للإصلاح‏ ‏الديموقراطي‏ ‏والكف‏ ‏عن‏ ‏تسويغ‏ ‏النظم‏ ‏الشمولية‏ ‏وتبرير‏ ‏سلوكها‏, ‏إدراكا‏ ‏للمسئولية‏ ‏التاريخية‏ ‏التي‏ ‏تقع‏ ‏علي‏ ‏من‏ ‏يقوم‏ ‏بتزييف‏ ‏إرادة‏ ‏الأمة‏ ‏وتعويق‏ ‏حركة‏ ‏تقدمها‏ ‏نحو‏ ‏الديمقراطية‏.‏
‏* ‏الاصرار‏ ‏علي‏ ‏التنديد‏ ‏بكل‏ ‏الوسائل‏ ‏التي‏ ‏تفضي‏ ‏الي‏ ‏هذا‏ ‏التزييف‏, ‏واعتبار‏ ‏تزوير‏ ‏الانتخابات‏ ‏والتلاعب‏ ‏فيها‏ ‏جريمة‏ ‏خيانة‏ ‏عظمي‏ ‏وانتكاسة‏ ‏حقيقية‏ ‏لامتلاك‏ ‏الشعب‏ ‏لإرادته‏ ‏الحرة‏ ‏وتوظيف‏ ‏طاقاته‏ ‏الخلاقة‏.
‏ ‏* ‏الحرص‏ ‏علي‏ ‏تطبيق‏ ‏الديمقراطية‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏المؤسسات‏ ‏المدنية‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الاختيار‏ ‏الحر‏ ‏المباشر‏ ‏وتطبيق‏ ‏نظام‏ ‏التداول‏ ‏في‏ ‏إدارتها‏ ‏للتعود‏ ‏علي‏ ‏هذه‏ ‏الآلية‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏المستويات‏ ‏الثقافية‏ ‏والاجتماعية‏ ‏دون‏ ‏استثناء‏.‏

‏- ‏اعتبار‏ ‏الديموقراطية‏ ‏مفتاح‏ ‏التنمية‏ ‏الاجتماعية‏ ‏والانتاج‏ ‏المبدع‏ ‏في‏ ‏الثقافة‏ ‏والفكر‏, ‏والترجمة‏ ‏الحقيقية‏ ‏للمبدأ‏ ‏الحاكم‏ ‏في‏ ‏حركة‏ ‏الحضارة‏ ‏الحديثة‏ ‏وهو‏ ‏الحرية‏.‏
ب‏- ‏احترام‏ ‏التعدد‏ ‏الثقافي‏:‏
تأسيسا‏ ‏علي‏ ‏منظومة‏ ‏القيم‏ ‏المستقرة‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏المصري‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏مبدأ‏ ‏التعايش‏ ‏السمح‏ ‏بين‏ ‏الأديان‏ ‏واحترام‏ ‏المقدسات‏, ‏مع‏ ‏الاهتمام‏ ‏الخاص‏ ‏بتأكيد‏ ‏حرية‏ ‏الرأي‏ ‏والاعتقاد‏, ‏كما‏ ‏تنص‏ ‏ذلك‏ ‏جميع‏ ‏الشرائع‏ ‏والدساتير‏ ‏مع‏ ‏عدم‏ ‏المساس‏ ‏بمبدأ‏ ‏الحرية‏ ‏الأصيل‏ ‏الذي‏ ‏يحول‏ ‏دون‏ ‏تقديس‏ ‏غير‏ ‏المقدس‏ ‏يؤدي‏ ‏الي‏ ‏إتاحة‏ ‏الفرصة‏ ‏الكاملة‏ ‏لتشجيع‏ ‏مظاهر‏ ‏التنوع‏ ‏الثقافي‏ ‏الخلاق‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏الواحد‏ ‏وبين‏ ‏المجتمعات‏ ‏المختلفة‏, ‏مما‏ ‏يقتضي‏ ‏ضرورة‏ ‏المساواة‏ ‏بين‏ ‏جميع‏ ‏الطوائف‏ ‏والأعراق‏. ‏والاعتراف‏ ‏بحرية‏ ‏الممارسة‏ ‏العملية‏ ‏للإبداع‏ ‏العلمي‏ ‏والفني‏ ‏دون‏ ‏أية‏ ‏عوائق‏ ‏مع‏ ‏العمل‏ ‏علي‏ ‏تطوير‏ ‏فابلية‏ ‏المجتمع‏ ‏للنقد‏ ‏وممارسة‏ ‏النقد‏ ‏الذاتي‏ ‏للعادات‏ ‏السيئة‏ ‏والتقاليد‏ ‏الجامدة‏ ‏وتحمل‏ ‏نتائج‏ ‏هذه‏ ‏الحرية‏ ‏في‏ ‏التطوير‏ ‏الاجتماعي‏ ‏والثقافي‏ ‏بما‏ ‏يتفق‏ ‏مع‏ ‏حركة‏ ‏التقدم‏ ‏الإنساني‏ ‏الشاملة‏, ‏حيث‏ ‏أصبحت‏ ‏الحرية‏ ‏بمستوياتها‏ ‏السياسية‏ ‏والاجتماعية‏ ‏والثقافية‏ ‏والاقتصادية‏ ‏هي‏ ‏المعيار‏ ‏الحاكم‏ ‏للحضارة‏ ‏الحديثة‏ ‏والأساس‏ ‏الذي‏ ‏تقاس‏ ‏به‏ ‏درجة‏ ‏تقدم‏ ‏الأمم‏.‏
واذا‏ ‏كان‏ ‏المجتمع‏ ‏المصري‏ ‏مازال‏ ‏يعاني‏ ‏من‏ ‏آثار‏ ‏نكسات‏ ‏عديدة‏ ‏في‏ ‏تاريخه‏ ‏الحديث‏ ‏نتيجة‏ ‏للارتداد‏ ‏عما‏ ‏كان‏ ‏قد‏ ‏أدركه‏ ‏من‏ ‏مستويات‏ ‏هذه‏ ‏الحرية‏ ‏خلال‏ ‏فترات‏ ‏القهر‏ ‏والظلم‏ ‏من‏ ‏ناحية‏. ‏أو‏ ‏خلال‏ ‏الفترة‏ ‏الحالية‏ ‏التي‏ ‏ارتفعت‏ ‏فيها‏ ‏الأصوات‏ ‏الحرة‏ ‏للتنديد‏ ‏بمظاهر‏ ‏الشمولية‏ ‏والفساد‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يحرك‏ ‏أحد‏ ‏من‏ ‏المسئولين‏ ‏ساكنا‏ ‏للأخذ‏ ‏بمقتضي‏ ‏ذلك‏ ‏وإصلاح‏ ‏الأوضاع‏ ‏العامة‏ ‏التي‏ ‏كشفت‏ ‏الحرية‏ ‏عن‏ ‏تفاقم‏ ‏أحوالها‏. ‏فإنه‏ ‏يتعين‏ ‏علينا‏ ‏منذ‏ ‏الآن‏ ‏أن‏ ‏نقرن‏ ‏بين‏ ‏حرية‏ ‏القول‏ ‏والفعل‏, ‏بحيث‏ ‏تلتزم‏ ‏السلطات‏ ‏التنفيذية‏ ‏بالاستجابة‏ ‏الفورية‏ ‏لمطالب‏ ‏الاصلاح‏, ‏ويتم‏ ‏تعديل‏ ‏الحركة‏ ‏الشاملة‏ ‏للمجتمع‏ ‏بتحقيق‏ ‏العدالة‏ ‏السياسية‏ ‏والاقتصادية‏ ‏طبقا‏ ‏لمنظور‏ ‏ثقافي‏ ‏استراتيجي‏ ‏يري‏ ‏في‏ ‏الحرية‏ ‏والانتاج‏ ‏ضمان‏ ‏استقرار‏ ‏المجتمع‏.‏
وتأكيدا‏ ‏لهذا‏ ‏المعيار‏ ‏الحاسم‏ ‏للحزب‏ ‏من‏ ‏الوجهة‏ ‏الثقافية‏ ‏نري‏ ‏أن‏ ‏نهضة‏ ‏العلوم‏ ‏والفنون‏ ‏والآداب‏ ‏والإبداع‏ ‏بجميع‏ ‏مظاهرة‏ ‏مرتبطة‏ ‏عضويا‏ ‏باحترام‏ ‏الحريات‏, ‏وأن‏ ‏مكانة‏ ‏مصر‏ ‏علي‏ ‏المستويات‏ ‏العربية‏ ‏والدولية‏ ‏مرهونة‏ ‏بالنموذج‏ ‏الذي‏ ‏تقدمه‏ ‏في‏ ‏احتضان‏ ‏التنوع‏ ‏الثقافي‏ ‏والاعتماد‏ ‏علي‏ ‏التعايش‏ ‏السلمي‏ ‏لتحقيق‏ ‏التقدم‏ ‏الفكري‏ ‏في‏ ‏مختلف‏ ‏المجالات‏.‏

ج‏ - ‏الاعتماد‏ ‏علي‏ ‏التفكير‏ ‏العلمي‏:‏
يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏المنطلق‏ ‏الصحيح‏ ‏للنهضة‏ ‏الثقافية‏, ‏كما‏ ‏أسفرت‏ ‏عنه‏ ‏التجربة‏ ‏المصرية‏ ‏الغنية‏ ‏يتمثل‏ ‏في‏ ‏تشجيع‏ ‏التفكير‏ ‏العلمي‏ ‏وسيادته‏ ‏في‏ ‏جميع‏ ‏المستويات‏, ‏وأنه‏ ‏من‏ ‏الضروري‏ ‏توظيف‏ ‏مراحل‏ ‏التعليم‏ ‏المختلفة‏, ‏وأجهزة‏ ‏الاعلام‏ ‏المتنوعة‏ ‏لترسيخ‏ ‏قناعة‏ ‏الإيمان‏ ‏بالفكر‏ ‏العلمي‏ ‏ونفي‏ ‏أي‏ ‏تعارض‏ ‏مفتعل‏ ‏بينه‏ ‏وبين‏ ‏الفكر‏ ‏الديني‏ ‏الصحيح‏, ‏وذلك‏ ‏باعتبار‏ ‏الفكر‏ ‏العلمي‏ ‏أساس‏ ‏عمليات‏ ‏التخطيط‏ ‏السياسي‏ ‏والاجتماعي‏ ‏والاقتصادي‏, ‏وهو‏ ‏الضامن‏ ‏الرئيسي‏ ‏لقيام‏ ‏حركة‏ ‏ثقافية‏ ‏وعلمية‏ ‏منتجة‏, ‏تفيد‏ ‏من‏ ‏العناصر‏ ‏الايجابية‏ ‏في‏ ‏التراث‏ ‏العربي‏ ‏وتستثمر‏ ‏الطاقات‏ ‏الحقيقية‏ ‏للإنسان‏ ‏في‏ ‏إقامة‏ ‏مجتمع‏ ‏الكفاية‏ ‏والانتاج‏ ‏والمعرفة‏, ‏كما‏ ‏أن‏ ‏هذا‏ ‏التفكير‏ ‏العلمي‏ ‏هو‏ ‏أساس‏ ‏التكافؤ‏ ‏الحقيقي‏ ‏بين‏ ‏الشعوب‏ ‏والثقافات‏ ‏وجسر‏ ‏التعاون‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏المعرفة‏ ‏والمعلومات‏, ‏وبدون‏ ‏هذا‏ ‏التأسيس‏ ‏والتأكيد‏ ‏الدائم‏ ‏لسيادة‏ ‏الفكر‏ ‏العلمي‏ ‏يظل‏ ‏المجتمع‏ ‏فريسة‏ ‏لانتشار‏ ‏الغيبيات‏ ‏والخرافات‏ ‏والتواكل‏ ‏وتدهور‏ ‏الأوضاع‏ ‏الاجتماعية‏ ‏والفكرية‏ ‏والثقافية‏, ‏كما‏ ‏أن‏ ‏ثقافة‏ ‏التنمية‏ ‏الشاملة‏ ‏ترتكز‏ ‏بدورها‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏التخطيط‏ ‏العلمي‏ ‏والتنظيم‏ ‏المجتمعي‏ ‏الذي‏ ‏يحول‏ ‏دون‏ ‏شيوع‏ ‏ثقافة‏ ‏العشوائيات‏ ‏والارتجال‏ ‏والتخبط‏, ‏ويري‏ ‏الحزب‏ ‏ضرورة‏ ‏العناية‏ ‏الخاصة‏ ‏بالثقافة‏ ‏الريفية‏ ‏التي‏ ‏يتسع‏ ‏فيها‏ ‏نطاق‏ ‏العوامل‏ ‏التقليدية‏ ‏لثقافة‏ ‏ما‏ ‏قبل‏ ‏عصر‏ ‏العلم‏ ‏والتكنولوجيا‏. ‏وربما‏ ‏كان‏ ‏انتشار‏ ‏الأمية‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏وجهل‏ ‏القائمين‏ ‏علي‏ ‏بعض‏ ‏أجهزة‏ ‏الصحافة‏ ‏والاعلام‏ ‏من‏ ‏جانب‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏اشد‏ ‏عوائق‏ ‏سيادة‏ ‏التفكير‏ ‏العلمي‏ ‏بما‏ ‏يحرصون‏ ‏عليه‏ ‏من‏ ‏ترويح‏ ‏لثقافة‏ ‏الخرافات‏ ‏والأوهام‏, ‏وهنا‏ ‏تبرز‏ ‏مرة‏ ‏أخري‏ ‏أهمية‏ ‏تجديد‏ ‏الخطاب‏ ‏الديني‏ ‏بكل‏ ‏مستوياته‏ ‏لإعلاء‏ ‏قيمة‏ ‏المعرفة‏ ‏والعقل‏, ‏وبدون‏ ‏تحديث‏ ‏الثقافة‏ ‏العربية‏ ‏المتواصل‏ ‏لتستوعب‏ ‏منجزات‏ ‏العلم‏ ‏وتتسع‏ ‏لكشوفه‏ ‏وتسهم‏ ‏في‏ ‏صناعته‏ ‏سنظل‏ ‏أمما‏ ‏مهمشة‏ ‏وضعيفة‏ ‏وتابعة‏ ‏لغيرها‏, ‏واذا‏ ‏كانت‏ ‏قد‏ ‏فاتتنا‏ ‏ثورات‏ ‏معرفية‏ ‏متتابعة‏ ‏فلابد‏ ‏من‏ ‏التقدم‏ ‏للإسهام‏ ‏الحضاري‏ ‏في‏ ‏ثورة‏ ‏المعلومات‏ ‏ومجتمع‏ ‏المعرفة‏ ‏الذي‏ ‏يتشكل‏ ‏اليوم‏.‏
د‏ - ‏تعزيز‏ ‏ثقافة‏ ‏المستقبل‏:‏
يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏مفهوم‏ ‏الثقافة‏ ‏لم‏ ‏يعد‏ ‏يقتصر‏ ‏علي‏ ‏الماضي‏ ‏وما‏ ‏يخلفه‏ ‏من‏ ‏آثار‏ ‏علي‏ ‏المادة‏ ‏والروح‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الإنسان‏, ‏بل‏ ‏إن‏ ‏سرعة‏ ‏إيقاع‏ ‏الحياة‏ ‏المعاصرة‏ ‏تمثل‏ ‏تحديا‏ ‏حقيقيا‏ ‏للمنظومات‏ ‏الثقافية‏ ‏ونتائجها‏ ‏المادية‏ ‏يتعيين‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نستجيب‏ ‏له‏ ‏بوعي‏ ‏وقوة‏.‏
وهناك‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏أربعة‏ ‏مظاهر‏ ‏بارزة‏ ‏تمثل‏ ‏أهم‏ ‏متغيرات‏ ‏ثقافة‏ ‏المستقبل‏ ‏علينا‏ ‏أن‏ ‏نستجيب‏ ‏لها‏ ‏ونتصدي‏ ‏لأداء‏ ‏دورنا‏ ‏الثقافي‏ ‏من‏ ‏خلالها‏ ‏وهي‏:‏
‏- ‏قياسا‏ ‏علي‏ ‏ما‏ ‏نتصوره‏ ‏اليوم‏ ‏من‏ ‏حصاد‏ ‏ثقافي‏ ‏في‏ ‏الإبداع‏ ‏الأدبي‏ ‏والفني‏ ‏للقرن‏ ‏العشرين‏ ‏الذي‏ ‏يكاد‏ ‏يعادل‏ ‏ما‏ ‏أنتجته‏ ‏الإنسانية‏ ‏في‏ ‏تاريخها‏ ‏الطويل‏ ‏فإن‏ ‏القرن‏ ‏الحالي‏ ‏الحادي‏ ‏والعشرين‏ ‏سينتج‏ ‏من‏ ‏أشكال‏ ‏الشعر‏ ‏والقصة‏ ‏والرواية‏ ‏والمسرح‏ ‏والفنون‏ ‏الدرامية‏ ‏والبصريات‏ ‏الجديدة‏, ‏وتلك‏ ‏الفنون‏ ‏المرتبطة‏ ‏بثورة‏ ‏المعلومات‏ ‏والحواسب‏ ‏الآلية‏ ‏والعوالم‏ ‏الافتراضية‏ ‏وطرق‏ ‏توظيفها‏ ‏ما‏ ‏سيعتبر‏ ‏نقله‏ ‏نوعية‏ ‏وتقدما‏ ‏حقيقيا‏ ‏يتجاوز‏ ‏بكثير‏ ‏ما‏ ‏أدركناه‏ ‏حتي‏ ‏اليوم‏, ‏حيث‏ ‏إن‏ ‏المواهب‏ ‏الإنسانية‏ ‏تتضاعف‏ ‏ومنتجات‏ ‏الفكر‏ ‏والخيال‏ ‏لأبد‏ ‏أن‏ ‏تضيف‏ ‏الي‏ ‏ما‏ ‏حصله‏ ‏الإنسان‏ ‏فضاءات‏ ‏عدة‏ ‏واعدة‏ ‏بتطور‏ ‏مزدهر‏, ‏كل‏ ‏هذا‏ ‏يتطلب‏ ‏منا‏ ‏الانصراف‏ ‏الي‏ ‏الاسهام‏ ‏الفعال‏ ‏في‏ ‏ثقافة‏ ‏المستقبل‏, ‏والتسليم‏ ‏بما‏ ‏يعتري‏ ‏الثقافات‏ ‏من‏ ‏تفاعل‏ ‏وتجدد‏ ‏لاستثمار‏ ‏طاقاتنا‏ ‏في‏ ‏الاضافة‏ ‏والتجديد‏ ‏بدلا‏ ‏من‏ ‏الاكتفاء‏ ‏بالفخر‏ ‏بأننا‏ ‏أصحاب‏ ‏ثقافات‏ ‏عريقة‏ ‏غنية‏, ‏لان‏ ‏تحديات‏ ‏المستقبل‏ ‏هي‏ ‏التي‏ ‏تفرض‏ ‏علينا‏ ‏المشاركة‏ ‏الايجابية‏ ‏في‏ ‏صناعته‏.‏
‏- ‏لعل‏ ‏المجال‏ ‏الذي‏ ‏سيسمح‏ ‏للإنسان‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏ ‏القريب‏ ‏بإنتاج‏ ‏ثقافي‏ ‏مخالف‏ ‏ومكافئ‏ ‏لما‏ ‏أنتجه‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏العصور‏ ‏الماضية‏ ‏هو‏ ‏تطبيقات‏ ‏العلوم‏ ‏علي‏ ‏الحياة‏ ‏في‏ ‏جوانبها‏ ‏التكنولوجية‏, ‏فهذا‏ ‏العلم‏ ‏الذي‏ ‏يوسع‏ ‏قدرة‏ ‏البشر‏ ‏علي‏ ‏التحكم‏ ‏في‏ ‏حياتهم‏ ‏وفي‏ ‏الكون‏ ‏من‏ ‏حولهم‏ ‏ينتج‏ ‏كل‏ ‏يوم‏ ‏أدوات‏ ‏تقنية‏ ‏جديدة‏ ‏تختزل‏ ‏في‏ ‏كفاءتها‏ ‏ما‏ ‏أنتجه‏ ‏من‏ ‏قبل‏ ‏في‏ ‏عصور‏ ‏طويلة‏ ‏وتحل‏ ‏محلها‏. ‏ويكفي‏ ‏أن‏ ‏نلقي‏ ‏نظرة‏ ‏سريعة‏ ‏علي‏ ‏أدوات‏ ‏الزراعة‏ ‏والصناعة‏ ‏والطب‏ ‏والصيدلة‏ ‏وما‏ ‏أحدثته‏ ‏من‏ ‏تغييرات‏ ‏نوعية‏ ‏كبري‏ ‏في‏ ‏حياة‏ ‏الإنسان‏ ‏ومنجزاته‏ ‏اسهمت‏ ‏في‏ ‏خلق‏ ‏أدوات‏ ‏ثقافية‏ ‏جديدة‏ ‏بوسائل‏ ‏مادية‏ ‏ضاعفت‏ ‏آلاف‏ ‏المرات‏ ‏من‏ ‏كفاءتها‏ ‏ونجاحتها‏ ‏في‏ ‏الانتاج‏ ‏والصحة‏ ‏والمعرفة‏ ‏حتي‏ ‏ندرك‏ ‏أن‏ ‏مجال‏ ‏التطبيقات‏ ‏التكنولوجية‏ ‏لنتائج‏ ‏التطور‏ ‏العلمي‏ ‏في‏ ‏ظل‏ ‏الطفرات‏ ‏النووية‏ ‏والهندسة‏ ‏الوراثية‏ ‏والمخترعات‏ ‏الجديدة‏ ‏ستسمح‏ ‏بتحولات‏ ‏كبري‏ ‏في‏ ‏الثقافة‏ ‏الانسانية‏ ‏لا‏ ‏نستطيع‏ ‏أن‏ ‏ندينها‏ ‏لما‏ ‏تحمله‏ ‏من‏ ‏امكانات‏ ‏الشر‏ ‏والتدمير‏, ‏فكل‏ ‏ما‏ ‏أنتجه‏ ‏العقل‏ ‏البشري‏ ‏يمكن‏ ‏أن‏ ‏يوظف‏ ‏لانتصار‏ ‏الخير‏ ‏وبناء‏ ‏الحضارات‏, ‏وعلينا‏ ‏بالتالي‏ ‏أن‏ ‏نسهم‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المعترك‏ ‏العلمي‏ ‏ونمنحه‏ ‏أبعاده‏ ‏الأخلاقية‏ ‏ونثق‏ ‏في‏ ‏إمكانات‏ ‏حل‏ ‏المشكلات‏ ‏العارضة‏ ‏الموقوته‏ ‏للتطور‏ ‏العلمي‏ ‏والإنساني‏ ‏بالمشاركة‏ ‏الفعالة‏ ‏في‏ ‏إنتاجها‏ ‏وعدم‏ ‏تبرير‏ ‏قصورنا‏ ‏بالبحث‏ ‏عن‏ ‏أضرارها‏,‏لابد‏ ‏للثقافة‏ ‏العربية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏أن‏ ‏تهيئ‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏ ‏لا‏ ‏ليتقبل‏ ‏نتائج‏ ‏هذه‏ ‏التطورات‏ ‏فحسب‏ ‏بل‏ ‏ليدفع‏ ‏علماءه‏ ‏ومؤسساته‏ ‏للإسهام‏ ‏الحقيقي‏ ‏في‏ ‏تكوينها‏.‏
‏- ‏وإذا‏ ‏كان‏ ‏أبرز‏ ‏مجال‏ ‏للتغيرات‏ ‏الثقافية‏ ‏المستقبلية‏ ‏يتمثل‏ ‏في‏ ‏إعادة‏ ‏تشكيل‏ ‏علاقة‏ ‏الإنسان‏ ‏بالمكان‏ ‏والزمان‏ ‏فإن‏ ‏الحزب‏ ‏يري‏ ‏ضرورة‏ ‏المسارعة‏ ‏بتنمية‏ ‏الأرض‏ ‏المصرية‏ ‏بتوسيع‏ ‏رقعة‏ ‏الوادي‏ ‏واحتضان‏ ‏المشروعات‏ ‏الكبري‏ ‏في‏ ‏غزو‏ ‏الصحراء‏ ‏وخلق‏ ‏مجتمعات‏ ‏جديدة‏ ‏بتشجيع‏ ‏ثقافة‏ ‏الهجرة‏ ‏داخل‏ ‏الوطن‏ ‏وتيسير‏ ‏سبل‏ ‏إقامة‏ ‏المستوطنات‏ ‏فيه‏, ‏حتي‏ ‏يتخلق‏ ‏لدينا‏ ‏وعي‏ ‏جديد‏ ‏بالمكان‏, ‏وفي‏ ‏الوقت‏ ‏الذي‏ ‏يتجه‏ ‏فيه‏ ‏البشر‏ ‏في‏ ‏المجتمعات‏ ‏الناهضة‏ ‏لغزو‏ ‏الفضاء‏ ‏واحتلال‏ ‏أمكنه‏ ‏جديدة‏ ‏فيه‏ ‏خارج‏ ‏الكرة‏ ‏الأرضية‏ ‏يتعين‏ ‏علي‏ ‏المصريين‏ ‏استثمار‏ ‏طاقة‏ ‏مكانهم‏ ‏الأصيل‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏, ‏مما‏ ‏يتطلب‏ ‏تغيير‏ ‏علاقتنا‏ ‏بالمكان‏ ‏وإضافة‏ ‏فضاءات‏ ‏جديدة‏ ‏إليه‏ ‏مما‏ ‏يصنع‏ ‏ثقافة‏ ‏تتخلص‏ ‏من‏ ‏محدوديتها‏ ‏الموروثة‏.‏
‏- ‏أما‏ ‏علاقتنا‏ ‏بالزمان‏, ‏فإنه‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏انكمشت‏ ‏الأرض‏ ‏تمدد‏ ‏الوقت‏, ‏ففضلا‏ ‏عن‏ ‏الإمكانات‏ ‏الحقيقية‏ ‏لمضاعفة‏ ‏أعمار‏ ‏البشر‏ ‏في‏ ‏مدي‏ ‏زمني‏ ‏قريب‏ ‏كما‏ ‏تدل‏ ‏علي‏ ‏ذلك‏ ‏كل‏ ‏الشواهد‏ ‏العلمية‏ ‏فإن‏ ‏ذلك‏ ‏ينبغي‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏دافعا‏ ‏لنا‏ ‏للمشاركة‏ ‏في‏ ‏الثورة‏ ‏التكنولوجية‏ ‏لصناعات‏ ‏الغذاء‏ ‏حتي‏ ‏لا‏ ‏تصبح‏ ‏مشاكل‏ ‏الانفجار‏ ‏السكاني‏ ‏هي‏ ‏الكابوس‏ ‏الثقافي‏ ‏المستقبلي‏ ‏لأن‏ ‏التقدم‏ ‏العلمي‏ ‏الذي‏ ‏سيؤدي‏ ‏إلي‏ ‏تضاعف‏ ‏أعداد‏ ‏السكان‏ ‏هو‏ ‏نفسه‏ ‏الذي‏ ‏سينهض‏ ‏لتقديم‏ ‏الغذاء‏ ‏والخدمات‏ ‏ووسائل‏ ‏الترفيه‏ ‏لهم‏, ‏بل‏ ‏إنه‏ ‏سيوفر‏ ‏لهم‏ ‏الوقت‏ ‏الكافي‏ ‏للتمتع‏ ‏بتغليب‏ ‏الجوانب‏ ‏والأدوات‏ ‏الآلية‏ ‏علي‏ ‏الانتاج‏, ‏مما‏ ‏سيتيح‏ ‏له‏ ‏إبداع‏ ‏اشكال‏ ‏ثقافية‏ ‏جديدة‏ ‏يستثمر‏ ‏فيها‏ ‏طاقته‏, ‏فكل‏ ‏منتجات‏ ‏العصر‏ ‏القادم‏ ‏ستوفر‏ ‏للانسان‏ ‏أزمنة‏ ‏تضيف‏ ‏الي‏ ‏رصيده‏ ‏الثقافي‏, ‏لكنه‏ ‏لن‏ ‏يتمكن‏ ‏من‏ ‏تحقيق‏ ‏وجوده‏ ‏بتوازن‏ ‏إلا‏ ‏اذا‏ ‏شارك‏ ‏في‏ ‏هذه‏ ‏الثورة‏ ‏العلمية‏, ‏مما‏ ‏يجعل‏ ‏من‏ ‏الضروري‏ ‏لنا‏ ‏أن‏ ‏ندخل‏ ‏بأقصي‏ ‏طاقاتنا‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏الانتاج‏ ‏العلمي‏ ‏للمستقبل‏.‏
‏- ‏وأخيرا‏ ‏فإن‏ ‏التحدي‏ ‏الذي‏ ‏يفرض‏ ‏نفسه‏ ‏علي‏ ‏جميع‏ ‏الثقافات‏ ‏الكونية‏ ‏المعاصرة‏ ‏هو‏ ‏التنافس‏ ‏الشرس‏ ‏في‏ ‏عصر‏ ‏العولمة‏ ‏الكاسحة‏, ‏ومن‏ ‏الواضح‏ ‏أن‏ ‏الثقافات‏ ‏الضعيفة‏ ‏الهشة‏ ‏لا‏ ‏مستقبل‏ ‏لها‏. ‏وأن‏ ‏اللغات‏ ‏الفقيرة‏ ‏لا‏ ‏أمل‏ ‏عندها‏ ‏للخروج‏ ‏منتصرة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المعترك‏, ‏وهنا‏ ‏تتجلي‏ ‏قيمة‏ ‏الايمان‏ ‏الحقيقي‏ ‏بأصالة‏ ‏ثقافتنا‏ ‏العربية‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏وقدرتها‏ ‏علي‏ ‏إثبات‏ ‏وجودها‏ ‏والخروج‏ ‏من‏ ‏محنة‏ ‏التنافس‏ ‏الانتاجي‏ ‏والمعرفي‏ ‏بمنجزاتها‏ ‏الأصيلة‏ ‏وإسهاماتها‏ ‏الخلاقة‏, ‏كما‏ ‏أن‏ ‏ثقتنا‏ ‏في‏ ‏ثراء‏ ‏لغتنا‏ ‏وأهمية‏ ‏ما‏ ‏تحمله‏ ‏من‏ ‏مضامين‏ ‏علمية‏ ‏ودينية‏ ‏وفكرية‏ ‏وإبداعية‏ ‏في‏ ‏مختلف‏ ‏مجالات‏ ‏الثقافة‏ ‏الحية‏ ‏هو‏ ‏الذي‏ ‏يجعلنا‏ ‏نضاعف‏ ‏جهودنا‏ ‏لإثرائها‏ ‏بنتائج‏ ‏العلوم‏ ‏وعيون‏ ‏الفكر‏ ‏والإبداع‏, ‏مما‏ ‏يعتبر‏ ‏الضمان‏ ‏الوحيد‏ ‏لصمودنا‏ ‏الثقافي‏ ‏في‏ ‏المستقبل‏.‏
بهذه‏ ‏المحددات‏ ‏الأساسية‏ ‏المتمثلة‏ ‏في‏ ‏ضرورة‏ ‏تأصيل‏ ‏ثقافة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏واتخاذ‏ ‏الحرية‏ ‏محورا‏ ‏لها‏, ‏وتنمية‏ ‏التفكير‏ ‏العلمي‏ ‏واتخاذ‏ ‏التوجه‏ ‏المستقبلي‏ ‏منطلقا‏ ‏له‏, ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏كل‏ ‏المشروعات‏ ‏والبرامج‏ ‏التنفيذية‏ ‏مما‏ ‏أشار‏ ‏إليه‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏العرض‏ ‏الموجز‏ ‏تصب‏ ‏في‏ ‏صالح‏ ‏الوطن‏ ‏مادامت‏ ‏تؤدي‏ ‏إليه‏, ‏ويري‏ ‏أن‏ ‏الحوار‏ ‏الحر‏ ‏المفتوح‏ ‏مع‏ ‏كل‏ ‏الاتجاهات‏ ‏المخالفة‏ ‏هو‏ ‏السبيل‏ ‏الوحيد‏ ‏للوصول‏ ‏الي‏ ‏رؤية‏ ‏مستنيرة‏ ‏وعالمة‏ ‏تفتح‏ ‏أمامنا‏ ‏أبواب‏ ‏المستقبل‏.‏
ثانيا‏: ‏في‏ ‏تطوير‏ ‏وتنمية‏ ‏المنتج‏ ‏الثقافي‏ ‏المصري‏:‏
كانت‏ ‏مصر‏, ‏إلي‏ ‏عقود‏ ‏قليلة‏ ‏ماضية‏, ‏هي‏ ‏منارة‏ ‏الاشعاع‏ ‏الثقافي‏ ‏الأول‏ ‏في‏ ‏العالم‏ ‏العربي‏ ‏بمفكريها‏ ‏ومثقفيها‏ ‏ومبدعيها‏ ‏وفنانيها‏. ‏من‏ ‏خلال‏ ‏الكتاب‏ ‏المصري‏ ‏والمسرح‏ ‏المصري‏, ‏والسينما‏ ‏المصرية‏, ‏والدراما‏ ‏والأعمال‏ ‏التليفزيونية‏ ‏والاذاعية‏, ‏والفنون‏ ‏التشكيلية‏ ‏والموسيقي‏ ‏والغناء ‏.. ‏الخ‏. ‏الآن‏ ‏تغير‏ ‏هذا‏ ‏الوضع‏, ‏بل‏ ‏وانتهي‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏الحالات‏!‏
هذا‏ ‏الثقل‏ ‏الثقافي‏ ‏المصري‏, ‏هو‏ ‏حجر‏ ‏الزاوية‏ ‏في‏ ‏مكانة‏ ‏مصر‏, ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏العربية‏, ‏وأنما‏ ‏ايضا‏ ‏الاسلامية‏ ‏وعلي‏ ‏مستوي‏ ‏العالم‏ ‏الثالث‏ ‏بل‏ ‏وايضا‏ ‏علي‏ ‏المستوي‏ ‏الدولي‏! ‏وقد‏ ‏تدهورت‏ ‏مكانة‏ ‏مصر‏, ‏مع‏ ‏تدهور‏ ‏وتراجع‏ ‏إسهامها‏ ‏الثقافي‏ ‏ودورها‏ ‏الثقافي‏!‏
ان‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏يولي‏ ‏هذه‏ ‏القضية‏ ‏اقصي‏ ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الاهتمام‏, ‏ويضع‏ ‏نصب‏ ‏عينيه‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏إنهاض‏ ‏الثقافة‏ ‏المصرية‏ ‏بكافة‏ ‏تجلياتها‏ ‏واشكالها‏, ‏هدفا‏ ‏لا‏ ‏يقل‏ ‏في‏ ‏اهميته‏ ‏بأي‏ ‏حال‏ ‏عن‏ ‏الاصلاح‏ ‏السياسي‏ ‏والانتعاش‏ ‏الاقتصادي‏ ‏والاجتماعي‏.‏
ان‏ ‏الحالة‏ ‏الراهنة‏ ‏للآداب‏ ‏والفنون‏ ‏المصرية‏, ‏بمختلف‏ ‏اوعيتها‏ ‏وقوالبها‏ ‏من‏ ‏الكتاب‏ ‏والقصيدة‏ ‏واللوحه ‏.. ‏الي‏ ‏الفيلم‏ ‏والمسرحية‏ ‏والمسلسل‏ ‏الاذاعي‏ ‏والتليفزيوني ‏.. ‏الخ‏ ‏ينبغي‏ ‏ان‏ ‏تكون‏ ‏محلا‏ ‏لنقاش‏ ‏وحوار‏ ‏جاد‏ ‏يشارك‏ ‏فيه‏ ‏كل‏ ‏المثقفين‏ ‏والمبدعين‏ ‏المصريين‏, ‏نقاش‏ ‏وحوار‏, ‏لا‏ ‏يكرر‏ ‏المناقشات‏ ‏والحوارات‏ ‏الكثيرة‏ ‏التي‏ ‏جرت‏ ‏في‏ ‏السنوات‏ ‏الأخيرة‏, ‏تتحدث‏ ‏عن‏ ‏ازمة‏ ‏المسرح‏, ‏أو‏ ‏أزمة‏ ‏السينما‏, ‏أو‏ ‏ازمة‏ ‏الكتاب‏.. ‏الخ‏ ‏بدون‏ ‏ان‏ ‏تصل‏ ‏الي‏ ‏نتائج‏ ‏عمليه‏ ‏محددة‏, ‏ثم‏ ‏انها‏ ‏ان‏ ‏وصلت‏ ‏لتلك‏ ‏النتائج‏, ‏لم‏ ‏تجد‏ ‏الاهتمام‏ ‏لتطبيقها‏ ‏أو‏ ‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏اتخاذ‏ ‏بعض‏ ‏الخطوات‏ ‏لوضعها‏ ‏موضع‏ ‏التنفيذ‏.‏
اننا‏ ‏ندرك‏ ‏ان‏ ‏هذا‏ ‏التطوير‏ ‏للمنتج‏ ‏الثقافي‏ ‏المصري‏ ‏ينطوي‏ ‏علي‏ ‏احياء‏ ‏لروح‏ ‏مصر‏: ‏المتحضرة‏, ‏المعتدلة‏, ‏المتسامحة‏, ‏الرافضة‏ ‏للتزمت‏ ‏والتعصب‏ ‏والتطرف ‏.. ‏والمتفتحه‏ ‏علي‏ ‏الثقافات‏ ‏والحضارات‏ ‏من‏ ‏حولها‏ ‏بدون‏ ‏إفراط‏ ‏في‏ ‏العزلة‏ ‏أو‏ ‏التقوقع‏ ‏علي‏ ‏الذات‏, ‏وبدون‏ ‏تفريط‏ ‏في‏ ‏هويتها‏ ‏والذوبان‏ ‏في‏ ‏ثقافات‏ ‏وهويات‏ ‏آخرين‏!‏
إن‏ ‏خصوبة‏ ‏مصر‏, ‏وابداعها‏, ‏وتدفقها‏ ‏الثقافي‏ .. ‏هي‏ ‏المكمل‏ ‏المنطقي‏ ‏والموضوعي‏ ‏لاصلاحها‏ ‏السياسي‏ ‏الديمقراطي‏ ‏ونهوضها‏ ‏الاقتصادي‏ ‏والاجتماعي‏!‏

الاسكان والعمران

أولا - تقديم :
تتعدد مشاكل مصر العمرانية الراهنة وتحتاج معالجتها الى مراجعة شاملة. واذا كان بناء مجتمع سليم وعصرى يعتمد على وجود منظومة متكاملة ومتناسقة يتمثل أول محاورها فى بناء الإنسان، ومحورها الثاني هو بناء الهياكل الاجتماعية السليمة و المستدامة، فإن الثالث هو بناء الهيكل العمراني لسكن وعمل أبناء هذا المجتمع. و حتى تكون عملية البناء سليمة وصحية يجب توفر علاقة تبادلية بين المحاور الثلاثة بحيث يتم البناء والتشكيل وفق عمليات لانهائية من الفعل ورد الفعل بين جميع المحاور. المنهج الأساسي لبرنامج حزب الجبهة الديمقراطية حول الاسكان والعمران يعتمد على اتجاهين: الأول هو قراءة صريحة لواقع مليء بالمشاكل المتراكمة فى مجال الاسكان والعمران والتي تحتاج إلى مواجهة ومعالجة سريعة لوقف حالة التردى المتفاقم والناتج عن سنوات من الإهمال والحلول الخاطئة، وما يترتب على ذلك من رؤية لمستقبل قاتم، إما الاتجاه الثاني فيتمثل في وضع رؤية مستقبلية واضحة ذات حلول جذرية طويلة المدى كنقطة تمركز ومحور توجيه رئيسي لجميع القرارات والخطط المستقبلية (بغض النظر عن العقبات الحالية).
ثانيا - الهيكل العام للبرنامج
يعتمد هذا الجزء من برنامج الحزب و المعني بالإسكان و التعمير كسائر الأجزاء على ستة مبادئ تشكل الهيكل العام لتنظيم و توجيه الحلول و البرامج المقترحة :-
1- المواطنة
ويتمركز هذا المحور حول تأكيد مبدأ الأنتماء بما يعنى إيمان المواطن بانتمائه لهذا الوطن وملكيته المشتركة له بأكمله: شوارع، و خدمات، و مواصلات ...، وكذلك التأكيد على مبادئ الملكية الخاصة بما تحمله من حقوق و واجبات كأساس لبناء بيئة عمرانية سوية ومنتظمة والتأكيد على حق المصري في بيئة نظيفة : شارع آمن، مسكن صحي، و خدمات هيكلية مستدامة و منتظمة.
2- التكامل
إن البرنامج العام للحزب بناء واحد مكون من عدة لبنات، يعتمد في قوته وفاعليته على تجانس و تلاؤم كل من عناصر البناء مع طبيعتها المنفردة و في نفس الوقت مع باقي العناصر. ولا يمكن تطبيق أو إلغاء جزء فى منأى عن باقي الأجزاء، فلا يمكن تصميم أو تطبيق خطط برنامج العمران في الفراغ بعيدا عن باقي عناصر البرنامج مثل التعليم و البيئة وذلك لارتباطها المباشر بعضها البعض كمنظومة متكاملة.
3- الرؤية المحلية في واقع عالمي
الرؤية يجب ان تكون بيئية متكاملة بما تعنيه من الحفاظ على توازن الأبعاد الثلاث لأي منظومة تخطيطية وهى الإنسان و المكان و الطبيعة، مع التعامل مع البعد المحلي داخل الإطار العالمي على كافة المعايير و المستويات.
4- الرؤية المستقبلية
وضع رؤية مستقبلية واضحة متكاملة الأبعاد تهدف لرسم صورة للتنمية العمرانية كعنصر واحد من منظومة تنمية شاملة للوطن، على ان يكون لتلك الرؤية بعدين، أولهما بعد قريب المدى بعد 25 عام وأخر بعيد المدى بعد 50 عام. ويجب أن يشمل التخطيط الاستراتيجي الشامل ترجمة الرؤية النظرية إلى خطط تنفيذية وبرامج عملية، مع الالتزام الصارم بمنهجية التخطيط .
5- الواقعية
ويقصد بها التركيز على وضع حلول سريعة للمشاكل الراهنة لوقف حالة التردي السريع مع التأكد من تناسقها مع إطار الرؤية المستقبلية الشاملة والاعتماد على منهج علمي في التطبيق وفق آليات تخطيط ومتابعة فعالة وعصرية.
6- دور الحكومة
يجب أن يتركز دور الحكومة على تمكين المواطن من تشكيل و بناء مسكنه و بلده ودراسة مدى إمكانية وضع القوانين واللوائح ونظم المتابعة وصياغة رؤية مستقبلية، مع التنسيق بين جميع مؤسسات الدولة في عمليات التطبيق، مع العمل على كسر المركزية الحالية عن طريق بناء وتطبيق نظام إدارة شئون العمران والبناء لتكون مراكز الإدارات الأساسية المختصة بالتخطيط والتطبيق والمتابعة على مستوى المحافظات وليس على مستوى الحكومة المركزية (مع التنسيق وبالتوافق مع البرنامج السياسي).
ثالثا - حجم المشكلة
1- تقديرات و أرقام لحجم المشكلة
تشير الدراسات الى وجود حوالي 2 مليون وحدة سكنية غير مستغلة (مخزنة لاستعمالات مستقبلية اوغير منتهبة) فى حين ان البرنامج الحكومي الحالي يطالب بإنشاء نصف مليون وحدة في السنوات الست القادمة. وبالنظر الى معدلات البناء في السنوات الخمس وعشرين السابقة فقد قام القطاع العام ببناء1.24 مليون وحدة (بمعدل خمسون الف وحدة سنويا) فى حين كان اسهام القطاع الخاص 2.15 مليون وحدة (بمعدل خمسة و ثمانون الف وحدة سنويا)، كما تشيرتقديرات وزارة التخطيط إلى ان هناك حاجة إلى 5.3 مليون وحدة حتى عام 2017 حوالي 70% منها للإسكان المنخفض التكاليف اي بمعدل حوالي خمسمائة الف وحدة سنويا، وذلك لمواجهة الزيادة السكانية المتوقعة حتى عام 2020 و هي حوالى23 مليون نسمة. لذلك من المنطقي استنتاج بان السياسات الحالية لمواجهة المشكلة لن توفر الحل، خاصة و أن المجتمعات العمرانية الجديدة في السنوات ال- 25 الماضية فشلت في استيعاب أكثر من 50 % من عدد السكان المخطط إستيعابهم إذ يقطنها حاليا حوالي 1.5 مليون فقط، بالإضافة الى ذلك فإن مشروع إسكان مبارك للشباب لم يوفر سوى 80000 وحدة سكنية فقط منذ عام 1997 بينما الحاجة الحالية هي إلى 300 ألف وحدة في العام.
2- مشكلة العشوائيات
مازالت تكلفة السكن الحكومي أعلى من قدرات المواطن الباحث عن السكن بينما القطاع الخاص (وخاصة مانطلق عليه العشوائي) انسب له في التكلفة، إذ ان تكلفة البناء الحكومي أعلى 30% من مثيلتها في القطاع الخاص بسبب التكاليف البيروقراطية والإدارية إلى جانب تكلفة الفساد الإداري الذي يزيد من الخسارة بتوريد منتج نهائي سيئ. وفى إطار تنمية العشوائيات هناك 24 بليون جنيه تم صرفها على برنامج تنمية العشوائيات من 1993 بدون نتيجة ملحوظة سواء فى التحسين من احوالها أو الحد من النزوح من الريف أو معالجة الفقر
3- انعدام التنسيق في التخطيط
يتفاقم حجم المشكلة حين نلاحظ تعدد الجهات المسئولة عن التنمية الحضارية و العمران فى الحكومة وانعدام التنسيق بينها، بل وتتعارض مسئولياتها وتخصصاتها فضلا عن تنافسها على تنفيذ برامجها بدون تعاون، والتى منها على سبيل المثال وزارة الإسكان والمرافق - وزارة التنمية المحلية - وزارة الزراعة - وزارة الكهرباء - وزارة النقل - وزارة الاستثمار، مما قد يفسر التناقض مثلا بين التخطيط الموضوع من قبل وزارة التخطيط والصادر في المرسوم رقم 475 لسنة 1977 والذي يقسم مصر إلى ثماني مناطق والتخطيط الموضوع من وزارة الإسكان و الذى يستخدم تقسيما مختلفا .
4- تكلفة حل مشكلة إسكان محدودي الدخل حتى 2017
طبقا للتقديرات المنشورة في تقرير التنمية البشرية لبرنامج التنمية للأمم المتحدة لعام 2006 تم حساب تكلفة احتياجات ذوي الدخل المحدود من الإسكان كالآتي:
النوع عدد الوحدات التكلفة التقديرية
الوحدات الريفية 1.8 مليون وحدة 72بليون جنيه
الوحدات الحضرية 1.9 مليون وحدة 100 بليون جنيه
اعادة تاهيل مناطق عشوائية 10.5 بليون جنيه
اجمالي التكلفة التقديرية 185 بليون جنيه
رابعا - مستويات وآليات برنامج الإسكان والعمران
يفرق هذا البرنامج بين مستويات التخطيط - النمو العمرانى - التراث العمرانى - التنسيق الحضارى ثم الاسكان:
1- التخطيط
يطالب الحزب بوضع برنامج تخطيط استراتيجي شامل يتميز بتعدد أبعاده على المستوى الزمني وعلى مستوى الأطر، مع الحفاظ على تجانس و تكامل جميع أجزاء البرنامج الاستراتيجي الشامل للبنية السياسية و الاجتماعية و العلمية ... الخ. اى يجب أن يستند التخطيط الاستراتيجى على نظرة شاملة لكامل خريطة الوطن الى جانب النظرة التفصيلية الدقيقة لمستوى المحافظة والمدينة والقرية على المدى الزمني القصير (25 عام) والمدى الطويل (50 عام
يلى ذلك وضع تخطيط شامل لاستعمالات الأراضي فى الحضر والريف يتماشى مع التخطيط الاستراتيجي المستقبلي ويأخذ في الاعتبار الأوضاع الخاصة بالمناطق القديمة والخاصة، لوقف التخبط الحالي في المناطق القديمة مع وضع المناطق الجديدة على طريق نمو عصري موجه.
2- النمو العمراني
المجتمعات العمرانية الجديدة
يجب إعادة النظر فى تخطيط المناطق العمرانية الجديدة فى ظل فشلها فى تحقيق معدلات النمو المرجوة في ربع القرن الماضي. و من ثم وضع تخطيط جديد نابع من الرؤية المستقبلية الجديدة المقترحة يساهم في توجيه النمو السكاني والطاقة البشرية لتحقيق الاستغلال الأمثل لموارد الوطن الطبيعية و البشرية ووضع أليات مجتمع معاصر يضاهى المجتمعات المتحضرة فى جميع المجالات. كما يتحتم صياغة قانون بناء عصري جديد يتماشى مع رؤية بناء مجتمع معاصر ذى احتياجات حديثة ويتناسب مع البيئة الصحراوية إذ انها تشكل فى الواقع مجال الامتداد العمراني الوحيد.
ولزيادة فاعلية المجتمعات الجديدة، يجب التركيز على استكمال شبكة طرق ومواصلات متكاملة تربط جميع المجتمعات العمرانية الجديدة و القديمة، و تفتح مجال النمو في اتجاهات جديدة بما تيسره من حركة اتصال للناس و المنتجات. ووضع برنامج لتوفير قطع اراضى صغيرة بالاضافة الى قروض ميسرة لتمكين المواطنين من البناء بشكل ارخص حيث يتم توفير المصروفات الإدارية الحكومية وتكاليف الفساد فى الوقت الذى يتم فيه الإسراع في تحويل المجتمعات الجديدة إلى هيئات اقتصادية مستقلة والإسراع ايضا في تسجيل الملكية العقارية وفق برنامج زمنى محدد، وآليات واضحة وحديثه.
المجتمعات العمرانية الحالية / القديمة
يقطن غالبية المصريين فى مناطق تتفاوت اعمارها بمئات السنين، وفى هذا الصدد يجب مراجعة أوضاع المجتمعات العمرانية الحالية (كلا على حدة) وإعادة صياغة الشروط الخاصة بتخطيطها و بنائها بهدف الحفاظ على طابعها الخاص، والكثافة السكانية المناسبة، والمعالجة بقدر الإمكان للخلل الناتج عن أكثر من ربع قرن من المخالفات والامتداد العشوائي. وفى هذا الصدد يرى الحزب أنه ليس من الصالح العام تطبيق قانون بناء موحد لا يخاطب الاحتياجات والظروف المختلفة للمجتمعات القديمة و الجديدة، ولذلك فربما كان من الافضل ان يتم تخصيص هذا القانون للمجتمعات الجديدة فقط مع اعداد قانون اخر خاص بالمناطق القديمة و يراعى تفردها وتنوعها التاريخي،كما يجب وضع برنامج لتنمية المناطق ذات الطابع الخاص (مثل وسط مدينة القاهرة) يهدف إلى معالجة حالة التردي والعشوائية فيها مع تصميم آليات لترجمة القيمة التراثية والمعمارية إلى مثيلها في القيمة المادية والثقافية. ويشمل هذا البرنامج العناصر الآتية:
· تنظيم استعمالات الأراضي للحفاظ على الطابع الخاص الذي يميزها ومعالجة أوجه الخلل الواضحة .
*تشكيل مجالس إحياء فاعلة تصبح منبرا لمشاركة قاطني الحي ومن ثم ممارسة حقوقهم في تشكيل مجتمعهم وكذلك تحمل مسئولية الحفاظ عليه،
*وضع برنامج تطوير عمراني لهذه المناطق ذات الطبيعة الخاصة يشجع المستثمرين على الاستثمار في مشاريع تنموية لوجود مجال للعائد المجزى و الحوافز الاقتصادية.
الريف
وهنا أيضا يجب مراعاة الفروق بين الريف القديم والريف الجديد و المتمثل في الأراضي المستصلحة حديثا، أذ يجب وضع تخطيط شامل للريف القديم مع مراعاة ظروفه الاقتصادية الخاصة بهدف زيادة القيمة، ومن ثم زيادة العائد ووقف ظاهرة الطرد التي أصبحت تميزه حاليا، و تطوير رؤية متفردة لمجتمع ريفي ذى خاصية مميزة تضاهي خاصية الحضر في أهميتها لقاطنيه (أي القضاء علي الرؤية الحالية التى تقرن - للأسف - الريف بالتخلف) وسوف يتطلب ذلك وضع برنامج سريع لتحسين الأوضاع البيئية لتوفير الحد المناسب (و ليس فقط الأدنى) من البيئة السكنية الصحية من مياه صالحة للشرب، و كهرباء، و صرف صحي، و اتصالات.
الريف الجديد
يولى الحزب اهتماما كبيرا بوضع رؤية تخطيطية للتوسع في مشاريع الاستصلاح ليس فقط من ناحية التنمية الزراعية ولكن أيضا كتنمية عمرانية متكاملة، فالكثافة المختلفة لمثل هذه المشاريع تتطلب منطقا تخطيطيا مختلفا و غير تقليدي ينبع من رؤية جديدة "لريف جديد" مختلف وذى خواص مختلفة عن ريفنا التقليدي في وادي النيل، يصبح بسببها عنصر جذب سكاني. وذلك بالتوازى مع تنمية الظهير الصحراوي للمحافظات. فتعداد 1996 يشير إلى أن هناك 19 محافظة بها 93 مركز و 2070 قرية لها ظهير صحراوي تشير الدراسات إلى إمكانية تنميتها لاستيعاب 12 مليون نسمة إضافية إذا تم التخطيط السليم بدون التأثير على الأراضي الزراعية وتلك حقيقة يوليها الحزب اقصى درجات الاهتمام، ويشدد على ضرورة استثمارها، واتاحة الفرصة لكل الآفكار المبدعة بشأنها.
2- التراث العمراني
في مقدمة الخصائص المميزة للبيئة العمرانية المصرية تعايش جميع الأحقاب التاريخية المصرية في مكان واحد وتوحدها في زمان واحد معاصر، و من ثم التأثير على حياة وشخصية الانسان المصري المعاصر. و حماية هذا التراث لا تعنى وضعه داخل متاحف والتمتع بمشاهدته عن بعد لأننا نخسر بذلك الخاصية الأساسية المتمثلة في تعايش تلك الاحقاب وتأثيرها على الحياة اليومية الاجتماعية و الاقتصادية، وانطلاقا من هذه الرؤية يطرح الحزب عدة برامج :
برنامج تعريف التراث العمراني
يتطلب ذلك تنظيم سلسلة من المؤتمرات العلمية و الحلقات النقاشية على عدة مستويات للوصول إلى درجة من الفهم العميق والمشترك لسبل تعريف المقصود بالتراث العمراني، والدور الذي يضيفه للبيئة العمرانية المصرية، و الاستناد على هذا التعريف الموحد لجميع البرامج المستقبلية مع تنفيذ برنامج نشر و تثقيف و توعية بهذه الرؤية، لان السبيل الوحيد لضمان نجاح اي برنامج لحماية التراث يجب ان يرتكز على وعي شعبي عميق مستند على ملكية شعبية فعلية لهذا التراث
التنمية الحضرية للمناطق ذات الطابع التراثي
يجب تصميم برنامج شامل للتنمية الحضرية للمناطق ذات الطابع التراثى ينظم ويشجع مشاريع التنمية الحضرية لها، مع استغلال الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص و فتح المجال لإعادة التوظيف و استخدام المناطق والمباني القديمة. كتحديد مناطق معينة ، يتم اعادة تصميم الاستخدامات بها وإصلاح وتنمية البنية الأساسية والعمرانية فيها وإعادة توظيفها بوظائف جديدة بحيث تكون نواه لتشجيع التطوير في المناطق المحيطة عن طريق إثبات الجدوى الاقتصادية والمردود الاستثماري للجميع (مثل تجربة سوليدير في بيروت). و يجب تدعيم ذلك بإيجاد حوافز ضريبية و اقتصادية لمشاريع التنمية الحضرية المتكاملة في المناطق ذات الطابع التراثي.
تخطيط المناطق المحيطة بالمباني الأثرية

للحفاظ على الطابع التاريخى لكثير من أحيائنا يجب وضع تخطيط استراتيجي للمناطق المحيطة بالمباني الأثرية يهدف إلى الحفاظ على الأثر ضد التدهور وإساءة الاستخدام. يرتكز هذا البرنامج على الحفاظ على الطابع الخاص المحيط بالأثر والقيمة المعنوية والتاريخية للمنطقة المحيطة دون الإخلال بالهيكل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة والعمل على تنميتها من خلال الربط بين المردود الاقتصادي والتنموي والاهداف الثقافية للحفاظ على الآثار. ويمكن اللجوء الى إستخدام آليات تم تطبيقها عالميا تشجع المشاريع المشتركة بين الدولة والقطاع الخاصPPI) ) لتنمية المناطق أو المباني الأثرية من منطلق اقتصادي تنموي شامل.
حماية التراث العمراني
تشجيع إعادة الاستخدام للمباني ذات القيمة العمرانية كوسيلة لضمان استدامة صيانتها و العناية بها مع الحد من التلوث السمعي والبصري من خلال تطبيق عملي للاشتراطات البيئية.
4- التنسيق الحضري
لقد اصبحت الغالبية العظمى من المصريين تعيش فى مجتمعات حضرية تتسم بالعشوائية وقلة النظام والتناسق مما يسهم فى إضافة التلوث البصرى الى القائمة الطويلة من ملوثات البيئة التى تتميز بها مدن مصر. ولمعاجة مشكلة التنسيق الحضرى يجب الإعتراف بأهمية شراكة المجتمع مع الحكومة فلا يمكن لطرف واحد بمفرده النجاح فى هذا المجال
. دور المجتمع في إدارة شئون بيئته العمرانية
لقد تدهورت بيئتنا العمرانية بسبب سيادة الفكر العشوائي من ناحية وبسبب زوال الشعور بالملكية من ناحية اخرى. المبدأ السائد في الشارع المصري أصبح "أنا ومن بعدى الطوفان". لذلك ولمواجهة هذا الطوفان من العشوائية الر سمية وغير الرسمية يجب اتباع منهج متكامل يعتمد في المقام الأول على استقطاب مشاركة المواطن وامتلاكه لمنظومة الإصلاح، وذلك يستوجب بناء آليات فاعلة لمشاركة المواطن في قرارات تشكيل البيئة العمرانية و من ثم تطبيق حق الملكية. إن نظام التطبيق والمتابعة للتنسيق الحضري لا يحتاج أن يكون من خلال جهاز حكومي يعمل في إطار سلطوي خارج المحيط المحلى المهتم بالموضوع المنظور، بل يمكن أن يستند على بعد محلى فاعل يرتكز على شعور بالغيرة الصادقة على البيئة و المصلحة المحلية المجتمعة. وفى سبيل ذلك فإن معالجة مشكلة غياب معاني المواطنة يعتبر جزءا أساسيا من العلاج المطلوب للوصول الى نسق حضاري سوي و متجانس مما يتطلب ربط الشعور بالملكية المجتمعة والحقوق و الحريات الفردية في التعبير و مسؤلية تشكيل و بناء بيئة متجانسة مريحة بدون الحاجة الى التحكم السلطوي لفرضها، كما يجب إعادة تأكيد مبدأ التبني الاستثمارى
(Patronage) كوسيلة للإصلاح والنهوض بالمناطق التي بدأت مشوار التدهور بسبب تفتت الملكية وبالتالى غياب المسئولية مثل وسط مدينة القاهرة.
دور الحكومة في ادارة شؤن التنسيق الحضري
الجهاز الرسمي للتنسيق الحضاري في الوضع الراهن لا يمكن أن يكون ذا تأثير كبير لأنه وليد فكر عشوائي يتعامل مع ظواهر المشاكل في معزل عن بواطنها وفى معزل عن الملكية الشعبية. و يستوجب ذلك إعادة صياغة الجهاز الحالي داخل إطار تخطيطي اشمل.
ومن ثم فليس دور الحكومة اعادة طلاء مباني الشارع بلون اصفر واحد لاختلاق تناسق عمراني ... بل دور الحكومة يجب ان يقتصر على خلق المناخ الملائم الذي يسمح لملاك المباني في الشارع الواحد بالتعبير بحرية عن تفردهم من خلال توافق اشمل بمميزات التناسق في التعبير المادية و المعنوية. دور الحكومة اذن يجب ان يقتصر على تشجيع وتمكين الأفراد من التعامل الحر والمسئول مع بيئتهم العمرانية، و تركيز امكانيات الحكومةعلى التوعية ووضع الاطر و النظم الملائمة لذلك.
5- الإسكان
إن العشوائيات إن دلت على شئ فإنما تدل على حجم الطاقة والمقدرة الفردية لدى المواطن المصري لمواجهة مشاكله واحتياجاته والوصول إلى حلول لها، وذلك إذا سمح له بذلك وتم تمكينه.ولذا فإنه يجب الاستفادة من تجارب العشوائيات في تصميم حلول فعالة تنبع من المواطن و تخدم احتياجاته الفعلية و ليس المفترضة ... أي آليات لاستفادة التخطيط المهني من التخطيط الشعبي، وإعادة تخطيط وبناء المناطق العشوائية داخل المدينة من خلال شركات عامة أو خاصة يكون للملاك الأصليين حق امتلاك نسبة فيها، وهنا يمكن وضع برنامج لإعادة تخصيص الأراضي بحيث يشترك عدة ملاك في ضم أراضيهم بهدف إعادة تخطيطها و إدخال المرافق بشراكة مع الحكومة في مقابل دخول المرافق ووضع برنامج استثماري لتنمية الأراضي وإعادة التخصيص.
إسكان ذوي الدخل المحدود
السكن الصحي الآمن حق لكل مواطن مصري وهذا توكيد للمقولة المعروفة "من لا مأوى له لا انتماء له"، ومن هذا المنطلق يرى الحزب أن الدولة مسئولة عن وضع منظومة متكاملة تضمن لكل مواطن هذا الحق مع العلم بأن ذلك لا يعنى بان الدولة مسئولة عن بناء مسكن لكل مواطن. ولكي تكون المنظومة متكاملة يجب أن تتعرض السياسات بصورة متكاملة لعدة عوامل هي الأرض، مواد البناء، المرافق، العمالة، طاقة التشييد، القانون، و التمويل. ولذلك فيجب وضع خطة متكاملة تهدف لإعطاء كل مصري فرصة الحصول على مسكن مناسب يتوافق مع إمكانياته واحتياجاته وتعتمد تلك الخطة على عناصر محددة منها:
- ألا تتاجر الدولة في الأراضي بأي صورة من الصور،
- أن يتم توفير الأراضي لمشاريع إسكان ذوى الدخل المحدود بسعر المرافق فقط وذلك لضمان وجود بديل منافس لأراضى العشوائيات غير المخططة،
-توجيه آليات الرقابة لمحاربة الاحتكار في مواد البناء الأساسية باعتبارها موادا إستراتيجية،
- توفير المرافق لتلك المشاريع، وتشمل المرافق بجانب المرافق التحتية الخدمات الأساسية مثل المواصلات والخدمات الصحية والتعليمية ... الخ،
-وضع برنامج حوافز تشجيعية للقطاع الخاص للرقى بالقدرات الفنية لعمالة قطاع التشييد من خلال مراكز وبرامج تدريب حديثة،
-تحديد العلاقة بين المالك والمستأجر على أسس اقتصادية بحتة، حيث أن المالك الخاص يجب ألا يكون مسئولا عن تمويل دعم محدودي الدخل، وبهذا فإن برامج دعم إسكان محدودي الدخل يكون من خلال:دعم مباشر لتغطية جزء من الإيجار او قروض ميسرة بفوائد منخفضة للمشاريع المخصصة لسكن ذوى الدخل المحدود في مقابل ربط الإيجارات.
دور الحكومة في حل مشكلة الإسكان
الحكومة ليست قادرة على حل مشكلة الإسكان بمفردها والحل لن يكون في بناء الحكومة مساكن لجميع المحتاجين فهي لن تستطيع، وهذا المنهج اثبت فشله من جميع النواحي خلال الخمسين عاما المنصرمة وذلك من جانب الكم فالأعداد المطلوبة تتزايد عن المقررات المالية للحكومة عاما بعد عام وكذلك من ناحية الكيف لرداءة السكن الحكومي وعدم ملائمته لاحتياجات المواطن ومن ثم تسببه في مشاكل اجتماعية جمة. ان دور الحكومة ليس في البناء بل في التمكين والتيسير والتطبيق الصارم للكود فعليا و ليس نظريا. كما يجب تشجيع و تيسير نظام التمويل العقاري كحل لمشكلة إنسانية حيوية على أقصى قدر من الأهمية وليس للربح، مع حل العقبات القانونية التي تعوق التطبيق الفعال له. ومن أهم المشاكل التى يجب على الحكومة مواجهتها إعادة هيكلة المحليات لحل مشاكلها من الجذور وإخضاعها الفعلي للمواطنين. ومن هنا يمكن العمل على إعادة الثقة والأمان إلى المواطن المصري من خلال تمكينه من حقه في القرار، وذلك يتطلب أيضا التخلى عن المنهج السلطوى الحالى فى التخطيط وإستبداله بنظام يوفر التخطيط والدعم الفني بطريق متوازي أفقي يتعامل مع إحتياجات المواطنين مباشرة. وعلى الحكومة أيضا توفير الغطاء القانوني الشرعي لمشاريع يقودها التحرك الشعبي، وأخيرا توفير الحوافز المالية (الضريبية) و الضمانات لقيام مثل هذه المشاريع الشعبية.
الحراك العمراني و السكاني
يجب زرع بذرة - و بالتالي منظومة - الحراك الاجتماعي، و من ثم السكني، بما يشجع الأجيال الجديدة على الانتقال من المسكن الأصغر إلى الأكبر مع مراحل نمو أسرهم وتمكين الجيل الجديد من الامساك بزمام مستقبله من خلال رؤية واضحة مرتبطة بواقعه الفعلي و دوره فيه، مع وضع برنامج لمساعدتهم على إيجاد بدائل سكنية بأحجام مختلفة بأسعار مناسبة، وتحرير فعلى للسوق و توفير الحوافز الاقتصادية لإعادة نظام الإيجار بصورة و بحجم مؤثر في سد احتياجات السوق وتحرير الإيجارات القديمة تدريجيا على فترة من 5 إلى 8 سنوات (من 80% - 100% في السنة) مع أنشاء صندوق دعم الإيجارات لغير القادرين على الزيادة في الإيجارات.

السياسة‏ ‏الصحية
تقديــــم:
ينظر‏ ‏حزب‏ ‏الجبهة‏ ‏الديمقراطية‏ ‏بعين‏ ‏الإعتبار‏ ‏إلي‏ ‏التحسن‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏المؤشرات‏ ‏الصحية‏ ‏مثل‏ ‏إنخفاض‏ ‏معدلات‏ ‏وفيات‏ ‏الأطفال‏ ‏الرضع‏ ‏وتحت‏ ‏الخامسة‏, ‏ووفيات‏ ‏الأمهات‏, ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏التحسن‏ ‏في‏ ‏الحد‏ ‏من‏ ‏الاصابة‏ ‏بالبلهارسيا‏ ‏و‏الملاريا‏ ‏و‏الحد‏ ‏من‏ ‏عدوي‏ ‏شلل‏ ‏الأطفال‏, ‏و‏تنفيذ‏ ‏برامج‏ ‏قومية‏ ‏للتصدي‏ ‏لبعض‏ ‏المشكلات‏ ‏الصحية‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏ ‏مثل‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏صحة‏ ‏الأم‏ ‏والطفل‏ ‏وتنظيم‏ ‏الأسرة‏. ‏كما‏ ‏أدي‏ ‏إستخدام‏ ‏أساليب‏ ‏التقنية‏ ‏الحديثة‏ ‏في‏ ‏تحسن‏ ‏طرق‏ ‏التشخيص‏ ‏و‏العلاج‏ ‏خاصة‏ ‏في‏ ‏الأمراض‏ ‏غير‏ ‏السارية‏ ‏والمزمنة‏. ‏و‏لا‏ ‏يغفل‏ ‏الحزب‏ ‏أيضا‏ ‏ارتفاع‏ ‏نسبة‏ ‏عدد‏ ‏الأسرة‏ ‏للمواطنين‏ ‏بالمستشفيات‏ ‏سواء‏ ‏التابعة‏ ‏لوزارة‏ ‏الصحة‏ ‏والسكان‏ ‏أو ‏القطاع‏ ‏التعليمي‏ ‏و‏القطاع‏ ‏الأهلي‏ ‏و‏الخاص‏ ‏و‏إنتشار‏ ‏العيادات‏ ‏الخاصة‏. ‏كما‏ ‏يجب‏ ‏ألا‏ ‏نغفل‏ ‏النسب‏ ‏العالية‏ ‏للعاملين‏ ‏في‏ ‏تغطية‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏للمواطنين‏ ‏سواء‏ ‏من‏ ‏الأطباء‏ ‏أو ‏هيئات‏ ‏التمريض‏ ‏أو الفئات‏ ‏الفنية‏ ‏المساعدة‏.‏
غير‏ ‏أن‏ ‏تلك‏ ‏التطورات‏, ‏لا‏ ‏تنفي‏ ‏ما‏ ‏تعاني‏ ‏منه‏ ‏الصحة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏من‏ ‏قصور‏ ‏الخدمات‏ ‏و‏تدني‏ ‏مستوي‏ ‏الجودة‏, ‏وسوء‏ ‏مخرجات‏ ‏التدخل‏ ‏الطبي‏ ‏لعلاج‏ ‏المرضي‏, ‏وعدم‏ ‏الإستفادة‏ ‏الواضح‏ ‏من‏ ‏الخدمات‏ ‏عامة‏ ‏والتدخلات‏ ‏الصحية‏ ‏بصفة‏ ‏خاصة‏, ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏أدي‏ ‏إلي‏ ‏إنتشار‏ ‏الأمراض‏ ‏والإعاقة‏ ‏خصوصا‏ ‏بين‏ ‏الفقراء‏. ‏إن‏ ‏الفرق‏ ‏بين‏ ‏ما‏ ‏تم‏ ‏إلي‏ ‏الان‏ ‏و‏بين‏ ‏المطلوب‏ ‏من‏ ‏تحسين‏ ‏نوعية‏ ‏الحياة‏ ‏وتعزيز‏ ‏الصحة‏ ‏كحق‏ ‏من‏ ‏حقوق‏ ‏الانسان‏ ‏لما‏ ‏يقرب‏ ‏من‏ ‏ثلثي‏ ‏المجتمع‏, ‏لا‏ ‏يزال‏ ‏كبيرا‏ ‏و‏بعيد‏ ‏المنال‏, ‏ويزداد‏ ‏الأمر‏ ‏صعوبة‏ ‏مع‏ ‏ترك‏ ‏الأمور‏ ‏تسير‏ ‏علي‏ ‏ما هي‏ ‏عليه‏.‏
لقد‏ ‏أصبح‏ ‏من‏ ‏البديهيات‏ ‏أن‏ ‏تحسن‏ ‏الحالة‏ ‏الصحية‏ ‏للمواطنين‏ ‏يقوم‏ ‏علي‏ ‏عوامل‏ ‏إقتصادية‏, ‏وإجتماعية‏, ‏وسياسية‏ ‏و‏ثقافية‏ ‏إلي‏ ‏جانب‏ ‏توفير‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏البيئية‏, ‏بالتنسيق‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏و‏بين‏ ‏الهيئات‏ ‏والمنظمات‏ ‏الانمائية‏ ‏لتؤدي‏ ‏في‏ ‏النهاية‏ ‏إلي‏ ‏تمتع‏ ‏السكان‏ ‏بالرفاهية‏ ‏الصحية‏, ‏وهو ‏الأمر‏ ‏الغائب‏ ‏تماما‏ ‏و‏الذي‏ ‏تفتقر‏ ‏اليه‏ ‏البرامج‏ ‏و‏تعجز‏ ‏المحاولات‏ ‏الفاشلة‏ ‏لتحسين‏ ‏الصحة‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏عن‏ ‏تحقيقه‏.‏
الدليل‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏هو ‏إستمرار‏ ‏إنتشار‏ ‏الأمراض‏ ‏السارية‏ (‏أمراض‏ ‏التخلف‏) ‏و‏ما‏ ‏تسببه‏ ‏من‏ ‏الوفيات‏, ‏بالإضافة‏ ‏إلي‏ ‏زيادة‏ ‏نسب‏ ‏الإعاقة‏ ‏التي‏ ‏يتحمل‏ ‏الفقراء‏ ‏والفئات‏ ‏المهمشة‏ ‏معظم‏ ‏اعبائها‏ ‏مما‏ ‏يزيد‏ ‏الفجوة‏ ‏بين‏ ‏الفقراء‏ ‏و‏الأغنياء‏.‏
و‏ما‏ ‏يزال‏ ‏هناك‏ ‏افتقاد‏ ‏إلي‏ ‏رؤية‏ ‏واقعية‏ ‏لأوضاع‏ ‏الصحة‏ ‏بالمجتمع‏ ‏المصري‏, ‏وبغض‏ ‏النظر‏ ‏عن‏ ‏الحاجة‏ ‏الشديدة‏ ‏و‏الملحة‏ ‏لزيادة‏ ‏الإعتمادات‏ ‏المالية‏ ‏للصحة‏ ‏لمواجهة‏ ‏المشكلات‏ ‏المزمنة‏ ‏لتحسين‏ ‏البيئة‏ ‏المسببة‏ ‏للأمراض‏, ‏وكذلك‏ ‏تحسين‏ ‏الخدمات‏ ‏الداعمة‏ ‏للحفاظ‏ ‏علي‏ ‏الصحة‏ ‏التي‏ ‏يقدر‏ ‏الآن‏ ‏أنها‏ ‏من‏ ‏أهم‏ ‏محددات‏ ‏التنمية‏. ‏لقد‏ ‏أدي‏ ‏تعدد‏ ‏الجهات‏ ‏المقدمة‏ ‏للخدمة‏ ‏و‏عدم‏ ‏الإلتزام‏ ‏بتطبيق‏ ‏بروتوكلات‏ ‏الجودة‏ ‏في‏ ‏الإدارة‏ ‏وفي‏ ‏الخدمات‏ ‏إلي‏ ‏زيادة‏ ‏معاناة‏ ‏الأسر‏ ‏وإلي‏ ‏اضطرادها‏ ‏إلي‏ ‏الإنفاق‏ ‏من‏ ‏جيبها‏ ‏الخاص‏ ‏للحصول‏ ‏علي‏ ‏الحد‏ ‏الأدني‏ ‏من‏ ‏المطلوب‏ ‏للعلاج‏, ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏لتغطية‏ ‏الإنفاق‏ ‏علي‏ ‏الدواء‏ ‏ولكن‏ ‏للحصول‏ ‏علي‏ ‏الخدمات‏ ‏التشخيصية‏ ‏والعلاجية‏. ‏لقد‏ ‏أدي‏ ‏ذلك‏ ‏إلي‏ ‏وفاء‏ ‏المواطنين‏ ‏بحوالي‏ 61% ‏من‏ ‏تكاليف‏ ‏الخدمة‏ ‏الصحية‏ ‏مقابل‏ 39% ‏من‏ ‏الإنفاق‏ ‏الحكومي‏, ‏يتحمل‏ ‏الفقراء‏ ‏ومتوسطو ‏الحال‏ ‏العبء‏ ‏الأكبر‏ ‏منها‏ ‏و‏هو ‏ما‏ ‏يمثل‏ ‏ضغطا‏ ‏غير‏ ‏إنساني‏ ‏علي‏ ‏الأسرة‏ ‏المصرية‏. ‏وحتي‏ ‏حين‏ ‏تدعم‏ ‏الدولة‏ ‏بعض‏ ‏البرامج‏ ‏بغرض‏ ‏مساندة‏ ‏الفقراء‏ ‏فإنها‏ ‏تنتهي‏ ‏في‏ ‏جزء‏ ‏كبير‏ ‏منها‏ ‏لصالح‏ ‏القادرين‏ ‏و‏أصحاب‏ "‏المعارف‏" ‏والواسطة‏ ‏مثل‏ (‏العلاج‏ ‏علي‏ ‏نفقة‏ ‏الدولة) ‏الذي‏ ‏يدل‏ ‏علي‏ ‏الفشل‏ ‏التام‏ ‏للعلاج‏ ‏المجاني‏ ‏و‏فشل‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏قامت‏ ‏الدولة‏ ‏بتجربته‏ ‏لرفع‏ ‏المستوي‏ ‏الصحي‏ ‏للفقراء‏.‏
ويري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏يحدث‏ ‏في‏ ‏مجال‏ ‏إنتاج‏ ‏و‏توزيع‏ ‏و‏إستهلاك‏ ‏الدواء‏ ‏يشير‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏الدولة‏ ‏لا‏ ‏تتبني‏ ‏إستراتيجية‏ ‏واضحة‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏, ‏ولا‏ ‏تأخذ‏ ‏بالأساليب‏ ‏الدقيقة‏ ‏في‏ ‏مراقبة‏ ‏جودة‏ ‏الخامات‏ ‏أو ‏الإنتاج‏ ‏ولا‏ ‏مراقبة‏ ‏الأسواق‏, ‏مما‏ ‏نتج‏ ‏عنه‏ ‏زيادة‏ ‏غير‏ ‏مسبوقة‏ ‏لتكرار‏ ‏الوصفات‏ ‏الطبية‏ ‏لقلة‏ ‏المواد‏ ‏الفعالة‏ ‏بالمنتج‏, ‏مع‏ ‏إطالة‏ ‏مدد‏ ‏الشفاء‏, ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏زيادة‏ ‏الأسعار‏ ‏و‏تقليل‏ ‏حجم‏ ‏العبوات‏ ‏و‏إنفلات‏ ‏الأسواق‏ ‏وملأها‏ ‏بالمنتجات‏ ‏المهربة‏. ‏زاد‏ ‏علي‏ ‏ذلك‏ ‏عدم‏ ‏توفير‏ ‏القائمة‏ ‏الأساسية‏ ‏من‏ ‏الأدوية‏ ‏علي‏ ‏مستوي‏ ‏الرعاية‏ ‏الأولية‏.‏
و‏لا‏ ‏يسع‏ ‏الحزب‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏يرصد‏ ‏أيضا‏ ‏مشكلة‏ ‏العاملين‏ ‏بالحقل‏ ‏الصحي‏ ‏بدءأ‏ ‏بالتعليم‏ ‏الطبي‏ ‏الذي‏ ‏لا‏ ‏يرقي‏ ‏للمستوي‏ ‏العالمي‏ ‏من‏ ‏مهارات‏ ‏ومعلومات‏, ‏إلي‏ ‏قصور‏ ‏التدريب‏ ‏و‏عدم‏ ‏وجود‏ ‏نظم‏ ‏ملزمة‏ ‏للتعليم‏ ‏المستمر‏ ‏و‏المحاسبة‏ ‏الفنية‏ ‏طبقا‏ ‏لمعايير‏ ‏آداء‏ ‏متعارف‏ ‏عليها‏ ‏و‏منشورة‏ ‏لجميع‏ ‏التخصصات‏, ‏هذا‏ ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏سوء‏ ‏التوزيع‏ ‏الجغرافي‏ ‏و‏تكدس‏ ‏العاملين‏ ‏بالقاهرة‏ ‏و‏المدن‏ ‏الحضرية‏ ‏و‏غياب‏ ‏تخصصات‏ ‏بالكامل‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏المناطق‏ ‏الأكثر‏ ‏احتياجا‏. ‏ويزيد‏ ‏علي‏ ‏هذا‏, ‏المستوي‏ ‏المتدني‏ ‏لاجور‏ ‏العاملين‏ ‏في‏ ‏حقل‏ ‏الصحة‏, ‏و‏المحاولات‏ ‏الفاشلة‏ ‏لزيادة‏ ‏الحوافز‏, ‏حيث‏ ‏ثبت‏ ‏انه‏ ‏حتي‏ ‏مع‏ ‏مضاعفة‏ ‏الأجور‏ ‏و‏الحوافز‏ ‏فلن‏ ‏يفي‏ ‏ذلك‏ ‏بالإحتياجات‏ ‏الأساسية‏ ‏لأسر‏ ‏العاملين‏ ‏بالصحة‏.‏
أيضا‏ ‏فقد‏ ‏أدي‏ ‏غياب‏ ‏النظم‏ ‏المؤسسية‏ ‏للترقي‏ ‏و‏إختيار‏ ‏القيادات‏ ‏إلي‏ ‏إفراز‏ ‏عناصر‏ ‏غير‏ ‏قادرة‏ ‏علي‏ ‏إجادة‏ ‏الأداء‏ ‏الإداري‏ ‏والي‏ ‏ظهور‏ ‏حالات‏ ‏من‏ ‏الإستغلال‏ ‏للموارد‏ ‏و‏سوء‏ ‏إستخدامها‏ ‏و‏ضعف‏ ‏التوجيه‏ ‏الفني‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏حالات‏ ‏فساد‏ ‏متعددة‏. ‏كما‏ ‏يعاني‏ ‏العمل‏ ‏الصحي‏ ‏من‏ ‏تدني‏ ‏المستوي‏ ‏االفني‏ ‏للفئات‏ ‏المعاونة‏, ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏أدي‏ ‏إلي‏ ‏تدني‏ ‏الرقابة‏ ‏علي‏ ‏البيئة‏ ‏والغذاء‏. ‏وصاحب‏ ‏سوء‏ ‏المعامل‏ ‏بالوحدات‏ ‏الحكومية‏ ‏تضارب‏ ‏النتائج‏ ‏للإختبارات‏ ‏المعملية‏, ‏والغياب‏ ‏التام‏ ‏لمبدأ‏ ‏الصيانة‏ ‏للمعدات‏ ‏والذي‏ ‏يعتبر‏ ‏حفاظا‏ ‏أولا‏ ‏علي‏ ‏المال‏ ‏العام‏ ‏وضمانا‏ ‏لجودة‏ ‏الإستخدام‏ ‏و‏الأداء‏ ‏للمعدة‏. ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏قصور‏ ‏المتابعة‏ ‏و‏التقويم‏ ‏و‏الإنحراف‏ ‏في‏ ‏إعلان‏ ‏النتائج‏ ‏و‏المعلومات‏ ‏لتضليل‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏ ‏عن‏ ‏المستوي‏ ‏المتدني‏ ‏للأداء‏.‏
ويري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏الترصد‏ ‏البيئي‏ ‏و‏الرعاية‏ ‏الوقائية‏ ‏يحتاجان‏ ‏إلي‏ ‏مراجعة‏ ‏شاملة‏ ‏لوضوح‏ ‏القصور‏ ‏في‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏المداخلات‏, ‏والتغاضي‏ ‏عن‏ ‏تطبيق‏ ‏القوانين‏ ‏المكتوبة‏ ‏للحفاظ‏ ‏علي‏ ‏البيئة‏ ‏سواء‏ ‏الهواء‏ ‏أو ‏المياه‏ ‏النقية‏ ‏للشرب‏ ‏و‏الصرف‏ ‏الصحي‏ ‏و‏مراقبة‏ ‏سلامة‏ ‏الغذاء‏.‏
كما‏ ‏تمثل‏ ‏مشكلة‏ ‏سوء‏ ‏التغذية‏ ‏عائقا‏ ‏مؤثرا‏ ‏بالسلب‏ ‏علي‏ ‏صحة‏ ‏المواطنين‏ ‏و‏علي‏ ‏التنمية‏ ‏ككل‏, ‏إذ‏ ‏يعاني‏ ‏المواطن‏ ‏المصري‏ ‏من‏ ‏مشكلتين‏ ‏كلتاهما‏ ‏أمر‏ ‏من‏ ‏الأخري‏ ‏ويقف‏ ‏أمامهما‏ ‏مكتوف‏ ‏اليدين‏: ‏الأولي‏ ‏الزيادة‏ ‏غير‏ ‏المسبوقة‏ ‏لأسعار‏ ‏الغذاء‏ ‏و‏الثانية‏ ‏عدم‏ ‏مأمونية‏ ‏الغذاء‏ ‏نفسه‏. ‏وقد‏ ‏أضطر‏ ‏في‏ ‏الأولي‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏يحتفظ‏ ‏بالكم‏ ‏و‏تغاضي‏ ‏عن‏ ‏المواد‏ ‏الغذائية‏ ‏ذات‏ ‏العائد‏ ‏الصحي‏. ‏و‏في‏ ‏الثانية‏ ‏تحمل‏ ‏المضار‏ ‏و‏مساوئ‏ ‏الإهمال‏ ‏و‏التسيب‏ ‏في‏ ‏الرقابة‏ ‏علي‏ ‏الغذاء‏ ‏علي‏ ‏حساب‏ ‏الصحة‏ ‏و‏عاني‏ ‏من‏ ‏الأمراض‏, ‏إذ‏ ‏تشير‏ ‏الإحصاءات‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ 18% ‏من‏ ‏الأطفال‏ ‏يعانون‏ ‏من‏ ‏سوء‏ ‏التغذة‏ ‏و6% ‏من‏ ‏حالات‏ ‏شديد‏ ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏التخلف‏ ‏العقلي‏ ‏وبطء‏ ‏التحصيل‏ ‏والعمي‏ ‏وفي‏ ‏أبسط‏ ‏الحالات‏ ‏تكرار‏ ‏الإصابة‏ ‏بالإسهال‏ ‏التي‏ ‏تؤدي‏ ‏أيضا‏ ‏إلي‏ ‏سوء التغذية‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلي‏ ‏قصور‏ ‏الدعم‏ ‏بالمغذيات‏ ‏الدقيقة‏.‏
وينظر‏ ‏النظام‏ ‏الصحي‏ ‏إلي‏ ‏المرأة‏ ‏علي‏ ‏إنها‏ ‏وسيلة‏ ‏دعائية‏, ‏فالبرامج‏ ‏المخططة‏ ‏للمرأة‏ ‏لا‏ ‏يستفاد‏ ‏منها‏ ‏فعلا‏ ‏علي‏ ‏المستوي‏ ‏الحقلي‏ ‏و‏لا‏ ‏تستفيد‏ ‏منها‏ ‏المرأة‏ ‏الأكثر‏ ‏فقرا‏. ‏إن‏ ‏إعتلال‏ ‏الصحة‏ ‏لدي‏ ‏المرأة‏ ‏يعكس‏ ‏عدم‏ ‏ربط‏ ‏البرامج‏ ‏الصحية‏ ‏بضرورة‏ ‏إنصاف‏ ‏المرأة‏ ‏و‏تمكينها‏ ‏إقتصاديا‏ ‏و‏إجتماعيا‏ ‏و‏ثقافيا‏. ‏إن‏ ‏الفقر‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏له‏ ‏وجه‏ ‏إمرأة‏, ‏كذلك‏ ‏فإن‏ ‏إعتلال‏ ‏الصحة‏ ‏يخص‏ ‏المرأة‏ ‏بنصيب‏ ‏أكبر‏ ‏نظرا‏ ‏لتعرضها‏ ‏لمخاطر‏ ‏الحمل‏ ‏و‏الولادة‏ ‏غير‏ ‏الآمنة‏ ‏وندرة‏ ‏المتابعة‏ ‏بعد‏ ‏الحمل‏, ‏و‏الإهمال‏ ‏في‏ ‏تنفيذ‏ ‏برامج‏ ‏الصحة‏ ‏الإنجابية‏, ‏وإزدياد‏ ‏حالات‏ ‏السرطان‏, ‏والعدوي‏ ‏بالأمراض‏ ‏المنقولة‏ ‏عن‏ ‏طريق‏ ‏الجنس‏ (‏الكلاميديا‏, ‏المونيليا). ‏و‏تزداد‏ ‏المشاكل‏ ‏المرضية‏ ‏بصورة‏ ‏ملحوظة‏ ‏للمرأة‏ ‏المعيلة‏ ‏ومتقدمه‏ ‏السن‏ ‏نظرا‏ ‏لعدم‏ ‏الاهتمام‏ ‏بتغطية‏ ‏هذه‏ ‏الفئات‏ ‏بتأمين‏ ‏صحي‏ ‏حقيقي‏.‏
ويفتقر‏ ‏النظام‏ ‏الصحي‏ ‏إلي‏ ‏النظرة‏ ‏الواقعية‏ ‏لصحة‏ ‏المراهقين‏ ‏والأطفال‏, ‏مما‏ ‏أدي‏ ‏إلي‏ ‏الزيادة‏ ‏في‏ ‏عدد‏ ‏الوفيات‏ ‏و‏إرتفاع‏ ‏نسب‏ ‏الإعاقة‏ ‏بينهم‏ ‏و‏عدم‏ ‏وجود‏ ‏خطط‏ ‏مستقبلية‏ ‏و‏مداخلات‏ ‏محددة‏ ‏لمواجهة‏ ‏إهمال‏ ‏الأسر‏ ‏و‏الدولة‏ ‏في‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏هذا‏ ‏القطاع‏ ‏الأولي‏ ‏بالرعاية‏, ‏وخاصة‏ ‏المشردين‏ ‏منهم‏, ‏الذين‏ ‏يواجهون‏ ‏بحوادث‏ ‏العنف‏ ‏و‏الإيذاء‏ ‏الجنسي‏ ‏إلي‏ ‏جانب‏ ‏غرس‏ ‏سوء‏ ‏السلوك‏ ‏فيهم‏ ‏من‏ ‏إدمان‏ ‏و‏تدخين‏ ‏و‏تشرد‏ ‏علي‏ ‏إختلاف‏ ‏أعمارهم‏ ‏بالإضافة‏ ‏إلي‏ ‏عدم‏ ‏تهيئة‏ ‏البيئة‏ ‏الملائمة‏ ‏لهم‏ ‏للنمو.‏
وقد‏ ‏لوحظ‏ -‏مع‏ ‏تكرار‏ ‏المأسي‏ ‏و‏الكوارث‏ ‏التي‏ ‏تواجه‏ ‏المواطنين‏- ‏غياب‏ ‏التغطية‏ ‏القومية‏ ‏لإجراءات‏ ‏الطوارئ‏ ‏بداية‏ ‏من‏ ‏وسائل‏ ‏النقل‏ ‏المجهزة‏ ‏بالمعدات‏ ‏و‏الكوادر‏ ‏الفنية‏ ‏إلي‏ ‏قصور‏ ‏أقسام‏ ‏الرعاية‏ ‏العاجلة‏ ‏و‏قلة‏ ‏الأطباء‏ ‏المدربين‏ ‏لمواجهة‏ ‏مثل‏ ‏هذه‏ ‏الحوادث‏ ‏الخطيرة‏.‏
وهناك‏ ‏خطورة‏ ‏كبري‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏عدم‏ ‏مأمونية‏ ‏الدم‏ ‏و‏الإفتقار‏ ‏إلي‏ ‏التصوير‏ ‏التشخيصي‏ ‏و‏المختبرات‏ ‏السريرية‏ ‏دقيقة‏ ‏النتائج‏ ‏ليس‏ ‏فقط‏ ‏في‏ ‏المستشفيات‏ ‏العامة‏ ‏و‏المركزية‏ ‏و‏لكن‏ ‏أيضا‏ ‏في‏ ‏بعض‏ ‏مستشفيات‏ ‏القطاع‏ ‏الأهلي‏ ‏و‏الخاص‏.‏
إن‏ ‏ما‏ ‏يحدث‏ ‏في‏ ‏داخل‏ ‏مؤسسات‏ ‏الدولة‏ ‏من‏ ‏تسيب‏ ‏و‏عدم‏ ‏انضباط‏ ‏علي‏ ‏كافة‏ ‏المستويات‏ ‏و‏عدم‏ ‏الشفافية‏, ‏و‏تحكم‏ ‏الفرد‏ ‏في‏ ‏توجيه‏ ‏كافة‏ ‏الأمور‏, ‏و‏طرق‏ ‏إختيار‏ ‏القيادات‏ ‏علي‏ ‏جميع‏ ‏المستويات‏, ‏أدي‏ ‏إلي‏ ‏التنصل‏ ‏من‏ ‏المسئولية‏ ‏و‏التلاعب‏ ‏في‏ ‏عدم‏ ‏تطبيق‏ ‏القوانين‏ ‏واللوائح‏ ‏والمواصفات‏ ‏القياسية‏ ‏للمعدات‏ ‏و‏المواد‏, ‏وتكرار‏ ‏الشراء‏ ‏دون‏ ‏ضرورة‏ ‏واضحة‏ ‏بدون‏ ‏دراسات‏ ‏جدوي‏, ‏خاصة‏ ‏للمعدات‏ ‏الحديثة‏ ‏وباهظة‏ ‏السعر‏, ‏إلي‏ ‏جانب‏ ‏الإهمال‏ ‏المعيب‏ ‏في‏ ‏صيانة‏ ‏المعدات‏, ‏كل‏ ‏ذلك‏ ‏مع‏ ‏عدم‏ ‏تطبيق‏ ‏معايير‏ ‏الجودة‏ ‏ومعايير‏ ‏الأداء‏ ‏التي‏ ‏تسهل‏ ‏المتابعة‏ ‏والتقويم‏ ‏والمحاسبة‏ ‏وإنتشار‏ ‏المحسوبية‏ ‏وغياب‏ ‏العدالة‏ ‏مما‏ ‏أدي‏ ‏إلي‏ ‏إستمرار‏ ‏الشكوي‏ ‏وعدم‏ ‏الرضا‏ ‏عن‏ ‏الخدمات‏ ‏بين‏ ‏المواطنين‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏عدم‏ ‏وجود‏ ‏آذان‏ ‏صاغية‏ ‏تتصدي‏ ‏لحل‏ ‏المشكلات‏ ‏للمهمشين‏ ‏والأكثر‏ ‏إحتياجا‏.‏ ‏‏رؤية‏ ‏الحزب‏ ‏للسياسة‏ ‏الصحية‏ :‏
يتطلع‏ ‏الحزب‏ ‏إلي‏ ‏الوصول‏ ‏بالمواطن‏ ‏المصري‏ ‏إلي‏ ‏التمتع‏ ‏بصحة‏ ‏سليمة‏ ‏بدنية‏ ‏و‏عقلية‏ ‏و‏نفسية‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏من‏ ‏سهولة‏ ‏الوصول‏ ‏و‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏خدمات‏ ‏صحية‏ ‏ذات‏ ‏جودة‏ ‏عالية‏ ‏تتاح‏ ‏لجميع‏ ‏المواطنين‏ ‏بعدالة‏ ‏في‏ ‏حدود‏ ‏قدراتهم‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏تضمن‏ ‏الدولة‏ ‏حق‏ ‏الفقراء‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏بذات‏ ‏القدر‏.‏
مقومات‏ ‏السياسة‏ ‏الصحية‏ ‏للحزب‏
‏ أولا‏: ‏يؤمن‏ ‏الحزب‏ ‏بأن‏ ‏الحالة‏ ‏الصحية‏ ‏للمواطنين‏ ‏هي‏ ‏نتيجة‏ ‏مشتركة‏ ‏للخطط‏ ‏الإجتماعية‏ ‏و‏الإقتصادية‏ ‏و‏التعليمية‏ ‏و‏الثقافية‏ ‏للدولة‏ ‏إلي‏ ‏جانب‏ ‏النواحي‏ ‏الصحية‏, ‏وان‏ ‏الصحة‏ ‏هي‏ ‏مسئولية‏ ‏مشتركة‏ ‏بين‏ ‏الدولة‏ ‏و‏الأشخاص‏ :‏
فالفرد‏ ‏مسئول‏ ‏عن‏ ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏صحته‏ ‏بتبني‏ ‏السلوكيات‏ ‏الصحية‏ ‏السليمة‏ ‏و‏الإبتعاد‏ ‏عن‏ ‏ممارسة‏ ‏العادات‏ ‏الضارة‏ (‏التدخين‏ - ‏الادمان‏ - ‏العادات‏ ‏الغذائية‏ ‏المضرة‏) ‏و‏تبني‏ ‏ممارسة‏ ‏الرياضة‏ ‏البسيطة‏, ‏والنظافة‏ ‏الشخصية‏, ‏والحفاظ‏ ‏علي‏ ‏البيئة‏ ‏المحيطة‏. ‏وعلي‏ ‏المواطن‏ ‏أيضا‏ ‏إستخدام‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏المتاحة‏ ‏و‏المطالبة‏ ‏بحقه‏ ‏في‏ ‏ذلك‏ ‏و‏المشاركة‏ ‏مع‏ ‏الدولة‏ ‏في‏ ‏مراقبة‏ ‏الجودة‏ ‏و‏حسن‏ ‏الأداء‏.‏
وعلي‏ ‏الدولة‏ ‏تدعيم‏ ‏سعي‏ ‏المواطن‏ ‏إلي‏ ‏تبني‏ ‏السلوك‏ ‏الصحي‏ ‏بإتاحة‏ ‏المعلومات‏ ‏العلمية‏ ‏المبسطة‏, ‏من‏ ‏خلال‏ ‏برامج‏ ‏الدعوة‏ ‏و‏التثقيف‏ ‏لإذكاء‏ ‏الوعي‏ ‏لدي‏ ‏المواطنين‏. ‏كما‏ ‏تتولي‏ ‏الدولة‏ ‏خلق‏ ‏البيئة‏ ‏الداعمة‏ ‏لتعزيز‏ ‏الصحة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏توفير‏ ‏مياه‏ ‏نقية‏ ‏للشرب‏ ‏وصرف‏ ‏صحي‏ ‏مناسب‏ ‏بالقري‏ ‏والتأكد‏ ‏من‏ ‏مأمونية‏ ‏الهواء‏ ‏والحد‏ ‏من‏ ‏الإنبعاثات‏ ‏من‏ ‏وسائل‏ ‏النقل‏ ‏والمصانع‏ ‏ومنع‏ ‏استخدام‏ ‏المواد‏ ‏المسرطنة‏ ‏و‏الكيماوية‏ ‏في‏ ‏الزراعة‏, ‏والمتابعة‏ ‏والمحاسبة‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏عدم‏ ‏الإلتزام‏ ‏بالحفاظ‏ ‏علي‏ ‏صحة‏ ‏المواطنين‏. ‏كذلك‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏تشديد‏ ‏العقوبات‏ ‏المنصوص‏ ‏عليها‏ ‏بالقانون‏ ‏لردع‏ ‏الغش‏ ‏و‏الإنفلات‏ ‏أو ‏منع‏ ‏الدعم‏ ‏الغذائي‏ ‏الواجب‏ ‏تخصيصه‏ ‏للفقراء‏ ‏عنهم‏ ‏مع‏ ‏الضرب‏ ‏بشدة‏ ‏علي‏ ‏أيدي‏ ‏المتلاعبين‏ ‏بأقوات‏ ‏الناس‏ ‏و‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏مأمونية‏ ‏الغذاء‏ ‏مع‏ ‏مراقبة‏ ‏الأسعار‏ ‏و‏ضبطها‏ ‏لضمان‏ ‏حد‏ ‏أدني‏ ‏من‏ ‏الغذاء‏ ‏السليم‏ ‏بين‏ ‏الفقراء‏ ‏درءا‏ ‏لمخاطر‏ ‏سوء‏ ‏التغذية‏ ‏بينهم‏.
‏ ثانيا‏: ‏ضرورة‏ ‏إحداث‏ ‏أعلي‏ ‏درجات‏ ‏التنسيق‏ ‏و‏الترابط‏ ‏بين‏ ‏عناصر‏ ‏المنظومة‏ ‏الوطنية‏ ‏للخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏التي‏ ‏تضم‏ :
‏- ‏مقدمي‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏من‏ ‏أفراد‏ ‏و‏مؤسسات‏ ‏في‏ ‏القطاعين‏ ‏العام‏ ‏والخاص‏.‏ ‏- ‏هيئات‏ ‏المجتمع‏ ‏المدني‏ ‏ذات‏ ‏العلاقة‏ ‏بقطاع‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏من‏ ‏جمعيات‏ ‏أهلية‏ ‏و‏مراكز‏ ‏رعاية‏ ‏المعاقين‏ ‏ذهنيا‏ ‏أو‏ عضويا‏ ‏و‏النقابات‏ ‏المهنية‏ ‏القائمة‏ ‏علي‏ ‏تنظيم‏ ‏ممارسة‏ ‏المهن‏ ‏الطبية‏ ‏و‏الصيدلانية‏ ‏و‏المهن‏ ‏الطبية‏ ‏المساعدة‏.‏ ‏- ‏الجهات‏ ‏الحكومية‏ ‏القائمة‏ ‏علي‏ ‏تنظيم‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏ووضع‏ ‏الضوابط‏ ‏لممارسة‏ ‏مختلف‏ ‏وظائفها ‏- ‏مؤسسات‏ ‏التعليم‏ ‏و‏التدريب‏ ‏و‏التأهيل‏ ‏الطبي‏ ‏الحكومية‏ ‏و‏الخاصة‏.‏
‏- ‏وسائل‏ ‏الإعلام‏ ‏و‏الجمعيات‏ ‏و‏الهيئات‏ ‏المعنية‏ ‏بالتوعية‏ ‏بالقيم‏ ‏و‏الممارسات‏ ‏الصحية‏ ‏الصحيحة‏ ‏لمختلف‏ ‏نوعيات‏ ‏و‏مستويات‏ ‏المستفيدين‏.‏
ولتحقيق‏ ‏هذا‏ ‏التنسيق‏ ‏والترابط‏ ‏يدعو ‏الحزب‏ ‏الي‏ ‏إعادة‏ ‏تشكيل‏ ‏وتفعيل‏ "‏المجلس‏ ‏الأعلي‏ ‏للصحة‏" ‏ليتولي‏ ‏صياغة‏ ‏الإستراتيجية‏ ‏العامة‏ ‏للخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏العلاجية‏ ‏في‏ ‏البلاد‏ ‏و‏ضمان‏ ‏استقرارها‏ ‏من‏ ‏دون‏ ‏التأثر‏ ‏بتغيير‏ ‏وزراء‏ ‏الصحة‏ ‏بأن‏ ‏تكون‏ ‏مهامه‏ :-‏
‏* ‏تحديد‏ ‏الغايات‏ ‏والأهداف‏ ‏الإستراتيجية‏ ‏التي‏ ‏تحقق‏ ‏مطالب‏ ‏المجتمع‏ ‏في‏ ‏توفير‏ ‏مستوي‏ ‏من‏ ‏الخدمة‏ ‏الطبية‏ ‏يتسم‏ ‏بالكفاءة‏ ‏والجودة‏ ‏والاقتصاد‏.‏
‏* ‏تصميم‏ ‏الصورة‏ ‏الكلية‏ ‏المستهدفة‏ ‏لمنظومة‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏لسد‏ ‏الاحتياجات‏ ‏الحالية‏ ‏في‏ ‏المجتمع‏, ‏و‏إعداد‏ ‏الخطط‏ ‏المستقبلية‏ ‏لتطويرها‏ ‏و‏تنمية‏ ‏قدراتها‏ ‏بما‏ ‏يتوافق‏ ‏و‏توقعات‏ ‏زيادة‏ ‏الطلب‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏الخدمات‏ ‏و‏تنوع‏ ‏الاحتياجات‏ ‏و‏تغيرها‏ ‏مع‏ ‏حركة‏ ‏المجتمع‏ ‏و‏تطلعات‏ ‏أفراده‏ ‏وهيئاته‏. ‏والهدف‏ ‏المقصود‏ ‏هنا‏ ‏أن‏ ‏تضمن‏ ‏الهيئة‏ ‏القائمة‏ ‏علي‏ ‏إدارة‏ ‏المنظومة‏ ‏الوطنية‏ ‏أن‏ ‏كافة‏ ‏عناصرها‏ ‏موجودة‏ ‏و‏قادرة‏ ‏علي‏ ‏مباشرة‏ ‏وظائفها‏.‏
‏* ‏تصميم‏ ‏آليات‏ ‏التنسيق‏ ‏و‏التربيط‏ ‏بين‏ ‏عناصر‏ ‏المنظومة‏ ‏الوطنية‏ ‏للخدمات‏ ‏الصحية‏, ‏و‏ترويج‏ ‏أنماط‏ ‏المشاركة‏ ‏و‏طرح‏ ‏مبادرات‏ ‏الدمج‏ ‏بهدف‏ ‏تكوين‏ ‏كيانات‏ ‏تتوفر‏ ‏لها‏ ‏القدرات‏ ‏المناسبة‏ ‏لتكون‏ ‏أقدر‏ ‏علي‏ ‏تقديم‏ ‏خدمات‏ ‏أفضل‏ ‏بتكلفة‏ ‏اقتصادية‏ ‏و‏مستويات‏ ‏جودة‏ ‏لا‏ ‏تتوفر‏ ‏للكيانات‏ ‏الصغيرة‏ ‏و‏الهامشية‏ ‏مثل‏ ‏المستشفيات‏ ‏الصغيرة‏.‏
‏* ‏تحديد‏ ‏المعايير‏ ‏التي‏ ‏ينبغي‏ ‏علي‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏مختلف‏ ‏عناصر‏ ‏المنظومة‏ ‏الالتزام‏ ‏بها‏ ‏من‏ ‏حيث‏ ‏نوعيات‏ ‏الخدمات‏ ‏المصرح‏ ‏بها‏ ‏لكل‏ ‏مستوي‏ ‏من‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمة‏, ‏و‏أساليب‏ ‏تقديم‏ ‏الخدمات‏ ‏للمستفيدين‏, ‏و‏ضمان‏ ‏الوصول‏ ‏إلي‏ ‏الخدمات‏ ‏بيسر‏ ‏و‏بدون‏ ‏معاناة‏ ‏للمرضي‏ ‏و‏احترام‏ ‏حقوقهم‏ ‏و‏ذويهم‏ ‏في‏ ‏تلقي‏ ‏الخدمة‏ ‏بأحسن‏ ‏الأساليب‏, ‏و‏كذا‏ ‏تحديد‏ ‏أساليب‏ ‏تقدير‏ ‏أسعار‏ ‏المستويات‏ ‏المختلفة‏ ‏من‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏.‏
‏* ‏صياغة‏ ‏القوانين‏ ‏و‏التشريعات‏ ‏المنظمة‏ ‏لإنشاء‏ ‏و‏تشغيل‏ ‏مؤسسات‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏المختلفة‏, ‏و‏الأشكال‏ ‏القانونية‏ ‏المسموح‏ ‏بها‏, ‏و‏الشروط‏ ‏الواجب‏ ‏توفرها‏ ‏في‏ ‏القائمين‏ ‏عليها‏, ‏و‏مصادر‏ ‏التمويل‏ ‏و‏الضوابط‏ ‏الكفيلة‏ ‏بضمان‏ ‏سلامة‏ ‏المتعاملين‏ ‏معها‏ ‏من‏ ‏المرضي‏ ‏و‏طوائف‏ ‏المستفيدين‏ ‏المختلفة‏.‏
‏* ‏تصميم‏ ‏نظم‏ ‏وآليات‏ ‏متابعة‏ ‏أداء‏ ‏عناصر‏ ‏المنظومة‏ ‏و‏قياس‏ ‏مستويات‏ ‏الجودة‏ ‏و‏الفعالية‏, ‏و‏مدي‏ ‏الالتزام‏ ‏بالمعايير‏ ‏المعتمدة‏ ‏لمختلف‏ ‏أنواع‏ ‏الخدمات‏.‏
ثالثا‏: يجب‏ ‏أن‏ ‏يقتصر‏ ‏دور‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏والسكان‏ ‏علي‏ ‏ما يلي‏:
‏* ‏وضع‏ ‏السياسات‏ ‏و‏الأولويات‏ ‏للصحة‏ ‏علي‏ ‏مستوي‏ ‏الجمهورية‏, ‏مع‏ ‏الأخذ‏ ‏في‏ ‏الاعتبار‏ ‏أهمية‏ ‏تنفيذ‏ ‏البرامج‏ ‏القومية‏ ‏التي‏ ‏تعالج‏ ‏المشكلات‏ ‏الصحية‏ ‏التي‏ ‏تؤثر‏ ‏علي‏ ‏صحة‏ ‏المواطنين‏, ‏وضمان‏ ‏ترجمتها‏ ‏إلي‏ ‏خطط‏ ‏علي‏ ‏المستوي‏ ‏المحلي‏ (‏برامج‏ ‏المرأة‏, ‏الحفاظ‏ ‏علي‏ ‏المراهقين‏ ‏و‏الأطفال‏, ‏تنظيم‏ ‏الأسرة ‏..........)‏
‏* ‏تشكيل‏ ‏لجنة‏ ‏قومية‏ ‏مستقلة‏ ‏لمراقبة‏ ‏الجودة‏ ‏علي‏ ‏المستوي‏ ‏القومي‏ ‏ولاعتماد‏ ‏المؤسسات‏ ‏المنوط‏ ‏بها‏ ‏تقويم‏ ‏الخدمات‏, ‏تعاونها‏ ‏لجان‏ ‏فرعية‏ ‏بالمحافظات‏, ‏علي‏ ‏ألا‏ ‏تتبع‏ ‏اللجان‏ ‏جميعا‏ ‏لإشراف‏ ‏الحكومة‏ ‏و‏تفصل‏ ‏في‏ ‏منازعاتها‏ ‏اللجان‏ ‏العلمية‏ ‏الاستشارية‏ ‏المستقلة‏.‏
‏* ‏تضع‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏والسكان‏ ‏الخطط‏ ‏القومية‏ ‏لمواجهة‏ ‏الكوارث‏ ‏و‏الطوارئ‏ ‏و‏تتابع‏ ‏بإستمرار‏ ‏مستوي‏ ‏و‏كفاءة‏ ‏خدمات‏ ‏الطوارئ‏ ‏ومستوي‏ ‏تدريب‏ ‏العاملين‏ ‏فيها‏ ‏وتحديث‏ ‏طرق‏ ‏الاتصال‏ ‏والنقل‏ ‏والمراقبة‏, ‏ووضع‏ ‏الآليات‏ ‏التي‏ ‏تضمن‏ ‏سلامة‏ ‏عمليات‏ ‏نقل‏ ‏الدم‏ ‏ومشتقاته‏.‏
‏* ‏تضع‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏و‏السكان‏ ‏المؤشرات‏ ‏التي‏ ‏تتيح‏ ‏سيطرتها‏ ‏علي‏ ‏المتابعة‏ ‏و‏التقويم‏ ‏و‏ضبط‏ ‏الأداء‏. ‏إلي‏ ‏جانب‏ ‏توفير‏ ‏المعلومات‏ ‏القومية‏ ‏المطلوبة‏ ‏للقطاعات‏ ‏الأخري‏.‏
‏* ‏مراقبة‏ ‏مستوي‏ ‏التمويل‏, ‏والـتأكد‏ ‏من‏ ‏كفايته‏ ‏و‏زيادته‏ ‏عند‏ ‏الحاجة‏, ‏وبإستمرار‏, ‏للوفاء‏ ‏بتطلعات‏ ‏المواطنين‏, ‏و‏ذلك‏ ‏من‏ ‏مصادر‏ ‏التمويل‏ ‏المختلفة‏ ‏و‏أولها‏ ‏الحصول‏ ‏علي‏ ‏نسبة‏ ‏عادلة‏ ‏لقطاع‏ ‏الصحة‏ ‏من‏ ‏الناتج‏ ‏القومي‏ ‏لا‏ ‏تقل‏ ‏عن‏ 10% ‏منه‏.‏
‏* ‏دعم‏ ‏لا‏ ‏مركزية‏ ‏قياس‏ ‏الاحتياجات‏ ‏و‏التخطيط‏ ‏و‏التنفيذ‏ ‏و‏المتابعة‏ ‏بدءا‏ ‏من‏ ‏الإدارات‏ ‏المركزية‏ ‏ثم‏ ‏المحافظات‏, ‏سعيا‏ ‏إلي‏ ‏تحقيق‏ ‏التناسق‏ ‏والترابط‏ ‏بين‏ ‏فعاليات‏ ‏منظومة‏ ‏الصحة‏ ‏المحلية‏ ‏واحتياجات‏ ‏وتوجهات‏ ‏المواطنين‏ ‏بها‏ ‏وتقييم‏ ‏كفاءتها‏ ‏و‏فعاليتها‏ ‏و‏مدي‏ ‏نجاحها‏ ‏في‏ ‏خدمة‏ ‏التنمية‏ ‏المحلية‏ ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏الصدد‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏إنشاء‏ "‏مجلس‏ ‏أعلي‏ ‏محلي‏ ‏للصحة" ‏بكل‏ ‏محافظة‏ ‏ليباشر‏ ‏هذه‏ ‏المهام.
رابعا‏: ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الاجتماعي‏ ‏الشامل‏ ‏كأساس‏ ‏لتقديم‏ ‏الخدمة‏ ‏الصحية :
‏* يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏تطبيق‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الإجتماعي‏ ‏علي‏ ‏جميع‏ ‏المواطنين‏ ‏هو ‏السبيل‏ ‏الأنجح‏ ‏المتاح‏ ‏لضبط‏ ‏منظومة‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏, ‏مع‏ ‏إتاحة‏ ‏إختيار‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الخاص‏ ‏للقطاعات‏ ‏الراغبة‏ ‏في‏ ‏ذلك‏. ‏وينبغي‏ -‏في‏ ‏هذا‏ ‏السياق‏- ‏مراعاة‏ ‏زيادة‏ ‏الاعتمادات‏ ‏المخصصة‏ ‏للتأمين‏ ‏الإجتماعي‏ ‏بناء‏ ‏علي‏ ‏دراسات‏ ‏إكتوارية‏ ‏تلزم‏ ‏الدولة‏ ‏بتحمل‏ ‏تكلفة‏ ‏هذا‏ ‏التأمين‏ ‏للفقراء‏ ‏والمهمشين‏ ‏من‏ ‏أبناء‏ ‏الوطن‏, ‏وتضمن‏ ‏لهم‏ ‏نفس‏ ‏المستوي‏ ‏من‏ ‏التدخلات‏ ‏الطبية‏ ‏ذات‏ ‏الكفاءة‏ ‏العالية‏ ‏علي‏ ‏مستوي‏ ‏الخدمات‏ ‏الأولية‏ ‏و‏الثانوية‏ ‏و‏التخصصية‏. ‏يواكب‏ ‏ذلك‏ ‏إلغاء‏ ‏العلاج‏ ‏علي‏ ‏نفقة‏ ‏الدولة‏ ‏وتوجيه‏ ‏جميع‏ ‏الأموال‏ ‏للتأمين‏ ‏الصحي‏ ‏للقيام‏ ‏بمهمة‏ ‏علاج‏ ‏الفقراء‏ ‏بدون‏ ‏إرهاق‏ ‏لهم‏, ‏وبدون‏ ‏استغلال‏ ‏هذه‏ ‏اللافتة‏ ‏لعلاج‏ ‏القادرين‏ ‏و‏أصحاب‏ ‏السلطة‏ ‏و‏النفوذ‏ ‏و‏معارفهم‏. ‏ويجب‏ ‏ان‏ ‏ينظم‏ ‏السفر‏ ‏للخارج‏ ‏لتلقي‏ ‏العلاج‏ ‏بحيث‏ ‏يتم‏ ‏فقط‏ ‏في‏ ‏حالة‏ ‏عدم‏ ‏توفره‏ ‏بالداخل‏ ‏وتعتبره‏ ‏الدولة‏ ‏منحة‏ ‏لغير‏ ‏القادرين‏, ‏علي‏ ‏أن‏ ‏تمتنع‏ ‏الدولة‏ ‏عن‏ ‏تمويل‏ ‏ذلك‏ ‏العلاج‏ ‏بالخارج‏ ‏للقادرين‏ ‏عليه‏. ‏ويدعو‏الحزب‏ ‏القادرين‏ ‏إلي‏ ‏تولي‏ ‏الإنفاق‏ ‏علي‏ ‏أنفسهم‏ ‏حتي‏ ‏تتاح‏ ‏الفرصة‏ ‏للأكثر‏ ‏إحتياجا‏.‏
‏* ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏تطوير‏ ‏النظام‏ ‏الحالي‏ ‏للتأمين‏ ‏الصحي‏ ‏بدمجه‏ ‏في‏ ‏قانون‏ ‏التأمين‏ ‏الاجتماعي‏, ‏مما‏ ‏يحقق‏ ‏التنسيق‏ ‏و‏التكامل‏ ‏بين‏ ‏النوعين‏ ‏من‏ ‏التأمين‏, ‏و‏يجعل‏ ‏الرعاية‏ ‏والخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏عنصرا‏ ‏أساسيا‏ ‏في‏ ‏منظومة‏ ‏الرعاية‏ ‏الاجتماعية‏ ‏المتكاملة‏ ‏للمواطن‏. ‏و‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الاجتماعي‏ ‏إلزاميا‏ ‏لجميع‏ ‏الخاضعين‏ ‏لقانون‏ ‏التأمين‏ ‏الاجتماعي‏ ‏الحالي‏ ‏من‏ ‏العاملين‏ ‏في‏ ‏الحكومة‏ ‏و‏قطاع‏ ‏الأعمال‏ ‏العام‏ ‏و‏القطاع‏ ‏الخاص‏, ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏الفئات‏ ‏من‏ ‏غير‏ ‏العاملين‏ ‏مثل‏ ‏الطلاب‏ ‏و‏ربات‏ ‏المنازل‏ ‏و‏غيرهم‏ ‏من‏ ‏الفئات‏ ‏التي‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏ضرورة‏ ‏ضمها‏ ‏للاستفادة‏ ‏من‏ ‏نظام‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الاجتماعي‏ ‏و‏تلافي‏ ‏أوجه‏ ‏القصور‏ ‏الحالية‏.‏
‏* ‏ويري‏ ‏الحزب‏ ‏ضرورة‏ ‏إصدار‏ ‏قانون‏ ‏جديد‏ ‏للتأمين‏ ‏الصحي‏ ‏الاجتماعي‏ ‏يوحد‏ ‏التشريعات‏ ‏الحالية‏ ‏و‏يكفل‏ ‏تحسين‏ ‏مصادر‏ ‏التمويل‏ ‏ويمنح‏ ‏الهيئات‏ ‏المسئولة‏ ‏عن‏ ‏تنفيذه‏ ‏قدرا‏ ‏كافيا‏ ‏من‏ ‏المرونة‏ ‏علي‏ ‏أن‏ ‏تتولي‏ " ‏الهيئة‏ ‏القومية‏ ‏للتأمين‏ ‏الصحي‏ " ‏وضع‏ ‏أسس‏ ‏التعاقد‏ ‏مع‏ ‏المؤسسات‏ ‏الخدمية‏ ‏المختلفة‏ ‏و‏يقوم‏ ‏مع‏ ‏فروعه‏ ‏بالمحليات‏ ‏بالتفاوض‏ ‏علي‏ ‏ذلك‏. ‏ويتولي‏ "‏الصندوق‏ ‏الوطني‏ ‏للرعاية‏ ‏الصحية‏" ‏الذي‏ ‏ينشأ‏ ‏كصندوق‏ ‏مركزي‏ ‏يتبع‏ ‏رئيس‏ ‏مجلس‏ ‏الوزراء‏ ‏إدارة‏ ‏الأموال‏ ‏التي‏ ‏تخصصها‏ ‏الدولة‏ ‏لتمويل‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏العلاجية‏ ‏للمواطنين‏, ‏وإشتراكات‏ ‏المواطنين‏ ‏و‏ما‏ ‏تتحمله‏ ‏مؤسسات‏ ‏الأعمال‏ ‏و‏هيئات‏ ‏المجتمع‏ ‏المشاركة‏ ‏في‏ ‏نظام‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏عن‏ ‏العاملين‏ ‏بها‏ ‏و‏المؤمن‏ ‏عليهم‏ ‏وفقا‏ ‏للنظام‏, ‏و‏أي‏ ‏موارد‏ ‏أخري‏ ‏ينجح‏ ‏في‏ ‏الحصول‏ ‏عليها‏ ‏لتغطية‏ ‏نفقات‏ ‏العلاج‏ ‏للمواطنين‏. ‏ويجري‏ ‏التعاقد‏ ‏بين‏ "‏المجلس‏ ‏الأعلي‏ ‏المحلي‏ ‏للصحة‏ ‏بالمحافظة‏" -‏بالنيابة‏ ‏عن‏ ‏الصندوق‏- ‏وبين‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏العلاجية‏ ‏من‏ ‏مستشفيات‏ ‏و‏مستوصفات‏ ‏و‏معامل‏ ‏متخصصة‏ ‏و‏مراكز‏ ‏علاجية‏ ‏متخصصة‏ ‏وأطباء‏ ‏وأخصائيين‏, ‏علي‏ ‏أساس‏ ‏قوائم‏ ‏أسعار‏ ‏معتمدة‏ ‏لمختلف‏ ‏الخدمات‏ ‏و‏شروط‏ ‏معيارية‏ ‏لجودة‏ ‏الخدمات‏, ‏و‏بحيث‏ ‏يتقدم‏ ‏المواطنون‏ ‏المنتفعون‏ ‏بنظام‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏إلي‏ ‏تلك‏ ‏الجهات‏ ‏للحصول‏ ‏علي‏ ‏الخدمات‏ ‏المطلوبة‏ ‏بناء‏ ‏علي‏ ‏إحالة‏ ‏من‏ ‏طبيب‏ ‏الأسرة‏ ‏أو ‏طبيب‏ ‏الرعاية‏ ‏الأولية‏ ‏الذي‏ ‏تحدده‏ ‏هيئة‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏لكل‏ ‏مجموعة‏ ‏من‏ ‏المواطنين‏ ‏حسب‏ ‏التوزيع‏ ‏الجغرافي‏. ‏و‏تتم‏ ‏الاحالة‏ ‏إلي‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمات‏ ‏للرعاية‏ ‏الصحية‏ ‏من‏ ‏المستويات‏ ‏المختلفة‏ ‏حسب‏ ‏النظام‏ ‏المعتمد‏ ‏من‏ ‏هيئة‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏, ‏ويتولي‏ ‏فرع‏ ‏الصندوق‏ ‏في‏ ‏كل‏ ‏محافظة‏ ‏سداد‏ ‏قيمة‏ ‏المطالبات‏ ‏الواردة‏ ‏من‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ ‏و‏المعتمدة‏ ‏من‏ ‏هيئة‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏بالمحافظة‏.‏
‏* ‏بالنسبة‏ ‏للمشاركة‏ ‏في‏ ‏تكلفة‏ ‏الخدمات‏ ‏الصحية‏ - ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏إعفاء‏ ‏جميع‏ ‏المواطنين‏ ‏الذين‏ ‏يقل‏ ‏دخل‏ ‏الفرد‏ ‏السنوي‏ ‏لهم‏ ‏عن‏ 3000 ‏جنيه‏ (‏أي‏ ‏ما‏ ‏يعادل‏ ‏متوسط‏ ‏حد‏ ‏ادني‏ ‏مقترح‏ ‏للاجور‏ ‏بقيمه‏ : 214 ‏جنيها‏ ‏في‏ ‏الحكومة‏ ‏و‏قطاع‏ ‏الأعمال‏ ‏العام‏, ‏و312 ‏جنيها‏ ‏في‏ ‏القطاع‏ ‏الخاص‏ ‏اي‏ ‏ما‏ ‏قيمته‏ 263 ‏جنيها‏ ‏شهريا‏). ‏و‏يشارك‏ ‏المواطنون‏ ‏الذين‏ ‏يزيد‏ ‏الدخل‏ ‏السنوي‏ ‏للفرد‏ ‏منهم‏ ‏عن‏ ‏هذا‏ ‏الحد‏ ‏الأدني‏ ‏بنسبة‏ ‏من‏ ‏تكلفة‏ ‏العلاج‏ ‏تتراوح‏ ‏بين‏ 5% - 30% ‏وفق‏ ‏مستويات‏ ‏دخلهم‏ ‏والتي‏ ‏يصدر‏ ‏بتحديدها‏ ‏قرار‏ ‏من‏ ‏الهيئة‏ ‏الوطنية‏ ‏للصحة‏, ‏علي‏ ‏أن‏ ‏تتحمل‏ ‏الدولة‏ (‏ممثلة‏ ‏في‏ ‏الصندوق‏ ‏الوطني‏ ‏للرعاية‏ ‏الصحية‏) ‏و‏مؤسسات‏ ‏الأعمال‏ ‏و‏هيئات‏ ‏المجتمع‏ ‏المشاركة‏ ‏في‏ ‏نظام‏ ‏التأمين‏ ‏الصحي‏ ‏باقي‏ ‏التكلفة‏ ‏وفق‏ ‏نسب‏ ‏يصدر‏ ‏بها‏ ‏أيضا‏ ‏قرار‏ ‏من‏ ‏الهيئة‏ ‏الوطنية‏ ‏للصحة‏.‏
‏* ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏يتم‏ ‏التعاقد‏ ‏بالمشاركة‏ ‏الحقيقية‏ ‏لجميع‏ ‏القطاعات‏ (‏عام‏ - ‏خاص‏ ‏وأهلي‏) ‏أخذين‏ ‏في‏ ‏الاعتبار‏ ‏فقط‏ ‏جودة‏ ‏الخدمات‏ ‏و‏مستوي‏ ‏أداء‏ ‏العاملين‏ ‏طبقا‏ ‏لمعايير‏ ‏الجودة‏ ‏المتعارف‏ ‏عليها‏.‏
‏* ‏تلتزم‏ ‏الدولة‏ ‏بتغطية‏ ‏تكاليف‏ ‏علاج‏ ‏الفقراء‏ ‏و‏توفير‏ ‏المناخ‏ ‏البيئي‏ ‏الصحي‏ ‏فضلا‏ ‏عن‏ ‏الإلتزام‏ ‏القومي‏ ‏بالخدمات‏ ‏الوقائية‏ ‏و‏الترصد‏ ‏للأمراض‏ ‏السارية‏ ‏والمنقولة‏.‏
‏* ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أنه‏ ‏لن‏ ‏تتم‏ ‏التنمية‏ ‏الصحية‏ ‏إلا‏ ‏بتحقيق‏ ‏مستوي‏ ‏رفيع‏ ‏من‏ ‏النظم‏ ‏الإدارية‏ ‏للمنشئات‏ ‏الصحية‏ ‏والخدمات‏ ‏والأنشطة‏ ‏وترسيخ‏ ‏مبدأي‏ ‏الثواب‏ ‏و‏العقاب‏ ‏و‏المتابعة‏ ‏والتقويم‏ ‏علي‏ ‏أسس‏ ‏علمية‏ ‏وبشفافية‏, ‏مع‏ ‏الاهتمام‏ ‏برفع‏ ‏كفاءة‏ ‏الهندسة‏ ‏الطبية‏ ‏ومستوي‏ ‏صيانة‏ ‏الأجهزة‏ ‏و‏المعدات‏ ‏وتوفير‏ ‏الكوادر‏ ‏المؤهلة‏ ‏لذلك‏.‏
‏* ‏الإلتزام‏ ‏التام‏ ‏بإختيار‏ ‏القيادات‏ ‏ذات‏ ‏الخبرة‏ ‏و‏العلم‏ ‏و‏المشهود‏ ‏لها‏ ‏بالأمانة‏ ‏دون‏ ‏النظر‏ ‏إلي‏ ‏الوساطة‏ ‏و‏المحسوبية‏ ‏أو ‏البعد‏ ‏و‏القرب‏ ‏من‏ ‏القيادات‏ ‏العليا‏.‏
خامسا‏: ‏رفع‏ ‏كفاءة‏ ‏و‏مستوي‏ ‏أداء‏ ‏مقدمي‏ ‏الخدمة‏ ‏الطبية :
يجب‏ ‏إلقاء‏ ‏نظرة‏ ‏شاملة‏ ‏و‏عميقة‏ ‏علي‏ ‏التعليم‏ ‏الطبي‏ ‏و‏الصحي‏ ‏و‏إلزام‏ ‏المؤسسات‏ ‏التعليمية‏ ‏بتخريج‏ ‏دفعات‏ ‏تلبي‏ ‏إحتياجات‏ ‏المجتمع‏ ‏أولا‏ ‏و‏تكون‏ ‏علي‏ ‏مستوي‏ ‏معرفي‏ ‏و‏مهارات‏ ‏تقنية‏ ‏عالية‏. ‏و‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏سوف‏ ‏يسعي‏ ‏الحزب‏ ‏إلي‏ ‏تطوير‏ ‏التعليم‏ ‏الطبي‏ ‏علي‏ ‏كافة‏ ‏المستويات‏ ‏و‏الارتقاء‏ ‏بدور‏ ‏الطبيب‏ ‏في‏ ‏تنمية‏ ‏المجتمع‏. ‏كذلك‏ ‏سوف‏ ‏يدعو ‏الحزب‏ ‏إلي‏ ‏إعادة‏ ‏النظر‏ ‏في‏ ‏نظم‏ ‏الدراسات‏ ‏العليا‏ ‏بكليات‏ ‏الطب‏ ‏و‏برامج‏ ‏التدريب‏ ‏و‏نوعية‏ ‏الشهادات‏ ‏بالتعاون‏ ‏بين‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏و‏الجامعات‏ ‏و‏النقابات‏ ‏المعنية‏. ‏و‏يعتقد‏ ‏الحزب‏ ‏إعتقادا‏ ‏جازما‏ ‏أنه‏ ‏لا‏ ‏سبيل‏ ‏للإرتقاء‏ ‏بمهنة‏ ‏الطب‏, ‏بدون‏ ‏العمل‏ ‏علي‏ ‏رفع‏ ‏مستوي‏ ‏الأجور‏ ‏و‏الحوافز‏ ‏و‏البدلات‏ ‏و‏المكافآت‏ ‏للأطباء‏ ‏خاصة‏ ‏الشبان‏ ‏منهم‏, ‏حتي‏ ‏يتوفر‏ ‏لهم‏ ‏حد‏ ‏أدني‏ ‏من‏ ‏المعيشة‏ ‏اللآئقة‏ ‏التي‏ ‏تحفظ‏ ‏كرامتهم‏, ‏و‏يستطيعون‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏نفسه‏ ‏الوفاء‏ ‏بالتزماتهم‏ ‏لرفع‏ ‏مستوي‏ ‏أدائهم‏ ‏المهني‏ ‏بإستمرار‏ ‏بالاشتراك‏ ‏في‏ ‏البحوث‏ ‏و‏حضور‏ ‏المؤتمرات‏ ‏العلمية‏ ‏و‏مداومة‏ ‏الإطلاع‏.‏
سادسا‏: ‏سياسات‏ ‏قطاع‏ ‏الدواء‏ :
تحتل‏ ‏سياسات‏ ‏القطاع‏ ‏الدوائي‏ ‏و‏أهدافه‏ ‏ركنا‏ ‏أساسيا‏ ‏في‏ ‏فكر‏ ‏الحزب‏ ‏في‏ ‏قطاع‏ ‏الصحة‏, ‏خاصة‏ ‏أن‏ ‏أسعار‏ ‏الأدوية‏ ‏و‏فوضي‏ ‏سوق‏ ‏الدواء‏ ‏في‏ ‏مصر‏ ‏هي‏ ‏من‏ ‏المشكلات‏ ‏التي‏ ‏يعاني‏ ‏منها‏ ‏المواطن‏ ‏المصري‏ ‏و‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏فإن‏ ‏هناك‏ ‏مبادئ‏ ‏عامة‏ ‏تحكم‏ ‏فكر‏ ‏الحزب‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏الموضوع‏ :-‏
‏- ‏ضرورة‏ ‏الاستمرار‏ ‏في‏ ‏تشجيع‏ ‏الصناعات‏ ‏الدوائية‏ ‏المصرية‏ ‏و‏فتح‏ ‏مجالات‏ ‏الاستثمار‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏القطاع‏, ‏مع‏ ‏تعظيم‏ ‏إنتاج‏ ‏الدواء‏ ‏بسعر‏ ‏مرشد‏ ‏و‏مدعوم‏ ‏إذا‏ ‏لزم‏ ‏الأمر‏ ‏في‏ ‏حدود‏ ‏طاقات‏ ‏جهات‏ ‏الانتفاع‏ ‏و‏المرضي‏.‏ ‏- ‏مراجعة‏ ‏الصيغة‏ ‏الحالية‏ ‏المتفق‏ ‏عليها‏ ‏التي‏ ‏ترفع‏ ‏تكلفة‏ ‏الدواء‏ ‏علي‏ ‏المواطنين‏ ‏طبقا‏ ‏لمتطلبات‏ ‏ربحية‏ ‏شركات‏ ‏إنتاج‏ ‏الدواء‏ ‏و‏شركات‏ ‏التوزيع‏ ‏و‏ربحية‏ ‏صيدليات‏ ‏التوزيع‏, ‏و‏إجراء‏ ‏الترشيد‏ ‏اللازم‏ ‏للنزول‏ ‏بتلك‏ ‏النسب‏ ‏قدر‏ ‏الامكان‏.‏
‏- ‏تلافي‏ ‏حدوث‏ ‏أزمات‏ ‏و‏اختناقات‏ ‏في‏ ‏الأدوية‏ ‏بسبب‏ ‏الاختلال‏ ‏أو ‏القصور‏ ‏التمويلي‏ ‏أو ‏مشاكل‏ ‏بالانتاج‏ ‏أو ‏أية‏ ‏معوقات‏ ‏لوصول‏ ‏الدواء‏ ‏للمرضي‏ ‏المستحقين‏.‏
‏- ‏ترشيد‏ ‏استخدام‏ ‏الأدوية‏, ‏ويكون‏ ‏ذلك‏ ‏بعدة‏ ‏طرق‏ ‏منها‏ ‏علي‏ ‏سبيل‏ ‏المثال‏ ‏تخليق‏ ‏القوائم‏ ‏الأساسية‏ ‏للأدوية‏ ‏بأسمائها‏ ‏الكيماوية‏, ‏و‏القيام‏ ‏بالحملات‏ ‏الإعلامية‏ ‏اللازمة‏ ‏لترشيد‏ ‏أنماط‏ ‏الاستهلاك‏ ‏الدوائي‏ ‏بواسطة‏ ‏المرضي‏, ‏مع‏ ‏التحديث‏ ‏المستمر‏ ‏لقواعد‏ ‏البيانات‏ ‏والمعلومات‏ ‏الدوائية‏ ‏بدءا‏ ‏من‏ ‏مستوي‏ ‏الوحدات‏ ‏الصحية‏.‏
سابعا‏: ‏وضع‏ ‏سياسة‏ ‏جديدة‏ ‏لرفع‏ ‏مستوي‏ ‏التمريض‏ ‏و‏الخدمات‏ ‏المعاونة‏ ‏كعامل‏ ‏مهم‏ ‏في‏ ‏أداء‏ ‏الخدمة‏ ‏الطبية‏ ‏السليمة‏
:‏ لا‏ ‏يستطيع‏ ‏الحزب‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏يرصد‏ ‏ضعف‏ ‏مستوي‏ ‏أداء‏ ‏التمريض‏ ‏في‏ ‏معظم‏ ‏المستشفيات‏ ‏ووحدات‏ ‏الرعاية‏ ‏الصحية‏ ‏الأساسية‏ ‏نتيجة‏ ‏لأن‏ ‏معظم‏ ‏العاملين‏ ‏في‏ ‏المهنة‏ ‏هم‏ ‏من‏ ‏خريجات‏ ‏المدارس‏ ‏الفنية‏ ‏و‏مساعدات‏ ‏الممرضات‏ ‏و‏مساعدات‏ ‏المولدات‏. ‏فهم‏ ‏يشكلون‏ ‏حوالي‏ 80% ‏من‏ ‏عدد‏ ‏العاملين‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏, ‏وهناك‏ ‏نقص‏ ‏شديد‏ ‏في‏ ‏فئة‏ ‏الممرضات‏ ‏المهنيات‏ ‏خريجات‏ ‏كليات‏ ‏و‏معاهد‏ ‏التمريض‏ ‏العليا‏, ‏و‏بالتالي‏ ‏فإن‏ ‏هناك‏ ‏نقصا‏ ‏شديدا‏ ‏في‏ ‏مشرفات‏ ‏و‏مدرسات‏ ‏التمريض‏ ‏و‏الممرضات‏ ‏المتخصصات‏ ‏في‏ ‏فروع‏ ‏التخصص‏ ‏الدقيقة‏.‏
لذلك‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أنه‏ ‏نظرا‏ ‏للأهمية‏ ‏القصوي‏ ‏لمهنة‏ ‏التمريض‏ ‏لاستكمال‏ ‏الرعاية‏ ‏الصحية‏ ‏المتكاملة‏ ‏بكافة‏ ‏جوانبها‏ ‏فإن‏ ‏الحزب‏ ‏يري‏ ‏ضرورة‏ ‏إنشاء‏ ‏قانون‏ ‏جديد‏ ‏لتنظيم‏ ‏هذه‏ ‏المهنة‏ ‏يتفق‏ ‏مع‏ ‏المعايير‏ ‏العالمية‏ ‏في‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏, ‏ويراعي‏ ‏ما‏ ‏حدث‏ ‏فيه‏ ‏من‏ ‏تطورات‏ ‏اعتمدها‏ ‏المجلس‏ ‏الدولي‏ ‏للتمريض‏, ‏طبقا‏ ‏للاتجاهات‏ ‏الرئيسة‏ ‏المؤثرة‏ ‏علي‏ ‏الرعاية‏ ‏الصحية‏ ‏في‏ ‏القرن‏ ‏الواحد‏ ‏والعشرين‏ ‏كما‏ ‏حددتها‏ ‏منظمة‏ ‏الصحة‏ ‏العالمية‏ ‏أخيرا‏. ‏ويجب‏ ‏أن‏ ‏يتضمن‏ ‏هذا‏ ‏القانون‏ ‏إنشاء‏ ‏مجلس‏ ‏قومي‏ ‏للتمريض‏ ‏له‏ ‏من‏ ‏المسئوليات‏ ‏والسلطات‏ ‏القانونية‏ ‏ما‏ ‏يمكنه‏ ‏من‏ ‏القيام‏ ‏بمهامه‏ ‏و‏اختصاصاته‏ ‏في‏ ‏تنظيم‏ ‏المهنة‏ ‏في‏ ‏مدة‏ ‏محددة‏. ‏وفي‏ ‏هذا‏ ‏المجال‏ ‏فإن‏ ‏الحزب‏ ‏يري‏ ‏ضرورة‏ ‏اقتصار‏ ‏التعليم‏ ‏للتمريض‏ ‏علي‏ ‏مستويين‏ ‏فقط‏ : ‏التعليم‏ ‏الفني‏ ‏بالمعاهد‏ ‏الصحية‏ ‏المتخصصة‏ ‏بعد‏ ‏الثانوية‏ ‏العامة‏ ‏والتعليم‏ ‏الجامعي‏, ‏و‏يتم‏ ‏بشكل‏ ‏تدريجي‏ ‏إلغاء‏ ‏مدارس‏ ‏التمريض‏ ‏الفنية‏ ‏القائمة‏ ‏الآن‏ ‏وفي‏ ‏خلال‏ ‏مدة‏ ‏زمنية‏ ‏محددة‏. ‏كذلك‏ ‏فإن‏ ‏علي‏ ‏وزارة‏ ‏الصحة‏ ‏استمرار‏ ‏دعم‏ ‏التدريب‏ ‏العلمي‏ ‏والعملي‏ ‏المستمر‏ ‏لكوادر‏ ‏هيئات‏ ‏التمريض‏ ‏بالداخل‏ ‏والخارج‏, ‏بوضع‏ ‏نظام‏ ‏لبعثات‏ ‏خارجية‏ ‏لإعداد‏ ‏قيادات‏ ‏تمريضية‏ ‏عالية‏ ‏المستوي‏ ‏وللتدريب‏ ‏علي‏ ‏التخصصات‏ ‏الاكلينيكية‏ ‏الدقيقة‏. ‏ويعتقد‏ ‏الحزب‏ ‏إعتقادا‏ ‏راسخا‏ ‏بأن‏ ‏ذلك‏ ‏كله‏ ‏لابد‏ ‏أن‏ ‏يكون‏ ‏في‏ ‏إطار‏ ‏تحسين‏ ‏ظروف‏ ‏العمل‏ ‏والمعيشة‏ ‏للممرضات‏, ‏وتوفير‏ ‏الموازنات‏ ‏اللازمة‏ ‏لرفع‏ ‏مستوي‏ ‏الأجور‏ ‏والحوافز‏, ‏مع‏ ‏التأكيد‏ ‏علي‏ ‏دور‏ ‏الاعلام‏ ‏في‏ ‏تغيير‏ ‏الصورة‏ ‏النمطية‏ ‏عن‏ ‏هذه‏ ‏المهنة‏ ‏النبيلة‏ ‏والحيوية‏ ‏للمجتمع‏. ‏كذلك‏ ‏يري‏ ‏الحزب‏ ‏أنه‏ ‏يمكن‏ ‏مساهمة‏ ‏القطاع‏ ‏الخاص‏ ‏والمجتمع‏ ‏المدني‏ ‏ومنظماته‏ ‏غير‏ ‏الهادفة‏ ‏للربح‏ ‏في‏ ‏تمويل‏ ‏إنشاء‏ ‏معاهد‏ ‏تمريضية‏ ‏خاصة‏ ‏بالاستعانة‏ ‏بخبرات‏ ‏عالمية‏.

التعليم والبحث العلمى
مقدمة :
حول الوضع الحالى للتعليم فى مصر:
يتعرض التعليم فى مصر لنقد مجتمعى شديد، وتتصاعد حدة عدم الرضا عن نظمه وآلياته ومخرجاته على كافة المستويات . ومن أخطر النتائج المترتبة على تدهور المنظومة التعليمية - والتى قد تكون ايضا من أسبابه - تغير نظرة المواطنين الى التعليم من كونه مصدرا للعلم والمعرفة، وتمكين الفرد من اكتساب المهارات اللازمة لمواجهة متطلبات الحياة العملية، الى اعتباره وسيلة للحصول على شهادة تكون مسوغا للتعيين فى وظيفة حكومية أو أداة للبحث عن وظيفة خارج البلاد. وبذلك تدنت نظرة المواطنين الى المؤسسات التعليمية - خاصة الرسمية أو الحكومية - وشاعت بينهم ظواهر سلبية تستهدف تعويض ما يستشعرونه من نقص فى تلك المؤسسات مثل الدروس الخصوصية والغش فى الامتحانات والذى قد يتخذ شكلا جماعيا.
وقد تجلى فقدان المواطنين - خاصة من الطبقات العليا وفريق من الطبقة الوسطى - للثقة فى مؤسسات التعليم الرسمية، فى زيادة إقبالهم على إلحاق أولادهم بالمدارس والمعاهد العليا والجامعات الخاصة. وشاع الإقبال على ما يسمى "مدارس اللغات" التى يجرى التعليم فيها بلغة أجنبية، وبعضها يقدم المناهج التعليمية الأجنبية المؤدية للحصول على شهادات أ جنبية مثل الشهادة البريطانية والدبلومة الأمريكية والشهادة الألمانية والكندية وغيرها.
كذلك يتجلى تدنى المستوى التعليمى فى افتقاد المؤسسات التعليمية لأى صلات ذات معنى مع المجتمع المحلى، وبذلك تصاعدت حدة الفجوة بين ما يقدمه النظام التعليمى من مناهج ومقررات وبين ما تحتاجه مؤسسات المجتمع ومتطلبات الاحتياجات المهنية المعاصرة.
وتسود النظام التعليمى المصرى الآن مجموعة من الظواهر غير الصحية تتركز فى غلبة الدراسات النظرية فى التعليم الثانوى العام وفى الجامعات والمعاهد العليا، وتفاقم الثنائيات التعليمية حيث يوجد جنبا الى جنب تعليم رسمى / تعليم خاص، تعليم عام / تعليم فنى، تعليم وطنى / تعليم أجنبى ، تعليم مدنى / تعليم دينى .
وفى حين يتميز التعليم الحديث، نظرا لتعقد وتنوع مصادر المعرفة وأوعيتها، والثورة الحديثة فى الاتصالات والتكنولوجيا بأنه : مركب، متعدد، مرن، مثير فان التعليم فى مصر يبدو بسيطا ، يتلخص فى معلم وكتاب وسبورة واربعة جدران، ومادة تعليمية جافة وقديمة عفا عليها الزمان، المدرس يقرأ أو يشرح والتلاميذ يسمعون، المدرس يملى والتلاميذ يكتبون ، ثم يحفظون ماسمعوه أو كتبوه. ويضعونه على ورقة الامتحان. وينتهى كل شيئ . وليس هناك ابسط من هذا .
ولكن تلك البساطة لم تعد تتناسب مع اى تعليم حقيقى وعصرى وفعال، فلم تعد المعارف قليلة أو محدودة، والفروق الفردية بين التلاميذ تزداد اتساعا وحدة، وحاجات المجتمع تتغير وتختلف من آن لآخر، ولم يعد التدفق يطال المعلومات الجديدة فقط، بل أن هناك علوما جديدة، وعلوما بينية تظهر باستمرار عاما بعد عام. واصبح من المسلم به فى نظم التعليم الحديثة أن تعليم طرق البحث، ومنهجية التفكير، وتعزيز ملكات النقد والتحليل، أهم بكثير من كمية المعلومات التى نستطيع أن نجبر التلاميذ على حفظها وترديدها عن ظهر قلب كأنها نصوص مقدسة.
وكان من المنطقى ان ترتبط تلك البساطة برخص التكاليف، فالمبنى المدرسى يتم مرة واحدة، والمقاعد الخشبية قد لا تتجدد لسنوات طوال، ومعلم يتقاضى مرتبا هزيلا لا يسمن ولايغنى من جوع. واذا كان متوسط تكاليف تعليم التلميذ المصرى كما تقول الاحصاءات الرسمية يعادل 168 دولارا (مائة وثمانية وستون دولارا) . فالمعروف ان مايزيد على ثمانين بالمائة من تلك القيمة تذهب مباشرة الى مرتبات واجور المعلمين ، ولا يتبقى بعد ذلك شيئ ذو قيمة للانفاق على الانشطة المدرسية ووسائل الايضاح والمكتبات والمعامل، والكمبيوتر وشبكات المعلومات وغيرها من الاوعية المعرفية، وهى كلها مصادر لاغنى عنها لأى تعليم عصرى ومنتج .
من ناحية أخرى ، فقد اهتمت الدولة منذ عقود بجعل النظام التعليمى تحت سيطرتها الكاملة، وبمعزل عن المدارس والتيارات السياسية المختلفة ، فحرمت اى انشطة سياسية للطلاب أو للمعلمين داخل المدارس . واصبحت موافقة الأمن احد أهم شروط التعيين فى وظائف التدريس . وانعدمت علاقات التفاعل بين المدرسة والمجتمع، واصبح من غير الممكن ان تقيم المدرسة اى نشاط ثقافى بدون موافقة الأمن. واصبحت الادارة تمتلك صلاحيات هائلة لتحديد من يدخل الى المدرسة من زوار ، حتى ولو كانوا من أولياء أمور الطلاب. وقد تجاوزت "الاعتبارات الامنية والسياسية" الأنشطة والمناخ المدرسى، إلى المناهج التعليمية نفسها، فأغفلت الاشارة الى فلسفات سياسية أو زعماء تاريخيين أو حتى أحداث تاريخية ، ترى السلطة - منذ عقود - ان فى ذكرها ما يتعارض مع هيمنتها على الدولة والمجتمع. واصبحت السلطة - فى المحصلة النهائية - تنظر الى عقل الطالب باعتباره كيانا أو دعاء لابد من التحكم الكامل فى مدخلاته، لكى يمكن التنبؤ بسهولة بمخرجاته.
واخيرا ، وفى حين أصبح التعليم الحديث عملية اجتماعية وانسانية شاملة تساهم فيه العديد من المؤسسات كالنقابات ومراكز البحوث، وجماعات الآباء أو مجالس الامناء، وغيرهم ، فان نظام التعليم المصرى مازال يرفض أو بالاحرى يخشى من توزيع المسئولية عن التعليم، ، ويحرص بأقصى مايكون الحرص على ما يمكن ان يسمى (اغلاق) العملية التعليمية التي تستهدف فى المقام الأخير تأكيد قبضة السلطة على العملية التعليمية .
إن تدنى مستوى جودة المنظومة الوطنية للتعليم هو أحد أبرز ملامح الهم الوطنى العام، والشغل الشاغل لملايين الأسر المصرية التى تعانى من مشكلات عدم قدرة المنظومة الحالية على الوفاء بمتطلبات تعليم أبناءها بمستوى الجودة والجدية المأمولة، لما يسببه من قلق ألا يحقق هؤلاء الأبناء المجموع المناسب فى امتحان شهادة الثانوية العامة مما يهدد فرصهم فى الالتحاق بالجامعات. وترتبت على تلك المخاوف نتائج خطيرة بالنسبة لفكرة التعليم فى ذاتها، فضلا عن تأثيراتها على الاقتصاد والمجتمع. وتتمثل أهم تلك التأثيرات السالبة فيما يلى :
- انصراف الطلاب عن الانتظام فى الدراسة بالمدارس وتحولهم الى طلب المعونة من مدرسيهم أو أخرين غيرهم يمارسون تجارة "الدروس الخصوصية" بكل آثارها السلبية التربوية والاقتصادية، وتدميرها لوظيفة المدرسة والدرس .

ليست هناك تعليقات: